No Script

ترامب «يقود» العالم من واشنطن

ماذا يريد العرب... من ساكن البيت الأبيض؟

تصغير
تكبير
مع تغير الإدارة الديموقراطية الأميركية ووصول الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بات من المؤكد تغير سياسات واشنطن، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.

ووسط التغييرات المنتظرة تسعى الدول العربية لتحقيق أقصى مكاسب، في ظل التناقض الواضح في موقف الإدارة الجديدة عن موقف نظيرتها السابقة التي قادها الرئيس باراك أوباما.

وقد لاقت تصريحات ترامب، بعدم التدخل مطلقاً في الشؤون الداخلية لأي دولة، ارتياح دول عديدة عانت كثيرا من تدخل واشنطن في شؤونها الداخلية. كما لاقت تصريحات الرئيس الجديد وإعلانه محاربة الإرهاب والقضاء عليه، ارتياحا في عدة دول، خصوصاً مصر وسورية.

فالقاهرة شنت خلال السنوات القليلة الماضية حربا ضروسا على الإرهاب لم تنته حتى الآن ولاسيما في سيناء. ودمشق هي الأخرى تعاني ويلات الحرب منذ سنوات، وغيرهما العديد من الدول العربية - العراق وليبيا واليمن - وجاءت تصريحات ترامب بمثابة «قبلة حياة» لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، خصوصاً مع اتجاه ترامب لمحاربة تنظيم «داعش».

القضية الفلسطينية، ورغم كونها «المحور الأهم» على الصعيد العربي، إلا أنها لن تكون محور العلاقات العربية - الأميركية في ظل تعهد الرئيس الأميريكي الجديد، بالمحافظة على أمن إسرائيل ومهاجمته للسلطة الفلسطينية، وأيضا مع وعده بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وهو ما سيعني القضاء على «حل الدولتين».

«الراي»، ومع هذه التغيرات طرحت تساؤلات عدة، ولعل أهمها ماذا يريد العرب من ساكن البيت الأبيض، الجديد؟

يرى أن ترامب «لا يريد التخلص من الأسد»

عاطف الغمري لـ «الراي»: خريطة الشرق الأوسط تغيّرت

قال المحلل السياسي ومدير مكتب صحيفة «الأهرام» في واشنطن سابقاً الكاتب الصحافي عاطف الغمري، إن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب «لم يعلن حتى الآن عن مبادئ سياسته الخارجية»، مؤكداً أن «المئة يوم الاولى بعد تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة ستظهر رؤيته للاوضاع وكيفية إدارته للعالم الخارجي».

وأضاف الغمري في تصريحات لـ «الراي»، إن «خريطة الشرق الاوسط تغيرت، وظهرت تحالفات وتغيرات في المناطق الاقليمية في دول التحالف الاوروبي والصين، ما سيؤثر في الامن القومي الأميركي»، مضيفاً أن الرئيس الأميركي «لم يعتمد على الخبراء المتخصصين أو ما يطلق عليهم النخبة، وهذا الأمر يمثل مشكلة واجهته بكثرة أثناء انتخابه، ومن انتخبوه كانوا رافضين للنخبة التى كان لها نفوذ في إدارة السياسة الأميركية بشكل مستمر، وهذا ما أظهرته أحد استطلاعات الرأي التي طالبت بإن يكون هناك متخصصون من خارج النخبة السياسية».

وعن رؤيته لتحركات الإدارة الجديدة، لاسيما تجاه الدول العربية، يقول الغمري: «الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب تختلف تماما عن الرؤساء السابقين، وبالتالي يتوقع أن يكون هناك تغيير تجاه قضايا الشرق الأوسط وربما يتعاون ترامب مع روسيا لمحاربة داعش والجماعات الارهابية».

ويرى الغمري من ناحية ثانية، ان «ترامب يساند نظام بشار الاسد في سورية، فالرئيس الاميركي لا يميل إلى التخلص من بشار في الوقت الحالي، لانه يرى أن نظام بشار حليف لروسيا، ومن ثم فهو يريد إقامة منطقة عازلة أو آمنة داخل سورية».

وتابع موضحاً: «وهذا يحتاج إلى إنفاق، لذلك يطالب دول الخليج بتمويل بناء هذه المنطقة... الادارة الأميركية تعتبر نفسها ضامنة لأمن الدول العربية ومن ثم دول الخليج، وهذا الأمر فاتورته مكلفة للغاية على تلك الدول، بعكس سياسة باراك أوباما الذي كان يغازل الجماعات الارهابية المتطرفة وداعش طوال الوقت، ما دفع ترامب لاتهام إدارة أوباما علنية بإنها كانت وراء سياسة تغيير الانظمة في المنطقة لإيجاد حكام منصاعين للادارة الاميركية».

وعن القضية الفلسطينية في تحركات الإدارة الجديدة، لا يتوقع الغمري وجود اي تقدم في القضية الفلسطينية طوال حكم ترامب لانه «أظهر تعاطفه مع إسرائيل... بل إنه وعد بنقل السفارة الأميركية إلى تل إبيب، واختار السفير الذي يميل إلى إقامة المستوطنات (في الاراضي المحتلة».

ويتابع في ما يتعلق بمصير مفاوضات «الدولتين»، انه «إذا استمرت الولايات المتحدة في دعم إسرائيل بهذا الشكل الذي اعلن عنه ترامب فستفقد دورها كوسيط نزيه فى مفاوضات الشرق الاوسط لان القدس الشرقية تخضع للمفاوضات». ويرى أن «الحل النهائي للقضية الفلسطينية لن يكون بالعنف وإنما بالوصول إلى حلول سلمية».

«دور واشنطن في سورية سيتراجع... ولا تقدم في القضية الفلسطينية»

نورهان الشيخ لـ «الراي»: ترامب سيتبنّى سياسة قائمة على مدى العائد أو الشراكة

توقعت عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية ومديرة مركز الدراسات الأميركية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقاً الدكتورة نورهان الشيخ، تراجع الدور الأميركي في أزمات الدول العربية خصوصاً في سورية في ظل عدم هجوم الرئيس الجديد دونالد ترامب، على تحركات الرئيس بشار الأسد، علاوة على عدم تغير سياسة الادارة الأميركية في الشرق الاوسط واللجوء إلى إبرام الصفقات لتهدئة الاوضاع وفى الوقت نفسه التركيز على الشأن الداخلي الأميركي.

وقالت الشيخ، «الراي»، إن ترامب «سيتبنى سياسة قائمة على مدى العائد أو الشراكة التى سيبرمها مع دول الجوار أو الشرق الاوسط». وأوضحت إن القضية الفلسطينية «لن تحقق تقدما كبيرا في عهد الرئيس الجديد الذي أعلن التزامه بأمن اسرائيل بل وتعهد بنقل سفارة بلاده إلى القدس».

وترى الشيخ، أن العلاقة بين الدول العربية والإدارة الأميركية «تحكمها المصالح المشتركة، وهي لا تتأثر بتغير الإدارة، ومن ثم سيستمر التعاون الثنائي العسكري والاقتصادي، بحكم هذه العلاقة التي تحكمها المصالح المتبادلة. وبالتالي على العرب ودول الخليج، تحديد أولوياتهم من الإدارة الأميركية، وما يمكنهم أن يحصلوا عليه من مصالح من وراء هذه العلاقة.

فمستقبل السياسة الأميركية سيتوقف على مدى قدرة ترامب على إحداث تغيير، علماً أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات تقود السياسة الخارجية من خلال وزارة الدفاع والكونغرس والإدارة الجديدة».

وتوقعت أن يلجأ ترامب إلى إعادة النظر في السياسة التقليدية «التي لم تعد تتلائم مع مستجدات الواقع الدولي الذي في الاغلب لم يعد يعظم المصالح الأميركية في منطقة الشرق الاوسط، بل إن سياسات (الرئيس السابق باراك) أوباما تسببت في زيادة كراهية الولايات المتحدة في المنطقة العربية بعد ما أصبحت حاضنة للجماعات الارهابية في منطقة الشرق الاوسط».

وفي المقابل، لا تتوقع الشيخ دورا مختلفاً لواشنطن فى سورية والعراق وليبيا، وتقول: «أعتقد إن إدارة ترامب لأزمات الدول العربية لن تتغير كثيرا وإن كانت ستهدأ نوعاً ما، والدور الاميركي في سورية والعراق وليبيا سيتراجع قليلاً، وترامب سيلجأ إلى إبرام الصفقات لتهدئة الاوضاع وفي الوقت نفسه التركيز على الشأن الداخلي».

وماذا عن الدعم الاميركى للمعارضة السورية؟، توضح عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية ان «ترامب أعلن منذ الوهلة الأولى رفضه دعم المعارضة السورية وأعلن تأييده لسياسة بشار الاسد لأنه يقف ضد الجماعات الارهابية وداعش في سورية، ومن ثم فهذا التوجه فى السياسة مختلف تماماً عن إدارة أوباما الداعم الرئيسي لهذه الجماعات الارهابية المتطرفة».

وعن التواجد الأميركي في العراق؟، تعتقد أن «الجيش الأميركي لم يعد له تواجد في شكل كبير، خصوصاً بعد التحذيرات التي أطلقها دونالد ترامب من أن العراق أصبحت ملاذاً وموطناً للجماعات الارهابية حول العالم. ومن ثم طالب ترامب الرئيس العراقي بجزء من عائدات النفط لمصلحة عائلات الجنود الأميركيين الذين أصيبوا خلال الحرب أو الذين ماتوا كجزء من تعويض لأسرهم.

فترامب كان يعارض حرب بلاده على العراق حتى لو كانت تمتلك أسلحة دمار شامل، وكان ضد قرار الحرب لانها تسببت في ازدياد كراهية أميركا في الوطن العربي فضلاً عن الخسائر البشرية والاقتصادية التي نجمت عن هذه الحرب الغوغاء».

وماذا عن مواجهة الولايات المتحدة للجماعات الارهابية؟ ترد الشيخ، ان ترامب أعلن إنه «سيحارب الجماعات الارهابية المتشددة وعلى رأسها تنظيم داعش، وحمل إدارة أوباما المسؤولية الكاملة في ظهور هذه الجماعات بل ودعمها ماديا. لذلك سيهتم بجانب التركيز على الشأن الداخلي الأميركي، والقضاء على داعش وكل تنظيمات الاسلام السياسي وتنظيم القاعدة».

وهل هناك فرصة للتوصل لحلول سلمية للقضية الفلسطينية؟ تؤكد ان «القضية الفلسطينية لن تحقق تقدما كبيرا فى عهد ترامب لتأييد الكونغرس الأميركي لاسرائيل وسياستها المحتلة في المنطقة من دون اي تعاطف أو تأييد للشعب الفلسطيني الاعزل.

وبالتالي، لا أتوقع الوصول إلى اي حلول فى القضية الفلسطينية في الوقت الراهن، ولاسيما بعدما أبدى ترامب تأييده الكامل لإسرائيل، بل ووعد بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، حتى إنه أعلن التزامه الكامل بأمن إسرائيل، ومطالبته للسلطة الفلسطينية بالاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية».

معلناً تخوفه من انسحاب واشنطن من «قضايا العرب»

مصطفى كمال لـ «الراي»: الإدارة الجديدة ستتفرغ للملف النووي الإيراني

قال الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية في العلاقات الدولية مصطفى كمال، إن الادارة الأميركية الجديدة «ستنسحب بالتدريج من الدول العربية التي تعاني أزمات، في ظل إعلان دونالد ترامب صراحة عدم تدخله في الشؤون الداخلية لأي دولة».

ولفت كمال، في تصريح لـ «الراي»، إلى أن «نقطة الخلاف الوحيدة بين العرب والإدارة الجديدة ستكون القضية الفلسطينية، وربما تتفجر الخلافات حال نقل السفارة الأميركية إلى القدس»، متوقعاً تأجيل ترامب لفكرة التدخل في القضية الفلسطينية لمدة عامين و«سيتفرغ للملف النووي الإيراني بما يحقق الرؤية الاسرائيلية، باعتباره الملف الأهم لأمن إسرائيل».

وتوقع كمال، ان ترامب «لن يذكر ليبيا على سبيل المثال في خطاباته المقبلة، لأنه لن يتدخل في شؤون الشرق الأوسط إلا إذا حدث ما يمس الامن القومي الاسرائيلي لأن هدف واشنطن في المنطقة العربية هو حماية إسرائيل».

وتابع: «لكن ما أخشاه هو نقل السفارة الأميركية من تل ابيب الى القدس، وهذا سيكون بمثابة اعتراف بيهودية الدولة، ونحن كنا ننتظر الاعتراف بالدولتين، والقدس عاصمة لفلسطين، لكن الاعتراف الدولي بيهودية الدولة، سيكون هو سبب الخلافات العربية - الاميركية».

وأكد ان «القضية الفلسطينية لن تحل، بدليل أن مؤتمر السلام الذي عقد في باريس (أخيراً)، لم تحضره اسرائيل او فلسطين. وأن القضية الفلسطينية ستكون من القضايا المؤجلة في اول عامين من حكم ترامب خصوصاً وان البرنامج النووي الايراني هو اول اهتمامات الرئيس ترامب».

* وهل يتوقع ان تتغير السياسة الأميركية تجاه العرب عموماً ومصر خصوصاً، يرد: «السياسة الأميركية سوف تتغير ولكن بشكل جزئي عن سياسة الرئيس السابق باراك اوباما في المنطقة العربية، فالرئيس اوباما جاء الى واشنطن بمبدأ التعددية الديموقراطية، اما الرئيس ترامب فجاء بمبدأ الانعزالية الرأسمالية».

وقد أعلن انه لن يتدخل في اي من الشؤون الداخلية، بعكس الرئيس اوباما الذي كان مهتما بدمج الإسلام السياسي. وترامب سيتعامل مع الرئيس المتواجد في السلطة بما يوفر له مصلحته الشخصية، وهذا تغير في الأداء، وبالتالي لن تتغير سياسته في التعامل مع مصر لانه سيهتم بمصلحته فقط ولن يتدخل في الشأن الداخلي.

وحول رؤيته للتعاون المصري - الأميركي في ما يخص مكافحة الإرهاب، يقول كمال: «الرؤية متطابقة في هذا الشأن بين مصر وأميركا، فالجانبان يسعيان لدحض الارهاب والتخلص من الجماعات الارهابية. ولكن لا بد ان تكون هناك مسارات عدة يسير فيها الجانبان، الاول هو توحيد تعريف الارهاب والجماعات الارهابية ثم طرح استراتيجية واضحة، ولا بد ان تهتم مصر بهذا في ظل توافق الرؤى المصرية - الاميركية حول الإرهاب».

ويرى كمال أخيراً ان مستقبل العلاقات العربية - الأميركية، سيكون أفضل في ظل حكم ترامب عن فترة حكم أوباما، ولكن لا بد ان تعزز الدول العربية من قضايا الاتفاق الوطني وتحييد القضايا الخلافية جانباً، مثل القضية الفلسطينية على سبيل المثال. كما انه لا بد ان تسعى مصر لمزيد من الاستثمارات الاقتصادية والتعاون السياسي مع أميركا والاهتمام بفتح حوار مستمر مع الإدارة الأميركية.

اعتبر أن ترامب «سيهز موقف الإخوان»

سعيد اللاوندي لـ «الراي»: العلاقات العربية ـ الأميركية ستزدهر

قال خبير العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور سعيد اللاوندي، إن العلاقات المصرية - الأميركية «ستزدهر في عهد الرئيس الجديد دونالد ترامب»، مشيراً الى ان تصريحات الرئيس الجديد في هذا الشأن «مطمئنة جدا خصوصاً في مجال مكافحة الارهاب بالتعاون مع مصر».

وأضاف لـ «الراي» إن ترامب «يعرف جيداً دور مصر في المنطقة العربية، وأكد في تصريحاته أنه سيتعاون مع مصر في مكافحة الإرهاب، وهو الامر الذي تتفق فيه مصر مع اميركا، كما ان الرئيس ترامب دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي لزيارة واشنطن، وهذا عكس فترة قيادة (باراك) اوباما».

وحول رؤيته للعلاقات الثنائية، أكد اللاوندي ان «العلاقات المصرية وأيضا العربية ـ الأميركية ستشهد، في ظل حكم ترامب، ازدهارا خصوصا في المرحلة المقبلة، لاسيما انه يعرف جيداً دور الرئيس السيسي في مكافحة الإرهاب بالاضافة إلى ان هناك تنسيقاً بين البلدين في هذا الشأن، علاوة على أن الرئيس ترامب يدرك جيداً ان الشعب المصري يلتف حول الرئيس السيسي».

وماذا عن متطلبات العرب في حسم «القضية الفلسطينية»، يرد: «من المعلوم ما قامت به الدول العربية أخيرا وتعاونها في المبادرة الفرنسية لاعادة الدولة الفلسطينية الى مكانها لأنها تأخرت واصبح هناك ازمات اكبر. كما ان الجامعة العربية اعلنت ان القضية الفلسطينية هي قضية العرب كلهم، وهو ما يؤكد ان القضية الفلسطينية ستعود محور مباحثات العرب مع الإدارة الجديدة».

وهل سيكون هناك دور لواشنطن في حل ازمات المنطقة العربية في سورية واليمن والعراق وليبيا، يعتقد اللاوندي ان واشنطن في عهد ترامب «ستهتم بقضايا الشرق الأوسط، وترامب صرح قبل ذلك بأنه لن يهتم بإسقاط نظام بشار (الأسد) بل سيسعى إلى التعاون في إسقاط داعش. كما ان الادارة الجديدة اعترفت بان جماعة الاخوان، إرهابية، وهذا سيهز موقف الاخوان، وهو امر جيد ومبشر، خصوصاً ان واشنطن كانت تساعد الاخوان في عهد الرئيس (الديموقراطي) السابق باراك اوباما».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي