No Script

تل أبيب قد لا تكون منزعجة من دخولها في تحالف يضمّ روسيا والأسد وإيران و«حزب الله»

موسكو علّقت عِداء إسرائيل مع طهران وطمأنتها على حدودها الشمالية

تصغير
تكبير
بلغ التوتر في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ذروته، خصوصاً إثر تصريحات أميركية اعتبرت ان الإسرائيليين يمارسون عنفاً مفرطاً بحق الفلسطينيين اثناء المواجهات الأخيرة بين الطرفين. وللمفارقة، يأتي توتر العلاقة الأميركية - الإسرائيلية في وقت تشهد علاقة روسيا بإسرائيل تحسّناً ملحوظاً، دفَع أحد المراقبين الاميركيين الى القول إن رئيس روسيا فلاديمير بوتين أجلس نظيره السوري بشار الأسد في الكرسي نفسه الذي كان أجلس فيه رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو قبل أسابيع، في وقت انسحبت واشنطن من أي دور ممكن لها في الحرب السورية، ويكاد ينعدم الاتصال بين الرئيس باراك أوباما ونتنياهو.

وتعتقد بعض المصادر الحكومية الأميركية أن «إسرائيل قد لا تكون منزعجة تماماً من دخولها في تحالف شرق أوسطي تقوده روسيا وفي عضويته الأسد وإيران و(حزب الله)». وتضيف المصادر ان تحالفاً من هذا النوع «يعلّق العداء بين إيران وإسرائيل، ويدفع الإسرائيليين إلى الاطمئنان على أمن حدودهم الشمالية».

وفي نفس الوقت، يتوافق دخول إسرائيل في التحالف الذي تقوده روسيا مع الرؤية الإسرائيلية بضرورة جعْل القضاء على المتطرفين الإسلاميين، وخصوصاً تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، أولوية، بدلاً من محاولة الإطاحة بالأسد وخلق فراغ قد يستغلّه الإرهابيون.

ولطالما عبّر مسؤولون إسرائيليون وأصدقاء إسرائيل في العاصمة الأميركية، في جلسات خاصة، عن سخطهم من الحرب التي تقودها أميركا ضد «داعش»، معتبرين ان شعار أوباما «إضعاف (داعش) حتى تدميره» هو انعكاس لخطة ضعيفة ومترددة. وكان آخر منتقدي أوباما من اليمين الأميركي، وزير الخارجية السابق وصاحب النفوذ الكبير في صنع السياسة الخارجية الأميركية هنري كيسينجر، البالغ من العمر 92 عاماً، حيث كتب في مقالة في صحيفة «وول ستريت جورنال» أنه «كلما طالت الحرب الأميركية ضد (داعش) من دون ان تنجح أميركا في حسمها، أعطى ذلك التنظيم المتطرف الفرصة لتصوير تصدّيه للأميركيين على أنه نجاح، وهو ما يُعلي من شأن التنظيم أمام المتطوعين المستقبليين ومانحيه الماليين».

ومع توافق الأولويات بين روسيا وإسرائيل في الشرق الأوسط، وتقديم بوتين ضمانات بوقف إيران شحنات الأسلحة التي كانت تعمل على ايصالها إلى «حزب الله» على مدى السنوات الماضية، ما دفع الإسرائيليين الى الإغارة مراراً على الاراضي السورية للتخلّص من هذه الشحنات، ومع وعد بوتين بعدم تحليق مقاتلاته جنوب محافظة حمص، حصل الإسرائيليون على مجموعة من التنازلات الكبيرة من المحور الذي كانت تقوده إيران، واليوم تديره موسكو، حسب بعض المسؤولين الاميركيين.

على أن المقرَّبين من الرئيس الأميركي ينقلون عنه اعتقاده ان «منطقة الشرق الأوسط بمثابة بؤرة مشاكل، وأنه لا إمكانية لأي دولة، عظمى ام غير عظمى، لفرض حلول، لا بالسياسة ولا بالعسكر». ويعتقد أوباما كذلك، حسب مقرَّبين، ان «الغوص في مشاكل الشرق الأوسط يؤدي لامتصاص مقدرات أي دولة راغبة في ذلك». ويعتقد أوباما فعلياً ان «إيران وروسيا ستغرقان في مستنقعات عسكرية مكلفة مالياً وبشرياً وسياسياً».

ويبدو ان رؤية أوباما الشرق أوسطية هي في صلب اختلافه مع إسرائيل واصدقائها في واشنطن، خصوصاً من الحزب الجمهوري، الذي دأب أعضاؤه على تصوير انكفاء أوباما عن الشرق الأوسط بمثابة التخلّي عن طفلة أميركا المدلّلة، أي إسرائيل، التي يمكن لها - في هذه الحالة - البحث عن حلفاء للدفاع عن نفسها في أي مكان في العالم، حتى لو كان الحليف هو بوتين غريم واشنطن اللدود.

وحتى تنجلي أمور عديدة، مثل مصير الحملة العسكرية الروسية في سورية، ستسيطر البرودة على العلاقة الأميركية - الإسرائيلية، رغم ان الطرفين أعلنا استئناف اللقاءات لتجديد رزمة المساعدات العسكرية والمالية السنوية التي تقدمها أميركا لإسرائيل، والتي تنتهي مفاعيلها في العام 2017. ويبدو ان الطرفين توصّلا لاتفاق يقضي بأن تمدّ أميركا إسرائيل بثلاثة مليارات دولار سنوية للعشر السنوات التي تلي العام 2017.

ورغم ان التوصّل لاتفاقية حول المعونة الأميركية للإسرائيليين يبدو بادرة حسن نية، إلا ان المطلعين على مجرى المفاوضات يقولون ان رقم 3 مليارات سنوياً هو بمثابة عقاب من إدارة أوباما على تمرّد نتنياهو وعنجهيّته، اذ سبق ان توصّل الطرفان إلى الاتفاق على رقم معونة سنوية بلغ 3.7 مليار دولار، إلا أن إسرائيل علّقت المفاوضات بين الطرفين احتجاجاً على الاتفاقية النووية مع إيران. وبعد استئناف المفاوضات، تمسّك الاميركيون بالتخفيض الذي يبدو انه عقاب لحكومة إسرائيل ورئيسها نتنياهو على تصرفاته، التي تبدو غالباً عدائية تجاه أوباما وادارته.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي