No Script

«بلوشيرز» أنفقت 5 ملايين دولار على الحملة ودعمت 200 شخصية و85 مؤسسة بينها «مركز النزاهة العامة»

من هي المؤسسة المموّلة لتسويق الاتفاقية النووية مع إيران في أميركا؟

تصغير
تكبير
دولة خليجية تصدّرت الجميع عام 2014 بتمويل لوبياتها في أميركا... وجاءت كندا وألمانيا خلفها

رئيس «بلوشيرز» نشر شريط دعاية بعنوان «كيف فزنا» تباهى فيه بأن تمويل مؤسسته «نموذج أثبت نجاح العمل الخيري»
كشفت تقارير أميركية أن مؤسسة «بلوشيرز» أنفقت أكثر من خمسة ملايين دولار، على مدى الاعوام القليلة الماضية، من اجل تمويل الحملة الدعائية التي سوقت بموجبها للاتفاقية النووية مع ايران، وموّلت بموجبها 85 مؤسسة، بما فيها وسائل اعلامية ومراكز ابحاث، ومولت عمل 200 شخصية، منهم صحافيون وباحثون واكاديميون.

وللمقارنة، يمكن الاشارة الى ان دولة خليجية أنفقت وحدها، على نشاطات اللوبي والعلاقات العامة لمصلحتها 14 مليون دولار في العام 2014، حسب الإفادات المالية، لتتصدر الحكومات الاجنبية في تمويل لوبيات تابعة لها. وجاءت كندا وألمانيا، أكبر حليفتين للولايات المتحدة، في المركزين الثاني والثالث برصيد 12 و10 مليون دولار، سدّدتها كل من حكومتيهما في العام نفسه.

وأفردت وسائل إعلام أميركية، تصدرتها وكالة الانباء «أسوشيتد برس»، تحقيقات مطولة حول دور «بلوشيرز»، ليس في دعم وتسويق الاتفاقية النووية مع ايران فحسب، بل في إعادة استئناف العلاقات التجارية والديبلوماسية مع ايران.

وبدأت التحقيقات منذ اورد نائب مساعدة مستشارة الامن القومي بن رودس، في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، اسم «بلوشيرز» في قوله: «سوف نسوّق (الاتفاقية)، ولقد أجرينا اختبارات لنعرف من سيحمل رسالتنا بفعالية، وكي نعرف كيف نستخدم مجموعات (غير حكومية) مثل (بلوشيرز) و(مشروع إيران) وغيرها».

وتحولت «بلوشيرز» مصرفاً يمنح التمويل لأي فرد او مؤسسة، يصبّ عملها في مصلحة تأييد الاتفاقية والعلاقات مع ايران. وعلى إثر فشل الكونغرس في إلحاق الهزيمة بالاتفاقية المذكورة، نشر رئيس المؤسسة جو كيرينشيوني شريط دعاية، بعنوان «كيف فزنا»، تباهى فيه بأن مؤسسته موّلت 85 مؤسسة و200 شخصية «في نموذج أثبت نجاح العمل الخيري»، وفق الشريط.

وفور تطرّق رودس إلى المؤسسة وذكره اسمها، راحت الوسائل الاعلامية الاميركية تحقّق للعثور على هويات المؤسسات والاشخاص التي وصلها تمويل «بلوشيرز»، وتبين - فيما يشبه الفضيحة - ان المؤسسة تبرعت لتلفزيون وراديو «بي بي إس»، شبه الرسمي وذي الرصيد الاعلامي الكبير، بمبلغ 700 ألف دولار، منذ العام 2005، ليتبين فيما بعد ان شبكة «بي بي إس» بثت فعلا تقارير ايجابية في مصلحة ايران وتدعم الاتفاقية.

وتبين أيضاً ان من بين المؤسسات الاخرى التي تسلمت تمويلا «جمعية الحد من انتشار الاسلحة»، التي تقاضت 282500 دولار، و«معهد بروكنغز» المرموق، الذي تقاضى 225 ألف دولار، و«مجلس الأطلسي» الذي استلم 185 ألفاً، حيث تعمل فيه باربرا سلافين، إحدى اكثر الباحثات تردداً على طهران وتأييدا للتحالف معها بدلا من دول الخليج العربي.

حتى «مركز النزاهة العامة» تقاضى مبالغ غير معلومة من «بلوشيرز»، وأكد ذلك الناطق باسم المركز في مقابلة مع «أسوشيتد برس».

أما اللوبي الإسرائيلي المعادي لـ «إيباك» والمعروف بـ «جاي ستريت باك»، فتقاضى 576500 دولار من أجل تسخير علاقاته بالمشرّعين الاميركيين وتسويق الاتفاقية النووية مع ايران ودعمها. وحل في المركز الثاني بين اللوبيات «المجلس القومي الايراني - الاميركي»، الذي يرأسه تريتا بارسي، رجل ايران الأول في واشنطن، منذ ان عمل بالتنسيق مع وزير الخارجية محمد جواد ظريف، يوم كان الأخير موفد ايران الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك.

حتى «جامعة برنستون» المرموقة، وهي إحدى أعرق الجامعات الاميركية، تقاضت مبلغ 70 ألف دولار، من اجل دعم الديبلوماسي النووي الايراني السابق حسين موسويان، الذي قضى وقته في الجامعة، حيث ألّف كتاباً وعمل على تسويقه في الولايات المتحدة. وتضمن تمويل «برنستون» شرط ان تساعد موسويان في المشاركة في مناسبات يقدم فيها تحاليل وكتابات ونصائح لصانعي السياسة الاميركيين حول عدد من القضايا، في طليعتها التوصّل الى تسوية نووية مع ايران عبر المفاوضات.

ويظهر من التقارير الاميركية ان «بلوشيرز» مولت عمل عدداً من الصحافيين، ممن يعملون في وسائل اعلامية اميركية واوروبية مختلفة، مثل «الغارديان»، و«هفنغتون بوست»، و«صالون»، و«ذي نايشن»، و«مذر جونز».

ويشير تحقيق «الاسوشيتد برس» إلى ان القيّمين على «بلوشيرز» عملوا على تمويل تقارير نووية من ايران، ولمّا لم تسترع هذه التقارير اهتمام الرأي العام، عمدوا الى استبدالها بتقارير اجتماعية وثقافية من ايران لتحسين صورتها في عيون الاميركيين والدفع قدماً باتجاه الاتفاقية.

يذكر انه كان لأكبر صحيفتين اميركيتين «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» مراسلان في طهران، هما توماس اردبرنك وجايسون راضيان. وراح الاثنان ينشران تقارير مختلفة في صحيفتيهما، تحضّ الاميركيين على زيارة ايران للسياحة والاستثمار، حتى ان احدهما ساعد شبكة «سي إن إن» على ارسال مراسلها السياحي الشهير انتوني بوردين، الذي انتج وثائقياً حول جمال ايران ولذة المأكولات الايرانية.

على أن نظام ايران لم يفد من تقارير راضيان من طهران في «واشنطن بوست»، وقام باعتقاله وسجنه بتهم تجسس، ثم استبدله بإيرانيين يقبعون في سجون اميركية، بسبب ثبوت قيامهم بمحاولات لمساعدة طهران في تجاوز العقوبات المالية ومساعدتها على شراء تقنيات تحتاجها في برنامجها النووي.

وأمام الإحراج الفادح، حاول كيرينشيوني الرد على قيام المؤسسة التي يرأسها بتمويل هذا السيل من المؤسسات والاشخاص لمصلحة ايران والاتفاقية معها، فكتب في تغريدة ان«بلوشيرز» ليست طرفا سياسيا ولا حزبا، مضيفا: «دعمنا للاتفاقية مع ايران يعتمد على السياسة، لا على التسييس».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي