No Script

واضح

صناعة الفراغ السياسي وملؤه!

تصغير
تكبير

الفراغ في هندسة الديكور أو فن المعمار، إما أن يكون خلقاً للجمال والروعة في المكان أو ربما يكون صنعاً للبشاعة والتلوث البصري، كلاهما جائز، «الفراغات يتحدث عنها المعماريون طوال الوقت، ولكن كونك تصنع فراغاً لا يعني بشكل تلقائي أنك تصنع فناً معمارياًَ فالفراغ  نفسه، يمكن أن يصنع تحفة فنية أو يسبب كارثة... المعماري الفرنسي جون نوفال.
سياسيا... هناك استراتيجية لصناعة الفراغ السياسي، حتى تعم الفوضى في مكان ما فتستفيد قوى عظمى أو قوى معادية من هذا الفراغ، وربما تتاجر به ومن خلاله، وهي أيضاً من داخل هذا الفراغ تصنع واقعاً جديداً تحدد هي فقط ملامحه من دون أي «لاعب» آخر، عالمياً... كان هذا هو نهج كل قوى الاستعمار أو الاحتلال أو الوصاية في الدول أو الأقاليم، التي طمع بها هؤلاء المستعمرون، صنعوا فراغاً سياسياً ليضمنوا حاجة الدول لهم وعدم استغنائهم عن «المستعمر»!
ويقابل سياسة صناعة الفراغ مهنة ملء هذا الفراغ! هناك من يمتهن هذه المهنة ليملأ الفراغ بما يريد ويرغب، ولا يمكن لمن يمارس هذا العمل أن يمارسه إلا بعد تمهيد الطريق له بصناعة هذا الفراغ أولا!


لسنا بحاجة إلى توضيح كيفية صناعة الفراغ، فيما يسمى بأحداث الربيع العربي، لأنه أوضح من أن يوضح، لكن لو استقرأ باحث حال الأمة العربية منذ عشرينات القرن الماضي وتأرجحها بين المشروع القومي والإسلامي لعرف أن الأمة الآن - كل الأمة - بلا أي مشروع، فهي لا تملك رؤية واضحة عما تريد وكيف تجتمع، وعلى ماذا يمكنها أن تجتمع أصلاً، فقد تمت صناعة الفراغ في مساحة مشروع الأمة، والخوف من ملئه كيف ستكون؟
محلياً... الحكومات العربية - للأسف - لا تملأ الفراغات أيضاً، وحتى لو عملت على ملئه فإنها تملأه بالغث، الذي يبعد عنها الشعوب ولا يقربهم، الإعلام الفعلي ليس بيد الحكومات، وحتى دفة الثقافة لا يملكون القدرة على إدارتها، ومن دون الحاجة إلى ذكر التعليم والمسائل الدينية، لأن النتائج والمخرجات صادمة! وما حال مواقع التواصل وتأثيرها على كل الحكومات إلا مثال واضح على فقد السيطرة على ملء الفراغات!
صنع الفراغ في كثير الدول العربية للاتجار به، ومن أجل مشاريع عالمية، وربما كان الدور على الباقي في صناعة هذا الفراغ.
لنتذكر أن التروس لا تركّب على بعضها، بل هي تحتاج لفراغ مقابل لتتحرك ... فمن لم يملأ فراغه سمح للآخرين أن يملؤوه له!

@lawyermodalsbti

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي