No Script

د. وائل الحساوي / نسمات

السلطة الخامسة

تصغير
تكبير
لا تكاد تمر سنتان إلا وأجد أخا عزيزا يطرق بابي ليهدني آخر إصداراته العلمية التي بذل الجهد الكبير لتأليفها. وهذا الاخ هو «عيد الدويهيس» الذي وضع كثيرا من المؤلفات في كثير من المواضيع الفكرية والعلمية ومنها: «كيف تخطط لحياتك الوظيفية»، و«التخطيط الوهمي» و«الطريق إلى التقدم العلمي» وآخرها كتاب «أين السلطة العلمية» والذي لخص فكرته بقوله بأن الامم المتقدمة تضع لها ثلاث سلطات هي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، لكن هنالك سلطة مهمة جدا لا تقل أهمية عن تلك السلطات الثلاث وهي السلطة العلمية، وفكرتها قائمة على جعل العلم واهله المسؤولين عن القيادة العلمية للتنمية أو المشاركين في الدور الاكبر منها.

ويضرب عيد مثلا بدولة متقدمة مثل اليابان، لو انها اعطيت ادارة دولة عربية فإن اول ما سيفعلونه هو عمل الاف الدراسات العملية عن واقع هذه الدولة قبل أن يخطو خطوة إلى اصلاح اوضاعها، بينما نحن كحكومات وشعوب فإننا سنقوم بتشخيص المشاكل مباشرة بأنها نقص في الموارد المالية أو الاخلاص أو وجود الفاسدين من بني جلدتنا أو تآمر الاعداء وهذه الامور موجودة في الغالب ولكن السبب الرئيسي لتخلفنا هو جهلنا العلمي!


ويطالب عيد بايجاد سلطة علمية قوية وعدم الاكتفاء بالسلطات الثلاث الموجودة، وتتكون السلطة العلمية اساسا من معاهد علمية كبيرة ومتخصصة يعمل بها نخبة النخبة من ذوي الخبرات النظرية والعملية، وتقوم هذه السلطة العلمية بعمل الدراسات الكثيرة واعداد مسودات القرارات والبرامج والخطط التي تحقق التطور والتنمية ورفعها إلى المسؤولين.

ويضع الاخ عيد ضوابط واضحة حول السلطة العلمية اهمها أن تكون سلطة مستقلة تابعة للدولة وليس لقطاع خاص، أو تكون دراساتها واقعية ولا تعيش في ابراج عاجية بعيدا عن واقعها، وان تركز على العلم الذي تتطلبه التنمية ولا تشتغل بقضايا ذات اولويات متدنية.

من صنع الفساد ؟!

يقول الاخ عيد: لو ركبنا طائرة وشاهدنا مئة بقعة فساد كبيرة في العالم العربي فإنني مقتنع بأن الاعداء والفاسدين من بني جلدتنا مسؤولون عن ثلاثين في المئة منها أو اقل، وان المخلصين العرب مسؤولون عن سبعين في المئة أو اكثر!!

ألم تصفق الجماهير العربية مرارا وتكرارا لحكام عرب مخلصين تسببوا بجهلهم في كثير من الفشل الاقتصادي والعقائدي والسياسي والاخلاقي، فأضاعوا المليارات من الدنانير أو تسببوا في هزائم عسكرية أو نشر الفرقة والعداوات بين ابناء الشعب...!

إذا وجدت مخلصا أو مؤسسة أو وزارة أو حكومة يتكلمون، فاسأل نفسك: هل يتكلمون في مجال تخصصهم وشهاداتهم؟! وستجد بأن الغالبية الساحقة من المخلصين لا تفعل ذلك، فالكل يتكلم في السياسة، وستجد سياسيين يتكلمون في العقائد وهكذا!!

جزى الله خيرا الاخ عيد الدويهيس على تركيزه على تلك القضايا المهمة، ولا شك في أن خبرته اكثر من ثلاثين عاما في معهد الكويت للابحاث العلمية وادارته لقطاع التخطيط في المعهد ساعده على صياغة تلك الافكار المهمة.

وقد ترك الاخ عيد أبحاثه على الانترنت بالمجان لمن يريد الاطلاع عليها.

د. وائل الحساوي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي