No Script

بعد المجارير... البلاستيك خطر داهم على جون الكويت

تصغير
تكبير

الغضبان:  الساحل بين الأبراج والشويخ  يحوي كميات عالية نسبياً  من الدقائق البلاستيكية  وفي أسماك الهامور  30 في المئة منها

عبيدو:  أمر يبعث على القلق  وصول «الميكروبلاستيك»  بمستويات عالية نسبياً  إلى أقصى المناطق  النائية من البحار

الفاضل:  كمية المخلفات الكبيرة  من البلاستيك والحديد  والصدأ الناجم عنه  والأنابيب والشباك تؤثر  سلباً على البيئة  البحرية ومكوناتها

فيما أثخنت مخلفات البلاستيك جراح جون الكويت، الذي يعاني أصلا من التلوث نتيجة مجارير الصرف الصحي، التي تصب فيه، باتت تلك المخلفات مصدر تهديد داهم على الجون، بما تتركه من مضار على الاحياء البحرية والأسماك والطيور.
الفزعة النيابية لتضميد جراح الجون التي تبنتها «الراي» في عدد سابق، اتسعت رقعتها بعد تزايد مخالفات البلاستيك في جون الكويت، وفق دراسات بيئية حذرت من مخاطرها على الاحياء البحرية وتأثيرها السلبي على حياة الانسان أيضا، حيث قدر العلماء أن أكثر من 8 ملايين طن من البلاستيك تدخل المحيط كل عام، يقع جون الكويت تحت هذا الخطر القاتل، حيث يدخل البلاستيك في أحشاء الطيور البحرية والاسماك والسلاحف، ويهدد فيزيائيا بما يحتويه من مواد كيماوية حياة هذه الأنواع وبقائها.
وأجرت «الراي» جولة استطلاع لرأي عدد من الباحثين المختصين في المجال البيئي، الذين حذروا من خطورة استفحال ظاهرة إلقاء النفايات البلاستيكية على شواطئ وداخل مياه البحر في الكويت.


وعرض المدير التنفيذي لمركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية الدكتور عبدالنبي الغضبان، نتائج دراسة لمجموعة من باحثي مركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية التابع لمعهد الكويت للأبحاث العلمية حول الدقائق البلاستيكية، بهدف جمع وتحليل الأحياء البحرية والعينات البيئية لمياه البحر، والتربة القاعية والشاطئية، وذلك بتمويل من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وتبين أن الأحجام الكبيرة من المنتجات البلاستيكية تتحلل إلى أحجام أو دقائق صغيرة جداً، بحيث يصل حجمها إلى 5 ملليمترات أو أقل من ذلك، وهذا يجعلها ضارة بالنظام البحري الايكولوجي، من حيث توافرها البيولوجي وتراكمها واستهلاكها من قبل الأحياء البحرية.
وأضاف الغضبان أن الفريق المكون من الدكاترة شيخ طلعت سعيد، نوره الجندل، والمهندس أحمد المطيري، والمنهدسة حميدة تقي، جمع عينات من 50 موقعا في البيئة الشاطئية والبحرية إلى جانب العينات الخاصة بالأصداف البحرية.
وأظهرت نتائج البحث تواجد الدقائق البلاستيكية في مياه معظم السواحل الكويتية، وأن وزن هذه الدقائق يختلف من منطقة إلى أخرى، سواء كانت المنطقة ملوثة أو نقية، وتبين أن أغلب الكمية التي رصدت تعتمد بشكل عام على وجود المصادر الأرضية للتلوث.
ولوحظ أيضا أن هذه الكمية تتزامن أو تكون قريبة من مخارج الطوارئ، وأن منطقة الساحل ما بين أبراج الكويت والشويخ تحتوي على كميات عالية نسبياً من الدقائق البلاستيكية مقارنة بالمناطق الأخرى، إذ تم تدوين نفس الملاحظة في المنطقة الساحلية الواقعة ما بين الفنطاس والفحيحيل، ولم يتم رصد وجود أي دقائق بلاستيكية في الأصداف التي جمعت، في حين أن أمعاء أسماك الهامور التي تم فحصها احتوت على ما يقارب 30 في المئة من نسبة أو مجموع الدقائق البلاستيكية التي رصدت بشكل عام.
ومن خلال نتائج هذه الدراسة، اتضح أن الظاهرة لا تمثل قلقاً من الناحية البيئية بالرغم من تواجد الدقائق البلاستيكية، كما أن هناك فرصا للمحافظة على كينونة المناطق الساحلية والبحرية، من ناحية عدم تزايد التلوث بالدقائق البلاستيكية، فلابد من تضافر الجهود على مستوى الخليج من خلال المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية في الخليج. ويمكن تطبيق ذلك بالكويت من خلال الالتزام بقانون البيئة رقم 42 لسنة 2014، والذي يمنع في إحدى مواده رمي النفايات البلدية وغير البلدية في البيئة البحرية.
بدوره، حذر رئيس قسم الموارد الطبيعية والبيئة بكلية الدراسات العليا بجامعة الخليج العربي الدكتور محمد عبيدو، من خطورة ازدياد استخدام البلاستيك في مجالات الحياة كافة بلا وعي، جراء خواصه الفريدة ومنتجاته التي تكاد لا تحصى.
 وأكد أن البلاستيك صار يسيطر على حياتنا وغزا كل مكان من النظم البيئية على سطح الكرة الأرضية على اختلاف أنواعها قريبة أو بعيدة، برية أو بحرية، بل وحتى أجواء هذه النظم.
 وقال «اعتدنا أن نشاهد البلاستيك ذا الاستخدام الواحد بأشكاله وصوره المختلفة في البيئات الحضرية، لكن أن يصل البلاستيك بشكله الميكروي (الميكروبلاستيك) بمستويات عالية نسبياً إلى أقصى المناطق النائية من بحار الأرض، لأمر يبعث على القلق». وأضاف عبيدو «لا شك أن الدراية باستعمال البلاستيك وأخطاره ركن أساسي في توعية الجمهور من هذا الخطر الداهم، وأن حسن جمع وإدارة النفايات الصلبة وعمليات تدويرها ركن أساسي في الحد من دخول البلاستيك إلى النظم البيئية البحرية».
وقال إن للمبادرات الفردية والجماعية دورا مهما في ذلك، بما فيها عمليات تنظيف الشواطئ وتدوير استعمالات البلاستيك، والأهم هو تحديد استعماله بالتحول إلى المنتجات البديلة التي يمكن أن تتفكك في البيئة، وعلى الرغم من أهميته لاقتصاد عديد من الدول، سيبقى البلاستيك الخطر الداهم الذي ربما نستفيق يوما بسببه على كارثة بيئية هنا أو هناك.
وأوضح أن «الاجراءات الحالية تتمثل بتنظيف البيئة البحرية منه وحظر منتجاته ذات الاستخدام الواحد وتدوير منتجاته الأخرى هي مرحلية قد تؤجل كوارث بيئية مرتبطة به، إلا أنها لا ولن تحل الآثار البيئة التي خلفها وسيخلفها البلاستيك في النظم البيئية كافة، وربما نشهد مستقبلا اتفاقية دولية لتنظيم صناعة البلاستيك وتداول منتجاته من أجل تنمية مستدامة».
من جانبه، قال رئيس الفريق التابع للمبرة التطوعية البيئية وليد الفاضل، إن المخلفات الواقعة في الجون، تشكل ضررا جسيما بالبيئة الساحلية والبحرية، نظرا إلى كمية المخلفات الكبيرة من البلاستيك والحديد والصدأ الناجم عنه والأنابيب والشباك، ما يؤثر سلبا على البيئة البحرية ومكوناتها. وأضاف الفاضل أن العمل متواصل لرفع المخلفات، بفريق قوارب مع رافعات لتسهيل مهمته واستعانة بشباك خاصة، إضافة إلى الأحزمة والحبال، مبينا أن هذا العمل لحملة تنظيف الجون، ضمن مشاريع الفريق الكبرى لتنظيف سواحل البلاد المختلفة وابقائها نظيفة خالية من التلوث.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي