No Script

قيم ومبادئ

الله يعذر بالجهل (2)

تصغير
تكبير

العذر بالجهل يحكمه أصلان في الإسلام:
الأصل الاول: أنه لا تكليف للعباد إلا بالشرع المنزل.
الأصل الثاني: أن الشرع المنزل لا يلزم الجاهل به.


 والدليل من القرآن قوله تعالى عن أصحاب موسى حين وقعوا بالكفر وهم جهلة لا يعلمون {قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (الاعراف: 138).
فهنا أخبرهم موسى عليه السلام أنهم جهلة بسبب طلبهم هذا وعذرهم بالجهل، كما عذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه حين قالوا اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، وهي شجرة كانت العرب تعلق عليها سيوفها رجاء بركتها وحصول النصر على الأعداء، وأما الدليل من السنة على العذر بالجهل حتى لو وقع الانسان بالكفر فإنه يعذر ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت قال لبنيه إذا أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح فو الله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما عذبه أحد، فلما مات فعل به ذلك، فأمر الله الارض فقال اجمعي ما فيك منه فاذا هو قائم فقال له الله ما حملك على ما صنعت؟ قال يا رب خشيتك فغفر له).
 فهذا الرجل ظن أن الله لن يقدر عليه إذا تفرق هذا التفرق، فظن أنه لا يعيده إذا صار كذلك لكنه كان مع إيمانه بالله وإيمانه بأمره وخشيته منه جاهلا بذلك ضالا في هذا الظن مخطئا فغفر له ذلك، وهو قد شك في قدرة الله وفي اعادته اذا أصبح رميما وهذا كفر باتفاق المسلمين، لكنه كان جاهلا لا يعلم ذلك وكان مؤمنا يخاف الله ان يعاقبه فغفر له بذلك.
 وقال صلى الله عليه وسلم: يُدرس الاسلام كما يدرس وشي الثوب (وشي الثوب لونه ونقشه ونسجه) حتى لا يُدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة؟ وليُسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله الا الله؟ وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فقال صله (راوي الحديث): ما تنفعهم لا اله الا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة ثم ردها عليه ثلاثاً كل ذلك يعرض عنه حذيفة ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة تنجيهم من النار.
 وهذا الحديث درس كبير للدعاة الى الله أن يراعوا ظروف الناس قبل اطلاق الأحكام عليهم وخاصة في مسائل التكفير بالجملة من دون تروٍ ومن دون بصيرة، يقول شيخ الاسلام ابن تيمية: وكثير من الناس ينشأ في الامكنة والازمنة التي يندرس فيها الكثير من علوم النبوات حتى لا يبقى من يبلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة فلا يعلم كثيراً مما بعث الله به رسوله ولا يكون هناك من يبلغه ذلك ومثل هذا لا يكفر ولهذا اتفق الأئمة على ان من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والايمان كان حديث العهد بالإسلام فأنكر هذه الأحكام الظاهرة المتواترة فانه لا يحكم بكفره حتى يعرف ما جاء به الرسول.

dr.aljeeran2017@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي