No Script

أوروبا لم تعُد كما هي... والحساب مؤجل!

No Image
تصغير
تكبير
  • مستشفيات لندن تشهد  «تسونامي» مصابين 

لا يمكن وصف الوضع الصحي في أوروبا، بغير أنه مأسوي مع تخطي عدد الوفيات الأربعة آلاف، في إسبانيا، في حين تواجه مستشفيات لندن تدفقاً وُصف بأنه «تسونامي» لمصابين بأمراض خطيرة مع إصابة نسبة «لم تعرف من قبل» من الأطقم الصحية، وإنْ تحدثت منظمة الصحة العالمية عن «علامات مشجعة» على تباطؤ انتشار فيروس كورونا المستجد في «القارة العجوز».
فقد تجاوز مجموع حالات الإصابة الـ250 ألفاً، من أصل نحو نصف المليون في العالم أجمع، وعدد الوفيات الـ14200 من أصل 22 ألفاً، وهو ما يجعل أوروبا، تدفع الثمن الأعلى بين كل القارات.
وارتفعت الحصيلة أمس، خصوصاً في إسبانيا (4088 وفاة) التي تجاوزت الصين (3281)، وكذلك في فرنسا وبريطانيا، وإيطاليا البلد الذي سجل فيه العدد الأكبر من الوفيات مع أكثر من 8000 حالة.


وبينما تخطّتْ بلجيكا عتبة الخمسة آلاف إصابة، بينها نحو 200 وفاة، لم تسجل الصين، أمس، أي إصابة محلية، لكن السلطات الصحية أعلنت عن 67 حالة مستوردة إضافية.
ويؤكد عالم الفيروسات والأوبئة البروفسور البلجيكي مارك فان رانست، أن «الأعداد التي تُنشر يومياً غير دقيقة وعلينا مضاعفة هذه الأرقام عشر مرات للحصول على الرقم الحقيقي للمصابين. وهذا حال كل أوروبا لأن الأعداد التي تصلنا لا تصل في الوقت المناسب».
ويتابع أن «أرقام الوفيات أقلّ بكثير مما توقّعنا فهي لا تزداد على 100 أو 200 أو 300 كل يوم، وبالتالي فنحن أمام ضحايا لا يفقدون الحياة بين ليلة وضحاها، بل هناك حالات حرجة تصارع الموت منذ أيام وأسابيع».
وطورت شركة Coris BioConcept بالتعاون مع مستشفى وجامعة بروكسيل وجامعة لياج فحصاً للفيروس يتم فيه تحصيل النتيجة السلبية والإيجابية خلال 15 دقيقة فقط وعرضتْه للمستشفيات وللبيع لمَن يشاء من الدول المصابة.
ويقول فان رانست إن «فحص الناس كلهم لا يشفيهم. فإذا تبيّنت إصابة شخص ما، فعليه عزْل نفسه وكل مَن يتواجد معه في المنزل لمدة 14 يوماً، ولن يتغيّر في وضع المصاب أي شيء إذا فُحص إيجابياً أم لا. وأقول ذلك لعدم وجود فحص لكل شخص، ولأنه لا توجد أجهزة تنفس لكل مصاب، وهذا واقع يجب أن نتقبله في الوقت الحاضر».
وقام المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها بتحديث تقييم المَخاطر، واعتبر أن خطر تجاوز سعة نظام الرعاية الصحية في كل دول الاتحاد الأوروبي مرتفع جداً.
ويؤكد المركز أن إجراءات حظر التجول والإغلاق الحدودي الجزئي وقيود السفر والحجر المنزلي جاءت كلها متأخرة لأن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لم يستعدا للسيناريو الصحي الأسوأ، وبالتالي تأخرت خطوات مهمة ولكن مميتة. وبالتالي يتحضر الاتحاد لإضافة المزيد من الأسرّة والمراكز التي تختص بالعناية المركّزة وأجهزة التنفس.وقد تم إدخال 30 في المئة من حالات كورونا المشخصة إلى المستشفيات بينها 4 في المئة تعاني من مرض شديد وليس بداية العوارض، وهو ما يقلص حظوظ نجاتها. وأظهرت حالات في إيطاليا وإسبانيا وألمانيا أن عدد الوفيات ازداد مع تقدم العمر لمن تبلغ أعمارهم 60 عاماً وأكثر.
واعتبر المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض، أن الخطر يُعتبر معتدلاً إذا كانت التدابير قاسية وفعالة، بينما يُعتبر مرتفعاً جداً في حال تدابير غير كافية ورخوة. إلا أن النتيجة في الحالات كلها أن نظام الرعاية الصحي في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة يُعتبر غير كافٍ وغير مؤهل لمجابهة الفيروس.
أما نتيجة التدابير القاسية بتحديد التنقل، فقد أثبتت الدراسات بعد فحص أجري لـ3000 مدينة أوروبية أن مستوى ثاني أوكسيد النيتروجين (NO2) قد انخفض بنسبة تراوح بين 40 و55 في المئة في مدريد وميلانو وروما ومدن أخرى. ويتسبب ثاني أوكسيد النيتروجين بمشاكل في التنفّس ونوبات الربو وزيادة خطر العدوى والالتهابات.
وقد مددت دول أوروبية الحجر حتى 29 يوماً كفترة تدريجية للحدّ من التفشي، إلا أن أوروبا لم تعُد كما هي، فكل دولة تعتمد على نفسها بالدرجة الأولى بعدما تأخرت المساعدات في الأسابيع الأولى لإيطاليا التي وصلت إلى مرحلة الذروة.
واستعانت إيطاليا بالصين وكوبا وروسيا، حتى ظهرت شاحناتٌ روسية تتجه نحو الشمال الإيطالي بعدما اجتمع ضباط روس وإيطاليون في روما لرسْم خطة العزل ومكافحة «كورونا».
ولم تعترض أميركا على الوجود الروسي في قلب إيطاليا، لأن واشنطن رفضت تقديم أي مساعدة للقارة العجوز التي تحوي أكبر عدد من المسنين في العالم.
وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن أمله بأن تنتهي الحرب ضد الفيروس خلال شهرين أو ثلاثة.
يربح مَن يطلب المساعدة المبكرة ويتخذ أقسى الإجراءات قبل «الانفجار»، وهو المرحلة التي يبلغ فيها عدد الإصابات القمة ويتهافت المصابون إلى المستشفيات بـ«أعداد تسونامية». ويربح مَن لديه المعدات اللازمة والعدد المتوافر ومَن يستدعي المصابين قبل وصولهم إلى المستوى الحرج. ويبقى حساب الدول في ما بينها مؤجلا إلى ما بعد «كورونا».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي