No Script

قيم ومبادئ

هفوة العالِم

تصغير
تكبير

علماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل.
وهذا هو الأدب الواجب تجاه العلماء الربانيين الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم وذلك للأسباب التالية:
لأنهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في أمته.


لأنهم المحيون لما مات من سنته.
ولأنهم جميعاً متفقون يقيناً على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، بمعنى أنه إذا وُجد لواحد من العلماء قول يعارض قول الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يخلو الأمر من أحد هذه الأعذار:
الأول: عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.
الثاني: عدم اعتقاده أنه أراد تلك المسألة بذلك القول.
الثالث: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ.
وهذا الأدب الواجب من الشباب تجاه الشيوخ... وهو اعترافهم لهم بالفضل والمنة بالسبق وتبليغ رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فرضي الله عنهم قال تعالى: «وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ».
لا يُهدر العالم بهفوته ولا يُتّبع في زلته:
قال ابن القيم - رحمه الله: «ومن له علمٌ بالشرع والواقع يعلم قطعاً أنَّ الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدمٌ صالح، وآثار حسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلَّة هو فيها معذورٌ، بل مأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يُتّبع فيها، ولا يجوز أن تُهدر مكانته وإمامته ومنـزلته عند المسلمين».
ولا يوجد عالم إذا برع في علم معين إلا وتجد قد فاته من العلوم الأخرى ما فاته وليس في هذا قدح في هذا العالم أو إزراء بمنزلته فلا زال هو مقدماً في علمه وفنه قال الإمام الذهبي: «فكم من إمام في فن مقصر عن غيره كسيبويه مثلا امام في النحو ولا يدرى ما الحديث، ووكيع امام في الحديث ولا يعرف العربية، وكأبي نواس رأس في الشعر عرى من غيره، وعبد الرحمن بن مهدي امام في الحديث لا يدري ما الطب قط، وكمحمد بن الحسن رأس في الفقه ولا يدري ما القراءات، وكحفص امام في القراءة تالف في الحديث».
خلاف الشيوخ بعضهم مع بعض لا يسقط عدالتهم:
كان محمد بن يحيى وهو قرين الإمام البخاري يحث طلاب العلم على حضور مجالس الحديث للإمام البخاري فلما أحس محمد بن يحيى بنقصان عدد تلاميذه أخذ في الكلام عن البخاري، بل وأخذ يطرد الطلاب الذين يحضرون لسماع حديث البخاري إلى أن قال البخاري: «كم يقري محمد بن يحيى الحسد في العلم والعلم رزق الله يعطيه من يشاء».
وبهذا نخلص إلى القول بأن:
كلام الأقران بعضهم البعض لا يُنقص قدرهم.
كلام الأقران إذا ثبت أنه بدافع الهوى أو العصبية لا يُلتفت إليه بل يطوى ولا يروى.
فنحب الجميع ونعرف لهم قدرهم وندعو لهم ونسكت عما شجر بينهم.
الخلاصة
من الخطأ نقل خلافات العلماء لإشغال جيل الشباب بها لتكون ديدنهم، على حساب حفظ القرآن والسنة وتزكية نفوسهم، فهذا ينافي الأمانة لحمل ونقل الاسلام.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي