No Script

من الخميس إلى الخميس

عيد الكويت... كشف حساب

تصغير
تكبير

ثلاثون عاماً على تحرير الكويت من الغزو العراقي، أمور كثيرة تغيرت كما أن اليوم أكثر من نصف الشعب الكويتي لم يكن شاهداً على تلك الفترة.
أثناء الغزو العراقي هناك كويتيون استشهدوا، وآخرون أُسروا، وكثير رابطوا، وكثير هربوا، وقليل وجدوا أنفسهم خارج الوطن ولا يستطيعون العودة إليه، حُرِرَت الكويت وعاد الجميع إلى حضن الوطن باستثناء الذين استشهدوا في سبيل الله فهم عند خالقهم ونحسبهم فرحين بما آتاهم ربهم.
صدمة الغزو خلقت موجات تاريخية، تلك الموجات تفاعلت وخلقت ثقافة ما بعد الغزو، ثقافة تتطور كل بضع سنوات، ثقافة تحفُرُ آثارها على كل الأجيال، فثقافة ما بعد الصدمة تتوالد وتنتقل كالعدوى من جيل إلى جيل، ويستمر أثرها.
كل أمراض الكويت القديمة عاد معظمها، و البقية ستعود لاحقاً، كل إيجابيات الكويت القديمة زاد توهجها وما زال متوهجاً.
أمراض الكويت الاجتماعية التي تفرق بين أبناء الوطن في أصولهم عادت بقوة، وأصبحت الإعلانات عنها في الصحف، والنعرات الطائفية توسعت حتى أصبحت عند البعض ولاء الطائفة مقدم على الوطن، لم تعد الكويت بلد الجميع إلا في الغناء والأشعار، تقسم الوطن وفق الأنساب والأصول والطوائف وزادت في الفترة الأخيرة الفروقات حتى أصبحت في العلن، شعب لا يزيد تعداده على المليون ونصف المليون إنسان مر بعاصفة كادت تجعله مشرداً يستجدي الناس، شعب كهذا تراه اليوم يتمسك بخرافات صنعها له الجهل، خرافات يعلم كل دارس للتاريخ أنه كذب من أجل أن تتميز كل مجموعة عن الأخرى، إما بأصل كادعاءات لا أساس لها، وإما بأموال فانية، وإما بالهروب الى الطائفية أو الحزبية أو القبلية لخلق نفوذ يزيد من الصراعات ويُقسّم المجتمع، كل هذا في شعب لا يزيد تعداده على مليون ونصف المليون إنسان كاد أن يصبح لاجئاً أو مهاناً في وطن محتل.
من ناحية أخرى، فإن إيجابيات المجتمع الكويتي ما زالت متوهجة، فالشعب الكويتي ما زال يعشق الحرية، ويُحب العلم، وتجدُ أبناءه يتسابقون في الإبداع في كل مكان، وما زالت الرحمة تملأ قلوبهم، وإنسانيتهم تعبُرُ فوق أرضهم لتصِلَ إلى بقاع العالم المختلفة، ما زالت قيم الدين تحكم أفعالهم والطيبةُ تسكُنُ قلوبَهُم، هذه الصفات النبيلة للشعب الكويتي لم يهزَها غزو ولم تغيرها تحولات ما بعد الصدمة.
إنه كشف حساب ثلاثين عاماً من بعد الغزو، لم يتغير شيء، كنت أتمنى زيادة التجانس في المجتمع الكويتي، وكنت أتمنى أن يشعر الكويتي بقيمة الوطن فلا تخدعه طائفة ولا قبيلة ولا حزب، انتهت ثلاثون عاماً وما زالت موجات ما بعد الصدمة تتفاعل ولعل الثلاثين سنة المقبلة تشهد تحقيق الأمنيات.

kalsalehdr@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي