كافور الإخشيدي هو حاكم مصر في ما قبل عام 968 م، وأنا على يقين أن ما يعرفه غالبية وعموم العرب - الذين سمعوا عن كافور - هو ما حفظوه وسمعوه من شعر المتنبي في ذم كافور، بعدما هرب منه وهجاه ووصفه بالعبد المملوك الذي يحتاج للعصا للتأديب، ووصف سمنته الدالة على البلاهة بزعمه، وشفته التي بها شق من أسفل كعادة من يقع في العبودية إلى ما هنالك من أوصاف ذميمة يحفظها عموم من تابع قصة المتنبي وكافور، الناس لا تعرف عن كافور إلا ما سرده المتنبي في قصيدته التي يردد مطلعها ألوف الناس «عيد بأي حال عدت ياعيد... بما بمضى أم بأمر فيك تجديد».
والحقيقة أن أبا مسك كافور الإخشيدي كان حاكماً صالحاً عادلاً شجاعاً في ما أُثر عنه خلال حكمه، بل قد أجمع المؤرخون على حسن سيرته وعدالة حكمه وبسالته، ولما وقعت الضغينة بين المتنبي وسيف الدولة في الشام فرّ المتنبي إلى مصر ولجأ إلى حاكمها كافور، فأكرمه وأجزل عطاءه وأحسن رفادته، فمدحه المتنبي فترة من الزمن ليست بالقصيرة وتقرب إليه، فلما رأى المتنبي قربه من الحاكم طلب منه ولاية الصعيد فسكت عنه كافور، وألحّ المتنبي بطلب أن يعينه كافور والياً على الصعيد حتى صارحه كافور برفضه للفكرة تماماً، وكأن المتنبي قرأ ما في ذهن كافور ذاك الحاكم العادل: إنك لست سوى شاعر تجلس إلى الحاكم ونستأنس بحديثك ومسامرتك وليس لك في الولاية والحكم، عندها فرّ المتنبي من مصر عائداً إلى الشام ليصالح وليّ نعمته الأول سيف الدولة، وكان هروبه ليلة العيد، وقال قصيدته المشهورة التي ذم بها كافور وعاب عليه لونه وكونه كان عبداً مملوكاً وذمه أيما ذم.
الناس نسوا كل تاريخ كافور وسيرته، ولم يحفظوا إلا أوصاف المتنبي وقصيدته عنه، ولعل العموم لا يعرف عن كافور إلا ما ذكره المتنبي عنه فقط!