وأنا صغير، كنت أعتقد أنَّ المعلومات التي اقرأها في الكتب هي أمورٌ مسلَّمةٌ، لا شك فيها... حتى رأيت الإعلام الحديث وعرفت أننا لا نستطيع التأكد من خبر بسيط وقع على بعد مئات الكيلومترات من مكاننا. ولعل أبرز ما كان يشغل بالي أثناء قراءتي للكتب، هو سبب خروج الحسين بن علي في ثورته متجهاً إلى العراق، فعرفت أنه ثار على سلطة سياسية فاسدة آنذاك، وذهب متسلحاً بما يحمله من علم وفقه ومكانة عظيمة في الإسلام. والسؤال هنا: ماذا لو كان الحسين بن علي - رضي الله عنه - بيننا وثار على نظام فاسد في بلاد المسلمين؟
إن بعض من يبكي اليوم على الحسين؛ لأنه قتل بوحشية وبشاعة، تجده يصفق لطاغية في الأرض يقتل ويشرد شعبه، بل ويتمادى إلى أن يبرر أفعاله ويجعلها مقدسة لا نقاش فيها، إننا أخذنا من الحسين مأساته ونسينا كيانه.
إنَّ المبادئ التي خرج من أجلها الحسين هي مبادئ جده وأبيه وصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهي التي من المفترض أن تكون منهجا إنسانيا لإرساء العدل والحق.