No Script

قدمتها هيفاء السنعوسي ضمن فعاليات «القرين الثقافي»

«يا زمان الوصل بالأندلس»... فضاء إنساني بإسقاط سياسي معاصر

تصغير
تكبير
قدمت الأديبة الدكتورة هيفاء السنعوسي أستاذة الأدب والتحليل النفسي بجامعة الكويت- ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي السنوي- ليلة أندلسية، على مسرح مكتبة الكويت الوطنية، وضمت مونودراما بعنوان «يا زمان الوصل بالاندلس» وهي مونودراما إنسانية تطرق بوابة البعد الإنساني والتعرية السياسية، بإضاءتها عتمة سجن واغتيال السياسي والشاعر والطبيب الأندلسي الغرناطي لسان الدين ابن الخطيب صاحب الموشحة الشهيرة «جادك الغيث».

وقدمت السنعوسي فيها أبعادًا سياسية وإنسانية تنسحب إلى عصرنا الحالي بكل إسقاطاته. وقد أضاءت على هذا العبقري المنكوب، ودخلت دهاليز حياته، ورصدت مشاعره الصاخبة بالألم النفسي والقهر والظلم وبصفة خاصة نهاية حياتة المؤلمة التي قضاها في السجن ، وقد شهد فيها الحضور عبر مخيلة السنعوسي لقطات مأساوية تغوص في أعماق نفسيته.

واهتمت باستنطاق هذا العبقري القادم من العصر الأندلسي بشكل عميق في محاكاة واقعية ومؤلمة تشير بأصابع الاتهام لقضايا انسانية وسياسية معاصرة، فكانت رمزًا يتناثر في زوايا عدة سياسية واجتماعية ونفسية وإبداعية. وقد كتبت السنعوسي خواطر شعرية غلب عليها عنصر الحكي لتسهم في سرد الحكاية بطريقة مشوقة. ورغم قصر العرض المسرحي المونودرامي الذي لم يتجاوز الـ 30 دقيقة ، إلا أنه كان كثيفاً جدًا في البعد المضموني والرمزي المطروح.

وقد حاولت السنعوسي التجديد في تقديم وإخراج هذه الحكاية الغرناطية بأن جمعت بين ثلاث أصناف إبداعية، هي فن الحكواتية والمونودراما والإنشاد. هذا اختارت السنعوسي، الفنان المسرحي المصري وائل زكي الذي لفت انتباه الحضور بأدائه الاحترافي لشخصية ابن الخطيب، وقد سبق له أن قام بدور بطولي لمونودراما من كتابها «وجوه لا تعرف الضوء» وتحمل عنوان «صوت الحواجز»، على مسرح مكتبة الاسكندرية في العام الماضي. وأدخلت شابا مغربيا هو أيوب الخاضري ليقوم بدور الحكواتي قبل بدء المونودراما والذي دخل خلف الحضور بشكل مفاجىء لافت للانتباه.

كما أدخلت عنصر الإنشاد من خلال ثلاثة منشدين من المغرب هم عبدالرفيع بنونة وطه الزين وأيوب لقسومي الذين تغنوا بخواطرها الشعرية والتي أسهمت بدورها في سرد الحكاية. وقد بدأ المنشدون ترديد:

قلوبنا تردد الأنشودة

حكاية منسية مفقودة

في عمق كهوف الظلام

تنسجها النفوس الحقودة

وتعانقها وجوه اللئام

وفي موضع آخر جاءت خاطرة شعرية أخرى للسنعوسي لتصف فيها عمق مأساة الواقع الظالم والمحبط بقولها على لسان المنشدين:

أين المفر؟ أين المفر؟

وجب الحذر، وجب الحذر

من قال إنه كفر؟

ومن الخطيئة انحدر

ذاك الحسد جلب القدر

والظلم في ضوء القمر

شنق الحقيقة واستتر

ذاع الخبر بين البشر

لسان الدين قد كفر

آن الأوان للهروب

فقد تعاظمت الخطوب

وأسندت السنعوسي تلحين خواطرها الشعرية للمنشد أيوب لقسومي، الذي أبدع. وهكذا كان لهذا التنوع في تقديم هذه الحكاية الغرناطية أثر كبير في نفوس الحضور الذي أبدى إعجابه الشديد بالعرض بتفاصيله الجاذبة على مستوى شكلي ومضموني.

وجاءت الشابة المبدعة المهندسة رزان أحمد العوده لتقدم إبداعها في مسار السينوغرافيا في تلك الليلة الأندلسية، فأعطت بعدًا عميقًا متجذرا في تلك الأحداث، فقد تألقت بلمساتها في الديكور الرمزي ، كما تفوقت في الإضاءة المتعدده الألوان التي عزفت نغماتها على مستوى أحاسيس وانفعالات وتحركات الشخصية على خشبة المسرح.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي