No Script

100 عام على رحيل «أسد الجزيرة»

مبارك الكبير... حامي الكويت من أطماع الدول الكبرى

تصغير
تكبير
• بريطانيا غيرت موقفها وأبرمت اتفاقية الحماية بسبب خشيتها من امتداد النفوذ الألماني إلى الكويت

• سرعة اتخاذه القرارات الحاسمة أدت إلى سطوع نجم مبارك الكبير كأبرز الشخصيات في الخليج العربي

• سعى إلى اثبات عدم تبعية الكويت للدولة العثمانية فخصص في عام 1914 علماً جديداً للكويت

• الهولندي سلوت: بفضل حكمته تخطى مبارك الكبير المشاريع الاستعمارية وسار بالكويت إلى بر الأمان
كونا- تحل اليوم الذكرى المئوية لوفاة الشيخ مبارك الصباح (مبارك الكبير)، الذي ترك بصمات راسخة في تاريخ الكويت الحديث، حيث وضع الأساس لبناء دولة ونهضة شعب، في ظل تنافس الدول الكبرى عليها، نهاية القرن التاسع عشر.

ويعد الشيخ مبارك الصباح، الحاكم السابع للبلاد، مؤسس دولة الكويت بالمفهوم المعاصر، حيث قام خلال فترة حكمه الممتدة بين عامي 1896 و1915 بأدوار بارزة في استقلال البلاد وحمايتها من أطماع القوى السياسية الكبرى في المنطقة، وعرف عنه بأنه شخصية فاعلة في الكويت والمنطقة عموماً، من خلال تعاطيه مع مجريات الأحداث.


وتميز الراحل بصفات قيادية كالشجاعة والكرم والفروسية وسرعة اتخاذ القرارات الحاسمة التي أدت إلى سطوع نجمه كأبرز الشخصيات الحاكمة في منطقة الخليج العربي، ولقب على أثر ذلك بـ «أسد الجزيرة».

ونتيجة لدوره السياسي وصفاته المميزة، أصبح الشيخ مبارك مادة خصبة وثرية للكثير من الكتاب، كما تناولت أقلام الباحثين والمؤرخين في مؤلفاتهم التاريخية حياة هذه الشخصية المميزة.

وفي هذا الصدد قال الدكتور الهولندي ب.ج. سلوت في كتاب (مبارك الصباح مؤسس الكويت الحديثة)، إن «الشيخ مبارك استطاع بفضل سياسته الحكيمة أن يتخطى المشاريع الاستعمارية بنجاح وأن يسير بالكويت إلى بر الأمان».

تولى الشيخ مبارك الصباح سدة الإمارة خلفا لأخيه الشيخ محمد، في الوقت الذي ازدادت فيه طموحات العثمانيين وتطلعاتهم نحو الكويت، إلا أن الشيخ مبارك تعامل ببراعة مع العثمانيين بوسائل متعددة.

وسعى إلى زيادة حماسة النفوذ البريطاني لمصالحه في الكويت خلال فترة التنافس بين القوى الأوروبية العظمى، التي كان يهمها موقع الكويت الاستراتيجي كنهاية لخط السكة الحديد، الذي يشكل وسيلة اتصال سريعة بين أوروبا والهند.

وفي سبتمبر 1897 طلب الشيخ مبارك الصباح الحماية البريطانية، لكن طلبه قوبل بالرفض، وعللت بريطانيا بأنها لا ترى ضرورة للتدخل في شؤون المنطقة، إلا أنها غيرت موقفها ووافقت على إبرام الاتفاقية سرا في 23 يناير 1899 بسبب خشيتها من امتداد النفوذ الألماني، الذي كان يسعى لمد سكة حديد من برلين إلى كاظمة شمال جون الكويت.

وكان من بنود الاتفاقية ألا يقبل الشيخ مبارك وكيلاً أو قائم مقام من جانب أي حكومة، وأن يمتنع عن منح أو بيع أو رهن أو تأجير أي قطعة أرض من أراضي الكويت لدولة أخرى، من دون الحصول على إجازة من بريطانيا.

وتمكن الشيخ مبارك الصباح من خلال تلك الاتفاقية أن يجعل الكويت محمية بريطانية بأسلوب غير معلن، واستمرت هذه السرية حتى تجرأ الجانب البريطاني عقب قيام الحرب العالمية الاولى على إعلان الكويت محمية، في نوفمبر 1902.

وفي بدايات القرن الماضي شهدت البلاد معارك عدة ضد بعض القبائل، فقد خاض الشيخ مبارك معركة الرخيمة عام 1901، وأرسل جيشا بقيادة أخيه الشيخ حمود وابنه الشيخ سالم المبارك إلى الرخيمة، بعد أن تعرضت الكويت لغارات من قبيلة شمر، واستطاع الجيش الكويتي أن يحقق النصر في المعركة.

وفي العام نفسه قاد الشيخ مبارك الصباح حملة عسكرية، برفقة عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وبعض أمراء بريدة وعنيزة وزعماء البوادي، لغزو عاصمة دولة (آل رشيد- حائل)، فوقعت معركة الصريف في 17 مارس وانتصرت قوات ابن رشيد.

وشهد عام 1910 اندلاع معركة هدية وكان جيش الكويت تحت قيادة الشيخ جابر المبارك وعبد العزيز بن سعود أمام جيش المنتفق (ابن سعدون). وتلقى الجيش الكويتي هزيمة، إلا أن الشيخ مبارك خطط لرد الاعتبار، فأرسل جيشا يقوده الشيخ جابر المبارك واستطاع أن يغير على قبيلة الظفير ويستولي على الكثير من الإبل.

وسعى الشيخ مبارك إلى اثبات عدم تبعية الكويت للدولة العثمانية، ففي عام 1914 خصص علما جديدا بدلا من العلم العثماني، بعد المعاهدة مع البريطانيين، فكان أحمر اللون وفي وسطه كلمة (كويت) واستمر حتى عام 1961.

وفي هذا الصدد قالت الأستاذة في قسم التاريخ بكلية الآداب في جامعة الكويت الدكتورة حياة الحجي خلال مؤتمر (مبارك الكبير.. مؤسس الدولة الحديثة)، ان «حكم الشيخ مبارك تميز بسياسة التفعيل الشامل بين استراتيجية التفكير واستراتيجية الواقع».

واضافت ان «هذه الاستراتيجية لا تتأتى إلا لمن يملك فكرا سياسيا طموحا، وهو السبب الذي من خلاله استطاعت الكويت رغم وضعها الجغرافي والتاريخي بين ثلاث قوى كبيرة في ذلك الوقت، أن تستمر شامخة وما تزال إلى يومنا هذا».

وازدهرت الكويت تجاريا في عهد الشيخ مبارك. وفي عهده أيضا تم إنشاء أول مدرسة نظامية في الكويت عام 1912 وسميت بالمدرسة المباركية، نسبة له.

كما شيد أول مستشفى في البلاد في عهده وهو المستشفى الأمريكاني من قبل الإرسالية الأميركية، فكان أول مبنى في الكويت يشيد بالاسمنت والحديد.

ونظرا لإنجازات الشيخ مبارك فقد سميت العديد من الأماكن باسمه، مثل سوق المباركية ومحافظة مبارك الكبير آخر محافظة من حيث التأسيس صدر مرسوم بإنشائها بتاريخ 27 نوفمبر 1999، ومشروع ميناء مبارك الكبير- قيد الإنشاء- شرق جزيرة بوبيان، كما تم افتتاح مستشفى مبارك الكبير عام 1982 في الجابرية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي