No Script

«غومبوك»... مثال ريادة الأعمال الخضراء في الإمارات

No Image
تصغير
تكبير
عندما أرادت تاتيانا أنتونيلي أبيلا، قبل سبع سنوات، أن تُطلق مشروعاً صديقاً للبيئة في الإمارات العربية المتحدة، ضحك الجميع باستهزاء. والسبب؟ حينها، لم يكن أحد يهتمّ بعمليات إعادة التدوير، وكانت الأزمة المالية في ذروتها وبيئة الأعمال لا تُسهّل إطلاق الشركات، ولم تكن السلطات مهتمة بعد بالاقتصاد الأخضر أو الاستدامة أضف إلى ذلك أن أبيلا لم تكن تملك التمويل.

رغم كل العوامل غير المواتية، ثابرت وصبرت واستمّرت أبيلا وكل فريق عملها، وها هي اليوم المؤسسة والمديرة الإدارية لشركة «غومبوك» المستدامة التي تُدر الأموال وتدفع الرواتب لموظفيها وتحصد الشراكات وتتعاون مع السلطات من أجل زيادة الوعي حيال أهمية البيئة المحيطة بنا والمسؤولية التي تترتّب على كل فرد منّا من أجل الحفاظ على بيئتنا.

ولكن، لماذا كل هذا الإصرار؟ تخبرنا أبيلا، خلال لقاء معها في إحدى مقاهي دبي، «هذا أمرٌ أدين به إلى دبي. أتيت للاستقرار هنا ولم أكن مضطرة للعمل بسبب وضعي الاقتصادي المناسب، فقررت أن أكرّس وقتي لقضية عزيزة على قلبي. بالإضافة إلى ذلك، نجد في دبي العديد من السيدات القديرات وذات خبرة اللواتي لا يجدن عملاً لأن نادراً ما يتمّ توظيفهن بدوام جزئي. وبالتالي، كنت أملك إمكانية التغيير ومعاونة مجموعة من الخبراء في آن واحد، فأطلقت شركتي».

وبفضل ما اختبرته في حياتها اليومية، لم يكن صعباً على أبيلا أن تختار المجال الذي ستركّز عليه. وهنا تقول: «عندما انتقلت إلى دبي، لاحظت غياب البنى التحتية لإدارة النفايات. فكنت أشتري الكثير من زجاجات الماء البلاستيكية من دون أن أعرف أين أعيد تدويرها. كُنت أجمعها في شقتي لأتوجّه، مرة كل شهر، إلى مركز بلدية دبي لإعادة التدوير لأتخلص منها». وحينها، أطلقت صفحة على «فيسبوك» بعنوان «غرين هاند، دبي» حيث نشرت عليها معلومات عن كيفية إعادة التدوير والأماكن المخصصة لها، ومتاجر المنتجات العضوية…

ومن صفحة على فيسبوك، أسست، عام 2010، شركتها الخاصة، «غومبوك» التي أرادت أبيلا أن تكون دليلاً إلكترونياً يجمع كل المعلومات الضرورية حول أنماط الحياة المستدامة والممارسات الخضراء.

«أعطي غاف»

تريد مبادرة «أعطي شجرة غاف» التي انطلقت العام 2011 وما زالت مستمرة أن تُعزّز الوعي بالنظام البيئي المحلي، وحماية النباتات والحيوانات من مختلف الأخطار التي تُهددها، مثل التصحّر والغزو الاسمنتي وشح المياه والانقراض. واختارت «غومبوك» شجرة الغاف التي تعتبر شجرة وطنية ومحمية؛ شجرة دائمة الخضرة تمتاز بقدرتها على مقاومة الجفاف والأكثر قدرة على مقاومة طبيعة الصحراء القاسية.

منذ انطلاقها، تم زرع ما يزيد على 30 ألف بذرة شجرة غاف في مختلف أنحاء الإمارات. ولا تقتصر المبادرة على إتاحة المزيد من المساحات الخضراء والهواء المنعش لا بل أنها تُسهم عملياً في تحويل الانبعاثات الكربونية إلى هواء نظيف للأجيال المقبلة.

«اتركها»

وتعود أبيلا إلى اهتمامها الأول ألا وهو تقليص استعمال البلاستيك في حياتنا اليومية. فانطلقت هذه المبادرة العام الماضي من أجل توفير صلة وصل بين الأفراد والشركات الذين يدركون أهمية وضع حد لاستهلاك البلاستيك لاسيما زجاجات مياه الشرب البلاستيكية واستبدالها بالمياه المنزلية بعد فلترتها.

ونظراً إلى أن «غومبوك» تعتمد على حملات التوعية ولا تريد أن تفرض حلّاً أو طريقة عمل، أجرت العديد من الأبحاث لتعرض أفضل شركات تركيب فلاتر المياه. وهنا تشدد أبيلا «حالما أطلقنا مبادرة اتركها، تواصلت معنا أكثر من 30 شركة أرادت أن ندرجها على موقعنا. إلا أننا اخترنا البعض منها اعتماداً على أسعارها المقبولة ونوعيتها العالية والشركات المتواجدة في الأسواق منذ وقت طويل».

وإضافة إلى الأفراد الذين اختاروا التخلي عن الزجاجات البلاستيكية، انضمّت العديد من الشركات في الإمارات إلى هذه المبادرة علّها تساهم بترك أثر إيجابي فوري على البيئة بفضل تقليل النفايات البلاستيكية والحد من البصمة الكربونية.

بالإضافة إلى ذلك، أطلقت «غومبوك» موقع «التنمية المستدامة مينا» الذي يريد أن يكون بوابة ودليلاً أخضر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يستعرض كل الخدمات والمنتجات والمواد الخضراء بهدف مساعدة المنتجين والتجار والمستهلكين على التواصل مع بعضهم البعض على نحو يعزز الاقتصاد الأخضر المحلي.

كل هذه المبادرات والحملات ونتائجها تؤكد أن مثابرة أبيلا أعطت ثمارها. وهنا تقول «لقد تجاوزت أهدافي. أطلقت المشروع عندما نصحني الجميع بألا أفعل». ويعود الفضل إلى جهود أبيلا وفريق عملها بالطبع وإنما أيضاً إلى التغيرات التي شهدتها الإمارات في السنوات الأخيرة أيضاً. وتعلمنا أبيلا «قبل بضعة سنوات، كثُر الكلام عن الاستدامة والمبادرات الخضراء وتأسست العديد من الشركات إلا أنها سرعان ما أقفلت أبوابها. الأمور تبدّلت اليوم لأسباب عدة مثل اهتمام السلطات المتزايد ما حثّها على التعاون مع المبادرات الموجودة والشراكة معها ووضع الاستدامة في صلب إكسبو 2020».

وتتمنى أبيلا أن يدرك كل فرد مســــؤولــيته تجاه البيــــئة أينمــــا كان حتى لو لفترة زمــــنية محــــددة. وتضــــيف: «لا يجـــب أن نظن أن ما نقــــوم بــــه لا يترك أثراً. بـــــالطبع، لـــــن نغـــــير العالــــم إذا أوقــــفـــــنا استعمال الأكـــــياس البلاستيكية إلا أننا جميعنا في العالم نتــــنفس الهواء ذاته. نـــحن ننتمي إلى كوكب الأرض وأي تغيير في عاداتـــــنا ولو طفــــيف سيكــــون لــــه أثـــر كـــبير عـــلى حياتنا جميعنا».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي