No Script

خواطر صعلوك

أجراس الأفراد بدأت القرع!

تصغير
تكبير

الصراع مع إسرائيل، لم يعد عسكرياً كما كان يوماً، ولم يعد سياسياً في أروقة الأمم المتحدة وغرفها المغلقة فقط، ولكن أيضاً أضيف إليه اليوم البعد الاجتماعي، وهزيمتنا في هذا البعد الأخير هي ذروة سنام التطبيع في أشكاله المختلفة رياضياً وفنياً وأكاديمياً وعسكرياً واقتصادياً... إلخ.
الهزيمة في البعد الاجتماعي تهدم أي انتصار سياسي قائم أو سيقوم.
يصعد نتنياهو على خشبة المسرح ليلقي شعراً ميتاً كقلبه للعالم العربي عبر حسابه في «تويتر»، وعبر تصاريحه في الصحف يبلغنا فيها أن التنسيق والتطبيع الاجتماعي مقبل لا محالة مع الدول والشعوب العربية، وأن القادة العرب يتعاملون معه من فوق وتحت الطاولة. بعيداً عمن «يرتوت» له أو يكذبه، تبقى حرب إسرائيل معنا نحن الشعوب العربية هي حرب اجتماعية، فالغالبية العظمى منا لم تشارك عسكرياً في شيء لا رياضياً أو فنياً أو حتى أكاديمياً... غالبيتنا العظمى لا تملك سوى قلوبها التي تحب وتكره بها.


إنكار المنكر بالقلب هي سمة وسلاح غالبية الشعوب العربية التي لا تملك من أمرها شيئاً سوى الجلوس والتحديق في ما يحدث حولها.
إن إسرائيل منكر من القول والفعل وزور، وحاولنا إزلة المنكر بأيدينا في حرب الأيام الستة وهزمنا في ست ساعات. وحاول الجميع إنكارها باللسان، وقيلت تصاريح وقذف بكل الصهاينة إلى البحر لكي تنهي أسماك القرش المعركة... فغرقنا نحن. واليوم نشاهد المعقل الأخير وهو البعد الاجتماعي بدأ يتفتت تجاه الإسرائيليين، فينقسم المجتمع العربي المسلم في كل الاتجاهات عدا الاتجاه الصحيح، وهو الذي يرمى عليه الحجارة.
يبقى الكيان الإسرائيلي خطاً من خطوط العدو علينا مدافعته حتى لا نعلق على رقابنا أجراساً من أجود النحاس الذي يقرع مع كل هزائم الورقة الفلسطينية التي يلعب بها سياسياً، متنقلة من دولة إلى جماعة إلى ميليشيا... حيث نقلت السفارة الأميركية إلى القدس «عاصمة إسرائيل الأبدية» من دون أن نعرف بالتحديد على من نلقي اللوم هذه المرة. وعندما لم نجد من نلومه، لمنا أنفسنا على هزيمة في معقل الدار وبكل سهولة، فقرر البعض منا قرع الأجراس والتسويق للتطبيع الاجتماعي مستخدمين معاول السخرية من التاريخ والدين والدم والحس المشترك بدقة تساوي مباضع الجراحين في زراعة القلب الجديد.
من الممكن نظرياً خلال هندسة الرأي العام وبرامج واستراتيجيات معدة من خلال متخصصين أن نزرع قلباً جديداً خلال عشرين سنة، تصبح إسرائيل فيه مزاراً سياحياً، ونتعرف على «كوهين» في مجمع تجاري بإحدى الدول لنحكي لأصدقائنا كم هي أخلاق الصهاينة ليست كما يصور الإعلام لنا، ثم يقفز أحدهم متحمساً ليقول «وجدنا فيهم الإسلام الذي لم نجده عند المسلمين». ويصمت الجميع وتغلق الستارة بنتيجة عشر- صفر لإسرائيل للمرة الواحدة بعد الألف.
وها هو أحد القراء يأخذ بتلابيبي ويقول «احترم نفسك أيها الكاتب ولا تتكلم عن المجتمعات بلهجة غير محترمة، فهذا دليل عجزك عن التكيف».
وبصراحة عزيزي القارئ، فإن هذا القارئ الذي أخذ بتلابيبي فعلاً جالس بجانبي الآن وأنا أكتب، يعيش حالة جنون الأكثرية لمصالح أفراد، ليثبت مقولة الإنسان حيوان اجتماعي.
باختصار يا سادة، من الممكن أن نجلس مع بعضنا ونتفق على مشتركات عامة مثل الترحيب بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبأهمية الاستثمار والأمن وأننا مهزومون عسكرياً وأكاديمياً، ونصب اللعنات على داعش والميليشيات المذهبية والمشاريع الكبرى في المنطقة، إلا أن هذا لا يعني إطلاقا أن نعلق أجود أنواع النحاس حول رقابنا، لنحجز كرسياً تحت المسرح الذي يعتليه الصهاينة ونهز روؤسنا لنصدر أصواتاً شبيهة بمزارع...!

 * اقتباس:
أشقى اليتامى... شعب لا وطن له.

كاتب كويتي
moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي