No Script

رواق

وطن الكويتيين... وأوطان الوافدين

تصغير
تكبير

الوطن واحد والشعوب متعددة حتى في الشعب الواحد، والذين يحبون أوطانهم لا يشتمون أوطان الآخرين.
الوطن أكبر من أرض نغادرها في عيدها الوطني... الوطن هو الانتماء الذي لا يغادرنا عندما نغادر الأرض ونبتعد ونتغرب حتى نستقر في وطن لا نشعر فيه بالغربة. الذين يدركون معنى الوطن ويعرفون قيمة وطنهم، سيدركون معنى أن يكون الإنسان بلا وطن أو بوطنين، وطن انتمى إليه تاريخياً وجغرافياً، ووطن ينتمي إليه عاطفياً ووجدانياً.
 كل الأوطان جميلة، أو كل وطن في عين أبنائه جميل. الوطن جميل، لكن أبناءه يشوهونه، لذلك قيل: «اللهم احفظ وطني من أبنائه، أما أعداؤه فهو كفيل بهم».


 كثير من أبناء الوطن لا يعكسون صورته، بل يشوهونها بصور مختلفة تخالف ثقافة التعدد والتنوع والاختلاف، والصراخ والشتيمة شيمة الضعفاء... الأقوياء يقارعون الحجة بالحجة، وما أحوجنا إلى هدنة مع طوفان الشتائم الذي يفرقنا ويكاد يجرفنا. وفي خضم احتفالاتنا الوطنية، جرّب ألا تشتم أحداً أو لا تشتم وطنه، هذه الارض التي تدعى الكويت نشأت واستقلت وتحررت وتعمرت بإرادة أبنائها وبسواعد مختلفة، هم أبناؤها أيضاً ولو بالتبني للسواعد التي تبني.
نشأنا في الكويت على كلمات من نوع «بلاد العرب أوطاني» و«كويت والعرب الأهل والنسب»... لم نكفر في العروبة أبداً، حتى حين خذلتنا المواقف العربية، لم تكن الكويت يوماً «لنا وحدنا»، بل كانت «ديرة الجدود مفتوحة الحدود لطالب الأمان».
اليوم صرنا معسكرين...
وافدون: يصارعون البقاء ويفكرون جدياً في المغادرة... وكويتيون: يحاول بعضهم إبادة كل ما هو غير كويتي، حتى الكويتي أصبح منقوص التكويت عند دفاعه عن الوافد أو تعاطفه معه. فبعضنا بات يضيق ببعضنا الآخر، وأكثر، صرنا نقلل من بَعضنا البعض بأوصاف «بنت المصرية» أو «ولد السورية» بدلاً من أن نصف السورية والمصرية وغيرهما بأنهن زوجات كويتيين وأمهات كويتيين وإن كنّ وافدات.
وافدو الكويت ليسوا عمالة طارئة عشوائية هامشية تسبب فيها تاجر إقامات عجزنا عن إدانته، فحملناهم وزره ووزر كفيله الكويتي. وافدو الكويت معظمهم كويتيو الهوى، وفي الكثير من المجتمعات والثقافات المختلفة، إن من يولد في بلد ينتسب إليها وينتمي إليها.
لدينا في الكويت الكثير من البدون الذين لا يعرفون وطناً غير الكويت ولا انتماء لغير الكويت، كما لدينا وافدون ولدوا وتربوا وكبروا ونشأوا في الكويت، بل إننا وصلنا إلى الجيل الرابع من مواليد الكويت من الوافدين الذين منحوها الولاء رغم أنها لم تمنحهم الانتماء.
هذا الانفعال الطارئ والمفاجئ والدخيل ضد غير الكويتيين، وكأنهم خلقوا من طين آخر غير الذي خلق الله منه الكويتيون، يسيء إلى الكويت.
إن ضرب الوافدين ضرب للكويت، فليس من مصلحتنا أن يغادرها الأكفاء منهم ونتورط في غير الأكفاء الذين لا تسمح له خبرته المحدودة وإمكانياته المتواضعة بالمغادرة بحثاً عن فرصة أفضل تحفظ له عيشاً كريماً لا ينتهك كرامته في سبيل لقمة عيشه التي يسعى للحصول عليها بجهده.
أخيراً، لا تليق العنصرية بشعب يحكمه أمير الإنسانية، لذلك جاءت مبادرة حضرة صاحب السمو دفع غرامات المعسرين من الكويتيين والمقيمين برسالة واضحة، وإن لم يفهمها كثيرون، مفادها أن المواطنين والمقيمين هم أبناء الكويت.
كل عام والكويت بخير بمواطنيها ومقيميها، وكل عام والكويتيون والوافدون بخير.

 reemalmee@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي