No Script

خواطر تقرع الأجراس / قاسم أمين «يورومْريكي»!

تصغير
تكبير
عندما تُذكَر قضية تحرير المرأة العربية في العصر الحديث يُذكر قاسم أمين وهدى شعراوي وملك حفني ناصف... ولا تزال المرأة العربية، والمسلمة في الدول الإسلامية غير العربية، تعاني من الاضطهاد والتمييز في الحقوق والواجبات الإنسانية... مع تقدم متفاوت هنا وهناك.

لكن المرأة في «زعيمة العالم الحر»: أميركا، بصورة عامة، ليست متحررة من الاضطهاد والتمييز في كل المجالات. فالمرأة الأميركية مثلاً ومنذ تأسيس الولايات المتحدة، لم تصل حتى اليوم إلى البيت الأبيض، ونسبة النساء في الكونغرس 18 في المئة.

كذلك هناك تفاوت في الأجور بين المرأة والرجل في كثير من الوظائف، إلى جانب التحرشات الجنسية في نطاق العمل. وآخر فضائحها مع ترامب المرشح الجمهوري للرئاسة ضد هيلاري كلينتون. ولنتذكر فضائح زوجها مع مونيكا لوينسكي، رغم أنه كانت ممارسة رضائية !

والتجارة بالمرأة الغربية، دون تعميم، كسلعة جنسية تجارية، خصوصا في الإعلانات والملاهي والأفلام الإباحية... لا تحتاج إلى شواهد. وهذا لا يعني أننا نغطي على نواقصنا بسرد نواقص الآخرين. لكن المرأة في الشرق، الآسيوي المسلم وغير المسلم، حققت إنجازات تدعو إلى التأمل في قضية تحرير المرأة ونيل حقوقها العامة، خصوصا السياسية منها:

فأنديرا غاندي في الهند قارة الأساطير والخرافات والأديان الفيسفسائية وعشرات اللغات، تولت أرفع منصب في الدولة. وكذلك غلوريا أورويو رئيسة الفيليبين، والشيخة حسينة واجد رئيسة وزراء بنغلاديش، وديلما روسيف رئيسة البرازيل المخلوعة برلمانياً... في حين تصارع السيدة كلينتون، للمرة الأولى في تاريخ أميركا، للوصول إلى البيت الأبيض.

وقضية ظلم المرأة واضطهادها في الغرب لها جذور تاريخية وأدبية؛ وأشهر عمل مسرحي يُذكَر هنا مسرحية بيت الدمية للنرويجي هنريك إبسن، حيث اكتشفت «نورا» زوجة «هيلمر» أنها كانت دمية يلعب بها زوجها؛ فتركت المنزل وصفقت بابه خلفها، رمزاً للغضب النسائي والتمرد على كونها ألعوبة بيد الرجل.

وفي أدبنا العربي هناك المئات من الأعمال الأدبية الرائعة التي تعالج قضية المرأة- الدمية، ومن أشهرها أعمال نجيب محفوظ، خصوصا في «الثلاثية».

ومن آخر قضايا التمييز ضد المرأة والنظر إليها نظرة دونية ما أُثير في لندن مؤخراً حول مديرة مسرح «شكسبير غلوب» إيما رايس التي عبّرت عن امتعاضها من الانتقادات الذكورية اللاذعة لإدارتها هذا المسرح الشكسبيري العريق؛ حيث عبّرت صحيفة «التايمز» اللندنية بأن إيما رايس تقوِّض عراقة هذا المسرح. مما جعل رايس تقول إن دمها يغلي عند سماع هذه الانتقادات، وأن النقاد لا يستخدمون هذه اللغة عند الحديث عن «الرجال»!

إذاً، عادت قضية الرجل- والمرأة تطل من جديد برأسها المتخلف في عالم الغرب المتحضّر. وأبرز مشاهدها الحية اليوم قضية المزايدات والاتهامات المتبادلة، على مختلف المجالات، في الانتخابات التمهيدية الأميركية بين الرجل- ترامب، والمرأة - كلينتون. «لاحظ ان المرأة هناك تفقد اسمها العائلي كهوية، وتُلحّق باسم عائلة الزوج»!

فهل القضية قضية شرق وغرب، اللذين لا يلتقيان، كما آمنَ شاعر الإمبراطوية البريطانية العنصري رديارد كبلنغ ؟ أم قضية المرأة والرجل، الذكر والأنثى، منذ آدم وحواء؟ في كل الحضارات القديمة والمعاصرة، المتقدمة والمتخلفة، أو بتسمية مهذّبة: النامية ؟

فهل يحتاج الغرب إلى قاسم أمين «يورومْريكي» يدعو إلى تحرير المرأة من جديد؟

* شاعر وناقد سوري
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي