نحن غرابا عك عك... عكٌ إليك عانية عبادك اليمانية... كيما نحج الثانية... هذه الكلمات من مشهد حج الكفار في الفيلم العربي «هجرة الرسول»، حيث يطوفون حول الكعبة ويرددونها تقرباً من «هُبل» أحد آلة قريش... استذكرت هذه الكلمات وذلك المشهد أثناء متابعتي لوسائل التواصل الاجتماعي بعد أن اشتعلت بوسم أو «هاشتاغ» أصنام في الكويت، وقد كدت أن أسرع لأخذ فأسا أو مِعْولا فأتوجه به لتلك الأصنام وأبدأ بهدمها، إلا أنني تريثت قليلاً وبدأت البحث عن تلك الأصنام ومكانها عبر فضاء الانترنت، فوجدت أن تلك الأصنام ليست سوى مجسمات يتم صناعتها عبر طابعة الأبعاد الثلاثية بدلاً من الصور الفوتوغرافية!
لم أعرف حينها هل أضحك أم أغضب لسذاجة الموضوع، لكنني ذهلت من كمية التغريدات التي تدعو لاغلاق ذلك المحل، والفتاوى الدينية التي ملأت وسائل التواصل، بل إن أحد رجال الدين أخذته الحمية ليفتي بأن وجود ذلك المحل أشد وأخطر من محلات بيع الخمور، ويجب اغلاقه فوراً، وقد ازداد ذهولي بعد أن أذاعت احدى الخدمات الاخبارية خبر إغلاق المحل الذي يقوم بصناعة تلك المجسمات، ولا أعلم إن كان إغلاق المحل قراراً شخصياً من صاحبه أم حكومياً عبر وزارة التجارة، ولكن في كلتا الحالتين هو قرار مرفوض.
لم أكتب هذا المقال لكي أفتي أو أتدخل في الدين أو العقيدة، لكنني أعرف بأن هناك فتاوى كثيرة كانت قد حرمت العديد من الأمور كشرب القهوة وركوب الدراجة الهوائية والراديو والتلفزيون، ثم تراجع أصحابها، بل إنني قد شهدت بعض تلك الفتاوى، وأذكر جيداً الفتاوى الصادرة بتحريم التصوير الفوتوغرافي، والستلايت، وقيادة المرأة للسيارة، وكذلك تراجع أصحابها عنها، بل باتوا يتسابقون للظهور على شاشات القنوات الفضائية، و أخذ صور «السيلفي»، كذلك أعلنوا صراحة تراجعهم عن تحريم قيادة المرأة، كما أن هناك العديد من المجسمات والتماثيل المعروضة في الكويت، والتي قد تتواجد في بيوت أصحاب فتاوى التحريم، فدمى الأطفال تأتي على شكل مجسمات لحيوانات وشخصيات بشرية منتشرة في جميع محلات الالعاب في الكويت منذ القدم، كما أن مركز عبدالله السالم الثقافي يعج بالتماثيل والمجسمات، كذلك واجهات محلات الملابس التي تملؤها المانيكانات، ولم نسمع أي اعتراض، فلماذا هذا الصخب والتصعيد الآن؟