إن استعراض التاريخ الخاص بنا يعني التأمل والتبصر بكل مواقف وأحداث حياتنا الشخصية، والمراجعة الشخصية تفتح لنا آفاق التعلم والاعتبار مما مضى، ويزداد نضجنا أكثر إن تمكنا من النظر في تاريخ الآخرين وسيرهم الخاصة لتصبح لدينا فهارس وقواميس حياتية نرجع إليها متى ما شعرنا بالحاجة إليها. إن سجل حياة كل واحد منا مملوء بالمؤشرات ذات الدلالات الكبيرة، ولديه مجموعة رؤى تشكل نظرته للحياة، وبعض من رؤانا قد تتشكل وتتبلور بل وتتحول إلى معتقدات ومسلّمات راسخة لا يمكن التنازل عنها أو التفريط فيها.
إن المراجعة الشخصية تحفزنا على أن نُحسن من أوضاعنا على المستويين الشعوري والسلوكي، وتزيد من وعينا بأنفسنا، وتدفعنا نحو مدارج الصلاح والازدهار، عندما نحرز نوعاً من التفوق على أنفسنا، ونقوي من عزائمنا لنقوم بدورنا التربوي تجاه أنفسنا وتجاه الأبناء والطلاب في الجوانب السلوكية والعقلية والروحية. ومن خلال التبصر الذاتي سندرك أن كثيراً من الأخطاء التي وقعنا فيها كان بسبب فصل أنفسنا عن تاريخنا الشخصي، أو تجميد مبادئنا وقناعاتنا بحيث تكون مخالفة ومناقضة لسلوكياتنا.
سيدة تحاورني وتحاول إقناعي أن نفصل مبادئنا عن حياتنا العامة! وكان سبب الحوار إحدى الثقافات الخاطئة السائدة بالمجتمع والتي نحتاج بحزم أن نستأصلها من جذورها، وهي التهاون والتساهل في اختراق القوانين ابتداءً من نواة المجتمع الأسرة وانتهاءً بالحرم المدرسي والجامعي والوظيفي والأماكن العامة والطرقات. نقر بأن هناك أزمة مبادئ، وكل هذه الفئات تناست أن لمبادئنا علينا حقا، بأن نبلورها ونوظفها في سائر حياتنا لتنظمنا وتحفظنا من الفوضى العقلية والشعورية والسلوكية.