No Script

مختصون في العلوم السياسية أكدوا لـ «الراي» أن «داعش» ألهمها الحلم بإقامة دويلاتها

ثورة القوميات... الخطر المحدق بالشرق الأوسط

u062au0638u0627u0647u0631u0629 u0644u0623u0643u0631u0627u062f u062au0631u0643u064au0627 u0645u0646 u0623u062cu0644 u0627u0644u0627u0646u0641u0635u0627u0644
تظاهرة لأكراد تركيا من أجل الانفصال
تصغير
تكبير
الشايجي: ليس هناك مؤشرات واضحة حتى الآن على وجود رغبة دولية جادة لاجتثاث «داعش»

احتمال الانفصال لم يعد حلماً بل عمل يتم في الخفاء والعلن

الهدبان: على دول الخليج السيطرة على التغييرات التي تدفع نحو مطالب بالانفصال تتبناها قوميات مختلفة

تشجيع إسرائيل لفكرة دولة مستقلة للأكراد قد يجعل لها منطقة آمنة في الشرق الأوسط للتحرك والحضور

«دبكا فايل»: تطوير العلاقات مع الأكراد يوفر لإسرائيل أول موطئ قدم لها في شمال سورية
يبدو أن تجربة سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» على أراضٍ في سورية والعراق وإقامة دولة ضمن منطقة جغرافية مشتركة باتت تُلهم قوميات وأقليات في الشرق الأوسط، وخصوصاً جوار منطقة الخليج العربي للخروج من صمتها، وتصعيد مطالبها التاريخية بالانفصال والضغط من أجل قيام دويلات بجغرافيا منفصلة عن الدول المركزية كما فعل ذلك تنظيم الدولة. حيث إن قوميات متعددة مثل الأكراد والأحواز والبلوشتان منتشرة بين العراق وإيران وسورية وتركيا أصبحت تنشط من أجل الانفصال والحكم الذاتي وصولاً إلى مطالب إقامة دولة مستقلة يحلم بها خصوصاً أكراد تركيا والعراق.

ولعل تصعيد المواجهات المسلحة التي يقوم بها الأكراد في تركيا والحراك السياسي الذي يقومون به في سورية رسالة واضحة لرغبة هذه القومية في محاكاة سيناريو «داعش» الذي فرض به دولته في العراق، وعلى غرار الأكراد الحالمين بدولة منفصلة تدعمها إسرائيل بقوة في تركيا والعراق وسورية، يعتقد بعض المحللين السياسيين أن الفترة المقبلة في الشرق الأوسط ستشهد صحوة الأقليات وتصعيد مطالبتها بالانفصال، وهو أمر قد تترتب عليه تداعيات إيجابية وسلبية في الوقت نفسه على منطقة الخليج.

رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبدالله الشايجي أكد لـ «الراي»، أن «تنظيم داعش ورغم سجله الإرهابي والإجرامي بات يُلهم أقليات مختلفة الأعراق والطوائف في المنطقة لاقتفاء أثره في تحقيق دولة ذات سيادة وإن كانت دولة داعش افتراضية»، مضيفاً أنه «في ظل استمرارها وحتى إن تقلصت حدودها فهي تزيد من قناعات مجموعات عرقية كثيرة لكون حلم إقامة دولة بات ممكناً في عهد الانقسامات التي ستظهر على خارطة الشرق الأوسط كما تنبأت بذلك تقارير دولية». وذكر الشايجي إنه «لحد الآن للأسف ليس هناك مؤشرات واضحة على وجود رغبة دولية جادة لاجتثاث (داعش)، وبالتالي فإن بقاءه كما هو عليه الآن سيدفع إلى توقع مزيد من الحراك السياسي للقوميات وتمردها على الأنظمة المركزية، ما قد يُفضي إلى تحقق الهدف الإسرائيلي المتمثل في تفتيت دول المنطقة من أجل إضعاف قوتها، ما يضمن بقاءها قوة إقليمية مهيمنة في الشرق الأوسط».

وحسب موقع التحليل الاستخباراتي الإسرائيلي (دبكا فايل) فإن «إسرائيل طورت علاقاتها مع الأكراد السوريين في ظل موقف استراتيجي في سورية. هذه العلاقات توافر لإسرائيل أول موطئ قدم لها في شمال سورية».

واكد الموقع أن «إسرائيل تخاطر بتهديد علاقاتها مع تركيا ودول المنطقة من أجل تشجيع الأكراد على إقامة دولتهم»، موضحاً أن «إسرائيل لا يمكنها أن تتخلى عن الأكراد خصوصاً وأن صداقة تجمعهمها تعود إلى سنوات عديدة».

وأضاف الموقع أن «إسرائيل تعتبر صعود دولة كردية مستقلة أو في ظل حكم ذاتي في سورية سيدعم الارتباط مع المنطقة الكردية شبه المستقلة في العراق ما قد يخلق دولة جديدة من 40 مليون شخص في قلب الشرق الأوسط»، مؤكداً أن«تل أبيب ليس لديها الرغبة في التبرؤ من أصدقائها منذ فترة طويلة لمصلحة تركيا التي تعارض بشدة قيام دولة لأكراد سورية على حدودها».

وعن احتمال الانفصال الذي لم يعد حلما فقط بالنسبة للبعض أو كابوسا بالنسبة للدول القائمة قال الشايجي إن«هذا العمل يتم في الخفاء وفي العلن. حيث إن الأكردا على سبيل المثال ينشطون اليوم بشكل غير مسبوق لتوحيد صفوفهم في سورية والعراق وتركيا وإيران. لكن حسب تصعيد مطالب القوميات إلى حد المطالبة بالانفصال سيواجه بخطوط حمراء كثيرة».

وزاد الشايجي إن «الإكراد يمثلون رابع أكبر القوميات في الشرق الأوسط من ناحية العدد، حيث مثلت تحركاتهم وتمرد بعضهم خصوصاً اليوم في سورية والمطالبة بالفيديرالية على غرار العراق للتمتع بحكم ذاتي ضمن دولة على الحدود التركية، متغيرات جيوسياسية جديدة غير مسبوقة وجريئة إلا أنها باتت مطالب يدعمها الغرب مثل الولايات المتحدة وإسرائيل. حيث إن سيناريو الفيديرالية الثاني في المنطقة بعد العراق أصبح مخططاً واقعياً في سورية كما ذهبت إلى ذلك تحليلات صحيفة نيويرك تايمز، إلا أن مسار الانفصال تحت سقف الحكم الذاتي في دولة فيديرالية سورية يشير إلى فشل الاندماج الداخلي لمكونات غير متجانسة ليس في دمشق وحدها بدل في دول عربية كثيرة، وفكرة الانفصال قد تستقطب أقليات تتطلع لنموذج أكراد سورية، فإن نجح الأخيران في تحقيق الفيديرالية فقد يكون إنجازهما شرارة لأقليات أخرى كالأحواز والبلوشستان علاوة عن الأكراد في ايران»!

هذا الاحتمال لم يستبعده أستاذ العلوم السياسية إبراهيم الهدبان الذي أكد أن «قوميات إيران وخصوصاً الأكراد والأحواز والبلوشتان تفاعلوا مع تطورات مساعي الأكراد في سورية للانفصال، والمطالبة بالحكم الذاتي في ظل فيديرالية تفاعل وإن كان محدوداً إلا أنه قد يتطور مستقبلاً إلى مطالب جديدة لهذه القوميات القاطنة على أجزاء كبيرة من إيران إلى المطالبة بالانفصال».

وفي الوقت الذي استبعد فيه الهدبان أي تصعيد حالياً لحراك الأحواز ومطالبتهم بالانفصال على غرار الأكراد، إلا أنه توقع أن تكون المرحلة المقبلة في الأمدين القريب والمتوسط هي عصر القوميات والتعصب والعرقيات، مضيفاً إن «الأحداث التي تجري على الأرض من خلال خروج القوميات والعرقيات عن صمتهم ومطالبتهم بحقوقهم في سورية والعراق وإيران وتركيا تؤكد أن المستقبل القريب قد يشهد مرحلة انفصال وتجزئة دول بعينها».

وإن حصل ذلك وفق رؤية الهدبان فقد تكون له تداعيات إيجابية وأخرى سلبية على دول الخليج. حيث إن انقسام بعض الدول المجاورة مثل إيران التي تحتضن أكبر قوميات في دول المنطقة على رأسها الأحواز والأكراد قد تضعف قوتها في حال نجاح هذه القوميات في تأسيس مناطق حكم ذاتي على شاكلة إقليم كردستان العراق، وبالتالي فإن الخطر الإيراني على دول الخليج قد يضعف بانقسام الجغرافيا.

وبين الهدبان أن «نزعة القوميات للاستقلال عن الدول الكبرى قد تكون له تداعيات سلبية على دول الخليج في المقابل بسبب إمكانية تسبب الانفصال في فوضى سياسية وأمنية»، معتبراً أن «زيادة تقسيم خارطة الدول المحيط بمنطقة الخليج العربي قد يؤدي إلى تصدير فوضى عارمة من خلال الخروقات الأمنية للحدود الخليجية عبر احتمال زيادة تسلل إرهابيين أو عبور السلاح، وكذلك قد تكون الفوضى عبر تصدير المشكلات إلى دول الجوار».

وأكد الهدبان على ضرورة سيطرة دول مجلس التعاون على التغييرات الخارجية المحتملة والتي تدفع نحو مطالب الانفصال التي تتبناها قوميات مختلفة مدعومة من القوى الخارجية، وقوى إقليمية على غرار إسرائيل. حيث إن الأخيرة لم تعد تخفي دعمها للأكراد في الشرق الأوسط وتساعدهم على تكوين دولتهم.

وبين الهدبان أن مساعي إسرائيل هي تفتيت القوى الكبرى في المنطقة مثل تركيا والعراق وسورية، أما إيران فإنها لا تشكل خطراً محدقاً وقريباً على إسرائيل.

وحسب الهدبان فإن تشجيع إسرائيل لفكرة دولة مستقلة للأكراد قد يجعل لها منطقة آمنة في الشرق الأوسط للتحرك والحضور، وكذلك للتزود بالثروات التي تتركز خصوصاً على سبيل المثال في مناطق الأكراد في العراق نظراً للثروة النفطية التي تمثلها كركوك، وبالتالي قد تكون إسرائيل حليفاً استراتيجياً واقتصادياً للدويلات الكردية التي قد تتشكل في حال نجاح مخطط أكراد سورية.

إلا أن صعود القوميات للمطالبة بالانفصال تأثراً بنجاح «داعش» في إقرار دولة بالقوة قد يجعل القوى الإقليمية الكبرى تنشغل في حروب داخلية من أجل تعزيز الوحدة الوطنية، وتماسك أراضيها والمحافظة على ثرواتها، حيث إن دولاً مثل تركيا وسورية وإيران ترفض رفضاً قاطعاً التنازل عن وحدتها لأن ذلك سيضعفها اقتصادياً وجيوسياسياً، وبالتالي قد تدخل المنطقة نفقاً مظلماً إذا احتدمت المواجهة بين الأقليات أو القوميات والأنظمة المركزية.

وصرح أحد الكتاب الإسرائيليين بأن «الأجدر بالأكراد على سبيل المثال شكر داعش والامتنان لهم، حيث إن هذه القومية الكردية ما كانت لتحلم بفرصة ذهبية مثل اليوم للمطالبة بدولة مستقلة تستوعب الأكراد. فداعش أعطى للأكراد دافعين قويين لنهضتهم من أجل المطالبة بالاستقلال الدافع الأول اقتناع العالم بخطر هذا التنظيم الإرهابي على القوميات والطوائف المختلفة مع عقيدة عناصره، والثاني سيطرة التنظيم على إقليم خاص به وإقامة خلافته ما يُلهم الأكراد أيضاً الفكرة نفسها لكن بدل الخلافة يريدون دولة بنفس معايير دولة البغدادي الجغرافية».

وارتأى الكاتب أن «القومية الكردية موزعة على أربع دول رئيسية هي تركيا والعراق وسورية وإيران، وهذه الدول لديها حدود مشتركة. ومثلما قام داعش بتأسيس حدود خلافته بين دولتين هما سورية والعراق فإن القومية الكردية بدعم من إسرائيل قد تخطط لتحقيق الحلم الأكبر وهي إقامة دولة كردستان الكبرى الموحدة على مناطق مجتزأة من الدول الأربعة المذكورة سابقاً».

وتأكيداً لزيادة تحركات الأكراد فقد انتقل نشاطهم في تركيا من الحراك السلمي إلى أعمال العنف كالتفجيرات التي حدثت في أكثر من مناسبة في تركيا التي تتهم «حزب العمال الكردستاني» بالقيام بها. حيث يطالب هذا الحزب بإقامة دولة قومية للأكراد منفصلة عن أنقرة. الى ذلك، برزت حركات تمرد لقومية البلوشستان المقيمة على مناطق حدودية بين إيران وباكستان وأفغانستان فضلاً عن تفاقم خطر انفصال قومية الأحواز عن الحكم الإيراني المركزي، حسب وصف لصحيفة «الأندبندنت» البريطانية.

كردستان الكبرى ... حلم تدعمه إسرائيل

كردستان الكبرى مصطلح سياسي يستعمله القوميون الأكراد للإشارة إلى منطقة جغرافية كبيرة تشمل أربعة أجزاءٍ رئيسية، يطلق عليها كردستان تركيا وكردستان إيران وكردستان العراق وكردستان سورية، إضافة إلى أطراف صغيرة على الحدود الجنوبية لأرمينيا.

وتعترف إيران والعراق بمناطق كردية على أراضيهما، أما سورية وتركيا فلا تعترفان بذلك. ويحلم الأكراد بإقامة مؤتمر عام تأسيسي للقومية الكردية في المنطقة من أجل تدارس إمكانية التنسيق بينها وتجديد حلم إقامة كردستان الكبرى، «لكن هناك الكثير من العقبات التي تحول دون ذلك، منها ما هو مرتبط بمصالح الإقليم، ومنها ما له علاقة بالخلافات الفكرية والصراعات بين الأطراف الكردية نفسها حول المشاركين في المؤتمر وبيانه الختامي وبعض التفاصيل الفنية».

وبخصوص مصالح الإقليم، فهو لا يريد في ظل ظروف الحرب التي تعصف بالمنطقة أي شيء يعكّر علاقته بجيرانه الكبار كتركيا وإيران، إذ تعتبر الأخيرة أكبر الداعمين العسكريين له في مواجهة تنظيم «داعش»، ما يجعل من مشاركة حزب «الحياة الحرة» جناح حزب العمال الكردستاني في إيران، الذي يعادي طهران، مصدر خلاف سيؤدي إلى توتر كبير في العلاقات بين الطرفين، الأمر الذي قد يدفع بإيران إلى جرّ حلفائها في بغداد لإثارة المزيد من المشاكل مع الإقليم الذي يعاني أساساً من مشاكل مالية بسبب استخدام الحكومة العراقية المركزية لموضوع المرتبات والمستحقات المالية لأربيل كسلاح للضغط عليها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي