No Script

رؤية ورأي

«التطبيقي» ودعوة سمو الأمير

تصغير
تكبير

تعتمد الكويت في دخلها على مصدر واحد وهو النفط، كما توظف الدولة في مؤسساتها المختلفة 95 في المئة من العمالة الوطنية، وهذا الوضع يعرض مستقبل الكويت ككيان وشعب إلى التشتت وانتهائها لا قدر الله كدولة ذات كيان اقتصادي قابل للبقاء، يلزم أصحاب القرار والمسؤولية، وهما الحكومة ومجلس الأمة، اعطاء قضية التنمية وتنويع مصادر الدخل وضمان مستقبل الكويت الاقتصادي أهمية قصوى.
ما سبق هو مقتطف من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم (98) لسنة 2013 في شأن الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وهو من بين ما يؤكد  وعي المشرّع الكويتي - الأعضاء المنتخبين والمعينين في مجلس الأمة - بهشاشة الاقتصاد الكويتي، وإدراكه بجدوى المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تنمية اقتصادنا الوطني وتعزيز مرونته في التكيّف مع التقلبات العالمية المنظورة والمحتملة. ومن بين الشواهد على ذلك الإدراك، ما جاء في المادة الرابعة من قانون صندوق المشروعات، التي خصصت للصندوق رأسمالا قيمته مليارا دينار كويتي. ومن الشواهد أيضا، سن قوانين بتعديل بعض مواد قانون الصندوق، للتغلب على العوائق التي واجهها القائمون على الصندوق، وسعيا لتمكينه من أداء دوره بكفاءة أعلى، وكان آخرها قانون رقم (14) الذي شرّع قبل أقل من شهرين.
بالرغم من التناغم بين الحكومة ومجلس الأمة بشأن دعم الصندوق تشريعيا، وإلى جانب ما قدمته الحكومة للصندوق من تسهيلات، ومن بينها تخصيص الهيئة العامة للصناعة أراضي بمساحة 500 ألف متر مربع لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبالرغم من الجهود الحثيثة للقائمين على الصندوق من أجل تحقيق أهدافه المعلنة في قانون إنشائه، خصوصا تنويع مصادرالدخل لتخفيف الأعباء المالية على الموازنة العامة للدولة، بالرغم من كل ما سبق، ما زالت انجازات الصندوق دون مستوى الطموح بكثير، خصوصا إذا تم تقييمها وفق نسبة ما تم تحقيقه من أهداف.


ولاشك أن هذا الواقع المرير، من بين دوافع استمرار حرص حضرة صاحب السمو أمير البلاد على تخصيص جزء من خطاباته لتحفيز الشباب على ممارسة الأعمال الحرة، وإقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة ذات جدوى اقتصادية، وقيمة مضافة لاقتصادنا الوطني. وكان آخر تلك الدعوات، في خطابه الأخير بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم.
وهنا لابد من التأكيد أن المخاطب في هذه الدعوات السامية المتكررة للشباب لإقامة مشروعات صغيرة ومتوسطة، ليس الشباب وحدهم، بل تشمل العاملين في جميع الجهات المعنية بتنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الكويت، وأخص بالذكر- في هذا المقال- المسؤولين وأعضاء الكادرين التدريسي والتدريبي في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.
فالعلاقة بين هيئة التطبيقي وبين تلك المشروعات أقرب إلى علاقة أمومة، لأن الهيئة هي التي أنجبت فكرة رعايتها، ثم حضنتها حتى نشأت. فعلاقتهما ترجع إلى ما قبل عشرين سنة، فترة الإعداد لتشريع القانون رقم (10) لسنة 1998 الذي بموجبه أنشئت محفظة مالية بمبلغ 50 مليون دينار كويتي لدى بنك الكويت الصناعي، لدعم تمويل النشاط الحرفي والمشاريع الصغيرة للكويتيين. وتعمقت تلك العلاقة خلال مرحلة إنشاء وإدارة حاضنة الشويخ الحرفية منذ عام 2005.
واليوم، بعد أن تسلم الصندوق مسؤولية رعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مازالت الهيئة معنية بالاستجابة إلى الدعوة السامية بشأن تلك المشروعات. ولكن عليها أن تعيد صياغة دورها الداعم لتلك المشروعات، فتعمل من أجل رفع كفاءة كلياتها ومعاهدها في تأهيل خريجيها، ليتمكنوا من استغلال الفرص المواتية للانخراط في العمل الحر والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، كمبادرين وملاك ومدراء ومهنيين. فبدلا من الاكتفاء بالبرنامج التدريبي المكثف حول ريادة الأعمال الذي يقدمه الصندوق، الأولى أن يكتسب الطالب في الكليات التطبيقية الكفايات الضرورية لتلك المشروعات.
لذلك أناشد الهيئة أن توفر لطلبتها الخبرة العملية في إدارة مشروعات خاصة في مجال تخصصاتهم، مشابهة للخبرة التي يبحث عنها خريج الحقوق - على سبيل المثال - الذي يلتحق للعمل بمكتب محاماة قبل أن يمتلك مكتبه الخاص. وهذا بدوره يتطلب قرارين كبيرين: الأول هو السماح للكليات التطبيقية بامتلاك وإدارة مشروعات صغيرة في مجالات التخصصات المتاحة لديها، والثاني تشجيع الكليات التطبيقية على استحداث برامج بكالوريوس تتضمن فترة تفرغ الطلبة للتدريب في احد مشروعاتها الصغيرة، وتشتمل على جرعات أكبر في العلوم المساندة الضرورية في العمل الحر، كالعلوم الإدارية لطلبة التكنولوجيا... «،اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

 abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي