No Script

لماذا أكتب هذا المقال؟

No Image
تصغير
تكبير

في أبريل عندما دعيت من قبل مكتبة «ذات السلاسل» لألقي ندوة بعنوان «لماذا أكتب؟» فكرت بالعنوان فمررت بحالة صمت لبرهة، سؤال عميق ربما لم أفكر به كثيراً فقد ولدت من رحم الكلمات، لم أمارس شيئاً بشغف كالكتابة، ولم أحب شيئاً كحبي للكتابة، إنها بالنسبة إليّ الحياة هكذا ببساطة.
وعندما أقرأ لزملائي وزميلاتي الكتاب أجد أنهم خلقوا من الصمت كلمات، تشعر القارئ بالأمان لأنه يخبرهم: هناك من يشعر بك، إنه يشاركهم أفراحهم وأحزانهم في لحظات الحب والوداع، الفقد والحروب، الصداقة والأمل، إنه بين الأوراق يسكن مع كل قراء هذا العالم أينما كانوا.
إنهم لم يُخلقوا كي يهدروا الوقت في صنع عمل مسرحي أو فيلم ينسى، أو كتاب غير مهم، بل خلقوا ليذكروا الناس بأنهم يستحقون الحياة وأن للحياة طريقا آخر.
إنني أكتب كي أخلق ضوءا في العتمة، كي يقرأني الغريب فيشعر بالوطن، كي يقرأني المحبط فيشعر بالأمل، كي يفهم نفسه الضائع والفاقد والمحب.
أكتب حتى أنقذ العالم من جبروت ذاته، من حكم القوة والسلطة، ومن جنون المثالية والرغبة في الكمال.
حتى أنقذ الكلمة من الضياع وسط العولمة.
أكتب كي أفهم نفسي أيضاً في مدينة اللاشعور واللاحب والزيف.
أكتب كي أقرأني كي أجد ما يشبهني، فلاشيء يبقينا على قيد الحياة سوى الحب والكتابة.
ثم بدأت بالحديث عن كتابي الأخير أكثر من حياة وهي مجموعتي القصصية الأولى.
في هذا الكتاب والذي يحتوي على 22 قصة أي 22 حياة لأكثر من شخص وهذا سبب تسمية الكتاب بهذا الاسم لأن كل منا يعيش حياة مختلفة عن الآخر، فحياتي تختلف عن حياتك، وحياتك تختلف عن حياة الشخص الذي يجلس الآن بجانبك، نحن لا نجتمع في حياة واحدة.
لذلك هناك مفارقات اجتماعية واضحة في الكتاب يمكنك أن تقرأ قصة حياة شخص مقتدر وآخر فقير، قصة حياة امرأة متزوجة ورجل آخر متزوج، وقصة فتاة لم تتجاوز العشرين من عمرها.
كما أن تجربتي السابقة في كتابة الشعر ساعدتني في إضافة اللغة الشعرية على القصة والتي تضفي عليها جمالاً وتأثيراً في النفس.
سبب اختياري لأدب القصة القصيرة أنها تركز على الموقف والحدث أكثر من الأبطال، البطل في القصة القصيرة هو الحدث، إنك تتمشى في حديقة وتنظر إلى شجرة أو حجر لن تفكر ماذا كان قبل ذلك أو ماذا سيكون... في القصة القصيرة نحن نصف الشجرة والحجر إلى ألا تبدو كأي شجرة أو حجر آخر
يمكنني مثلا أن اكتب عن معاناة عامل النظافة في مقال كما أستطيع أن أكتب عن معاناة امرأة مغتصبة في قصيدة وأكتفي، لكنك في القصة تستطيع أن تعيش حياتهم تفكر بما يفكرون وتشعر بما يشعرون.
تخيل معي أن تعيش حياة أخرى لم تعشها هل ستفكر مثلهم هل ستشعر كما يشعرون عندما تقرأ الكتاب ستعرف ذلك.
في النهاية القصة القصيرة كأي عمل فني لا يكون مميزاً إلا إذا كان رمزاً وتعبيراً صحيحاً عن حقيقة.

sahar.gh.b.a@hotmail.com
Instagram: @saharbnali

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي