No Script

خواطر قلم

اعتقال غصن «نيسان»... وحرية لصوصنا!

تصغير
تكبير

نشرت «الراي» في عدد الثلاثاء، خبراً يمكن وصفه بالصاعق، يتلخص في اعتقال السلطات اليابانية رئيس مجلس إدارة مجموعة «نيسان» لتصنيع السيارات كارلوس غصن «بشبهة» مخالفات مالية.
وغصن المولود في البرازيل لأب لبناني وأم فرنسية كان يوصف بـ«قاتل المشاكل» كناية عن قدرته الفائقة على حل المشاكل المالية والإدارية، التي كادت تودي بسمعة شركة «نيسان» وتقودها نحو إفلاس مؤكد، قبل أن يتسلم منصب الرئيس التنفيذي فيها ويحولها من شركة مدينة بما يعادل 20 مليار دولار، إلى شركة حققت أرباحاً بعد 3 سنوات من إدارته لها، قبل أن يصنع تحالفاً ناجحاً ضم خلاله شركة رينو الفرنسية وشركة ميتسوبيشي اليابانية، ليصنع من هذا التحالف قوة مؤثرة في عالم صناعة السيارات.
وشرع مجلس إدارة شركة «نيسان» بالعمل على «فصل» غصن من الشركة بسبب «الفضيحة» التي تسبب بها من خلال سلوكه «غير المقبول»، لتعمده إخفاء جزء من راتبه الشهري عن سلطات الضريبة في اليابان.


ببساطة، كارلوس غصن يتقاضى من شركات صناعة السيارات الثلاث نحو 16 مليون دولار، لأنه استطاع تحقيق أرباح مليونية غير متوقعة لهذه الشركات، من خلال رسم خطة للإنتاج والإشراف عليها وإدارة هذه الشركات، حتى تخلصت نيسان من الإفلاس وحلّق برينو وميتسوبيشي في سماء الأرباح.
وتهمته عدم الكشف عن موارده المالية على حقيقتها، فكانت الفضيحة العالمية التي دعت الرئيس الفرنسي للتصريح عن حرصه على أن تستمر «رينو» بتحقيق النجاح بعد أن هوى قيمة سهم الشركة في البورصة ليفقد 12 في المئة من قيمته.
في المقابل - وفي وطني الحبيب - هناك لصوص كبار صدرت ضدهم أحكام تمييز باتة ونهائية لسرقتهم عشرات ملايين الدنانير الكويتية من المال العام أو التأمينات الاجتماعية، أو تلاعبوا بكشوف توريد وجبات غذائية لرجال الأمن أو اختلسوا أموال ضيافة «الداخلية»، أو نهبوا أموال ناقلات النفط، حينما كان الوطن مغدورا بطعنات الشقيق ودماء أبنائه تروي أرضه الطاهرة، ولم يتوقف أمر لصوصنا عند هذا الحد، بل شاركوا في المناقصات ليزدادوا ثراءً فاحشاً على حساب لوعة المواطن وألمه، كما نرى كلنا في انتشار الحصى على الشوارع العامة بعد الأمطار الخفيفة، وحالات غرق المنازل وتجريف السيارات وضياع الأمانة والأخلاق، لأن لصوصنا أمنوا العقوبة فأساؤوا الأدب، وأيقنوا أن الفساد لا رادع له، وأن السرقات المقننة أسرع طريق للإثراء من دون محاسبة، وأن الكبار إذا سرقوا أو نهبوا أو اختلسوا فإن اسم العائلة أو القبيلة أو الطائفة سيكون حائلا من دون محاسبتهم.
ولم يعِ القائمون على إدارة أغنى دولة نفطية في العالم أن منطق «هذا ولدنا غلط ولازم نسامحه»، السائد خلال السنوات الماضية هو الطريق الأسرع لسقوط الأمم وأن التحذير من «انتهاء دولة الرفاهية»، ليس واقعيا يعكس «ملاءة» الدولة الحقيقية بقدر ما هو انعكاس حقيقي للفشل في إدارة الدولة، واستثمار مقدراتها في رفع شأن البلد عاليا علميا وصحيا وماليا واقتصاديا وأمنيا، ورفاهية مستحقة لأبناء هذا الشعب الذي ابتلي ببعض قيادات في جميع وزارات الدولة لا تستحق أن تقوم على إدارة شؤون حياته لأنها لا تفكر إلا في نفسها وكي تحقق الثروة على حساب الوطن والمواطنين من دون اكتراث بالمآلات التي أصبحنا نئنُّ وجعا من حضورها في مجتمعنا وتأثيرها المباشر على حياتنا وحياة أبنائنا.
دعوة رئيس الوزراء لمحاربة الفساد خطوة أولى في طريق الإصلاح، ومنع الشركات والمقاولين والمكاتب الهندسية المتورطة في كارثة الأمطار من المشاركة في أي مشاريع مستقبلية، وإحالتها إلى النيابة خطوة مشكورة لكنها لا تكفي، فالمطلوب كذلك إحالة كل مهندس أو قيادي في وزارات الدولة وافق على تسلم هذه المشاريع من المقاولين الفاسدين، حتى لا تتكرر المأساة في قادم الأيام.

@mh_awadi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي