No Script

«الراي» تحدثت إلى حيدر والسليمان والزعبي عما ستفعله طهران بعد تدخل روسيا

إيران تخسر في سورية... فهل تخسرها؟

تصغير
تكبير
• أسعد حيدر: إيران تتغاضى عن خسائرها الكبيرة في سورية كي تحافظ على حق الشراكة بالحلول للأزمة
يوماً بعد يوم يتّضح حجم الخسائر التي تُمنى بها إيران نتيجة تدخلها في سورية، ليس فقط على المستوى الاقتصادي المؤثّر بالطبع، وإنما أيضاً على المستوى البشري حيث يسقط في ميدان القتال عشرات الجنرالات والمسؤولين العسكريين في الحرس الثوري، بطريقة لم يعد بالإمكان التستّر عنها في الداخل الإيراني أو إخفاء حجمها عن الإيرانيين أنفسهم الذين بدأوا يطرحون الأسئلة الكثيرة حول جدوى ما تم تحقيقه، ولا سيما بعد التدخل العسكري الروسي المباشر الذي جعل موسكو شريكة في المعركة وصاحبة الكلمة الأولى على طاولة المفاوضات حول مستقبل سورية وكذلك لاعباً أساسياً لا يمكن تجاوزه على مسرح الشرق الأوسط.

لم تستطع إيران طوال فترة تواجدها على الأرض منذ العام 2012 حسْم الأمور لمصلحتها تماماً على الرغم من الدعم الكبير الذي قدمته للنظام السوري عسكرياً ونشْر الميليشيات التابعة لها في أكثر من منطقة لحماية الرئيس بشار الأسد وعدم السماح بإزاحته أو القبول بترحيله، وسط تقارير تحدثت عن تباين مع روسيا التي تبدي استعداداً للبحث في هذا الموضوع من خلال طرح مختلف يقضي بمرحلة انتقالية يكون فيها الأسد موجوداً قبل طيّ صفحته.

وفي حين يبدو واضحاً أن طهران ما تزال قادرة على تعطيل الحلول التي لا تناسبها في سورية، يكثر الكلام عن اعتراض وتململ في الداخل الإيراني من سقوط قادة من الحرس الثوري في سورية، ما يدفع بالنظام الإيراني إلى حشد إعلامه في المعركة والتعبئة على أنها «حرب دفاع مقدسة» وأنها ترسل «مستشارين عسكريين ميدانيين» إلى سورية. والسؤال ماذا ستفعل طهران في سورية بعد التدخل الروسي وماذا ستحصد مستقبلاً؟

يرى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني المختص بالشؤون الإيرانية أسعد حيدر أن «إيران مهما كابرت فإنها خسرتْ في سورية بعد دخول روسيا بقوة جواً وبحراً وحتى براً، وإن كان التدخل براً يتم بأعداد محدودة، ما يؤشر إلى أن استراتيجية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني العسكرية فشلت ولم تستطع الميليشيات التي أدخلها في المعارك الميدانية ولا الألوية السورية التي شكلها في أن تُنتِج نصراً، ولم تؤمن حماية كافية للنظام الذي اهتزّ جيشه وضعفت إمكاناته وتقلّصت رقعة وجوده وهو يفتقد اليوم عديده وقدراته العسكرية».

ويلفت إلى أن «إيران بالطبع لن تدفع الثمن وتغادر سورية، لأن هذا يعني عدم جلوسها على طاولة المفاوضات، لذلك فإن خطتها الحالية التغاضي عن حجم الخسائر الكبيرة التي تُمنى بها في سورية حتى تحافظ على حق الشراكة في الحلول للأزمة السورية، بل أن سقوط ضباط إيرانيين أخيراً قد لا يكون مزعجاً، بل وسيلة للقول إنها موجودة والموجود على الأرض لا بد أن يكون حاضراً على طاولة المفاوضات».

ويعتبر حيدر «أن التململ الظاهر في الصحافة الإيرانية بسبب خسارة أكثر من 60 ضابطاً من أصحاب الرتب العالية سقطوا في سورية، لا يمكن أن تؤدي إلى تغيير في الموقف الإيراني قبل نتائج الانتخابات الإيرانية المقررة في 20 مارس المقبل، وعلى أساس مَن سيربح، هل المتشددون أم الإصلاحيون الذين يمثلهم حسن روحاني ورفسنجاني، يمكن أن تظهر الصورة في شكل أفضل حينها»، مضيفاً: «إيران تقول اليوم إن الحل هو عند الشعب السوري بلا تدخل خارجي، من دون أن تتحدث عن تدخلها. وهي تطالب بانسحاب القوى الأجنبية عن سورية وكأنها ليست واحدة من هذه القوى وتتجاهل تواجد حرسها الثوري على الأرض السورية، كما أن المفاوضين العرب لا يناقشون المسائل بوضوح».

وإذ يرى حيدر أنه «لا يمكن لإيران الانسحاب من المفاوضات فهذا أمر مستحيل، بل تلجأ إلى التصعيد أكثر فأكثر»، لا يشكك في «أن دخول روسيا على الخط قزّم من أفكار إيران للمعركة بسورية، وصارت مضطرة أن تعيد حساباتها في ضوء وجود روسيا التي تتحدث عن الحلول في المفاوضات وهي تريد حصة»، لافتاً إلى أن «لا حل قريباً للأزمة السورية عبر المفاوضات، فحتى الإدارة الأميركية تنتظر جديدها وانتخاباتها، وخلال هذا الوقت إيران لن تنسحب وخصوصاً بعدما فقدت توازنها نتيجة حرب اليمن والتدخل السعودي هناك الذي ضرب عملياً المشروع الإيراني في وسطه، ولذلك فإن إيران ستتشدّد في المفاوضات حول سورية».

وعما إذا كانت إيران تقبل بالتقسيم كحلّ يقول: «إيران لا تريد التقسيم في سورية، لأن ذلك يعني دولة كردية لا تريدها كما حال تركيا، ولذلك هناك اتفاق على عدم الدخول في التقسيم وما يهم طهران هو السيطرة على الخط الساحلي».

وعن مصير الأسد، يشير حيدر إلى «أن الموقف الإيراني ما زال يقول إن الأسد خط أحمر أما روسيا فلا تريد أن تغرق معها، فـ(كله تحت السكين)».

من جهته، يرى السياسي السوري وليد السليمان القريب من القوات المعتدلة أنه «لا يمكننا أن نسمي خسائر إيران في سورية ضعفاً وإنما يمكننا القول إن إيران تحاول تَدارُك خسارة أكبر في المستقبل في حال استمرارها وحيدة في المستنقع السوري، ومن هنا لا يمكن اعتبار التدخل الروسي في سورية محاولة إنقاذ بالمعنى الحقيقي لإيران، وإنما مشاركة في تَقاسُم الخسائر بين الدولتين المحتلتين اللتين لكل منهما مصالح في سورية».

وعن حجم الخسائر البشرية في القوات الإيرانية الموجودة على الأراضي السورية وأي الضربات هي الأشد والأكثر وطأة؟ يوضح انه في السابق «كانت وسائل إعلام النظام الإيراني تحاول التكتم على أعداد قتلاه الكبيرة لأنها كانت تقتصر على عناصر صغار ورتب عسكرية متدنية، أما الآن فنلاحظ أن وكالات أنباء إيرانية تابعة للحرس الثوري الإيراني أو قريبة منه تنعي قيادات كباراً في الحرس الثوري لا يمكن التكتم أو إخفاء حادثة سقوطهم خارج البلاد، وكان آخرهم قائد قوات الحرس الثوري في سورية اللواء حسين همداني الذي قُتل خلال اشتباكات في ضواحي حلب»، معتبراَ أن «قتلى الرتب الرفيعة في إيران يدفع بها إلى أخذ استراحة قتالية لكن ليس على حساب الروس، ولكن على حساب ميليشيا (حزب الله) اللبناني المعروفة بالذراع الايرانية في الشرق الأوسط، فالروس صرّحوا أنهم لن يتدخلوا برياً في سورية وأنهم يعتمدون على ما أسمتهم بقوات الحلفاء، والقوات الإيرانية الآن ستقتصر على الاستشاريين العسكريين لميليشيا (حزب الله) وعلى عدد قليل من المرتزقة الأفغان المجندين تحت راية الحرس الثوري الإيراني».

وفي السياق نفسه، يشير العميد موسى الزعبي قائد (فرقة القادسية) العاملة في الجبهة الجنوبية إلى أن «إيران منيت بخسائر جسيمة، وأسماء قتلاهم كل يوم هي أكبر دليل، بالإضافة إلى الوضع الميداني الذي يثبت بلا شك عقم تدخل إيران ومليشيا (حزب الله) وخسائرهم المتتالية»، معتبراً أن «التدخل الروسي قد يطيل عمر النظام وهو بلا شك سبب رئيسي في تعقيد الوضع في سورية ولكنه لن يقلل من خسائر النظام وحلفائه».

ويوضح أنه «في كل معركة نشهدها، نسمع نداءات استغاثة عن الأعداد الكبيرة من القتلى الإيرانيين واللبنانيين من عناصر ميليشيا (حزب الله) عن طريق أجهزة التنصت اللاسلكية، لكن لا توجد إحصاءات دقيقة بسبب إخفائهم لقتلاهم، ولكن الأرقام بالتأكيد عالية جداً»، مضيفاً: «أما أيّ الضربات كانت أشدّ، فهي مقتل العديد من قادة الحرس الثوري الإيراني منهم علي أصغري، حسن شاطري، مهدي خراساني، حسين بادبا، أصفر شيردل، جبار دريساري، محمد علي الله دادي، عباس عبد اللهي، علي مرادي، محمد صاحب كرم أردكاني، علي رضا توسلي، إسماعيل حيدري، عبد الله إسكندري، محمد جمالي، حميد طبطبائي ميهر، أمير رضا علي زادة، داد الله شيباني، رضا حسين موقدديم».

ويرى أن «النظام الإ يراني يحاول الاستثمار في سورية على حساب دماء أهلها وتمسك نظام الأسد بالسلطة، وهذه ليست استراحة بل خسارة واضحة، وعجز للقوات العسكرية الإيرانية عن إحراز أي تقدم على الأرض، فهي لا تزال ترسل ميليشياتها إلى سورية بحجة الدفاع عن المراقد المقدسة في حين أن هذه الميليشيات تقاتل على الجبهات التي استطاعت فيها فصائل الجيش الحر إحراز تقدم على قوات الأسد على الرغم من الدعم الجوي الروسي لها».

وعما إذا كانت المغامرة الإيرانية في سورية انتهت والقرار اليوم سيكون لروسيا لا سيما في تحديد مصير الأسد ومستقبل سورية، أكد الزعبي أن «القرار يعود للشعب السوري الرافض للاحتلال الأجنبي، سواء أكان إيرانياً أم روسياً، والرافض لبقاء الأسد في السلطة»، لافتاً إلى «أن إيران تحاول من خلال جولات التفاوض السياسي فرض وجودها الذي نراه سراباً لا أكثر، كما أن التدخل الروسي في المعركة ومن ثم ذهاب رأس النظام في سورية بشار الأسد إلى موسكو أعطى درساً للنظام الإيراني بأن الأسد أصبح بيد الروس وليس الإيرانيين».

ويشدّد على أن الثمن الذي ستدفعه طهران «هو مزيد من العزلة للنظام الإيراني في المجتمع الدولي ومزيد من الأعداء له من الشعوب بسبب تدخله في شؤونها ودعم الديكتاتوريات والجماعات الإرهابية في المنطقة، بالإضافة إلى الخسائر التي ستكون هائلة في نهاية المطاف سواء على المستوى البشري أو المادي».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي