No Script

«الراي» تحدثت إلى البحرة واللاذقاني عن أفق الملف السوري في ضوء اجتماعات فيينا

مصير الأسد... على «كفّ بوتين»

تصغير
تكبير
محيي الدين اللاذقاني: الروس هم مَن يبحث عن مخرج للورطة وفي النهاية سيتركون الأسد لمصيره إن لم يتخلصوا منه

هادي البحرة: الأسد لن يتزحزح عن كرسيه حتى تأتيه الأوامر من رُعاته وحلفائه بأن الدعم رُفع عنه
هل صحيح القول اليوم إن مصير الرئيس السوري بشار الأسد أصبح على «كفّ» روسيا بعدما أمسك الرئيس فلاديمير بوتين بخيوط اللعبة في الشرق الاوسط في ظل الغياب الواضح للولايات المتحدة الأميركية؟، وهل بات الرئيس الروسي متفقاً تماماً مع حلفاء الأسد الآخرين ولا سيما ايران؟، والأهمّ لماذا وضع الروس مصير رأس النظام السوري في دائرة التجاذب وفي «بازار» المحادثات والمؤتمرات الدولية؟ هذه الأسئلة تحضر بقوة في المشهد السوري الذي اتخذ منحى جديداً مع النقلة المفاجئة على «رقعة الشطرنج» السورية التي قام بها بوتين والتي أربكت الولايات المتحدة وتركيا والدول الأوروبية والعربية ووضعت الجميع أمام استحقاقات كبيرة وسط عدم وضوح الرؤية حيال ما يتردّد عن خلاف روسي - إيراني حول مصير الأسد ومستقبله في سورية الجديدة، وانكشاف أن عنوان «محاربة الإرهاب» والبحث عن «سورية الديموقراطية» صار قناعاً لضرب المعارضة المعتدلة وإضعاف «الجيش السوري الحر»، في ظل عدم حماسة من الولايات المتحدة وغيرها للقيام بأي خطوة في وجه «النقلة الروسية» بمعنى اتخاذ مواقف أكثر فاعلية في دعم المعارضة السورية بطريقة تنهي حكم الأسد وتنقل البلاد إلى مرحلة مختلفة

وبإزاء تأكيد الروس أن مصير الأسد متروك للشعب السوري، وهو ما يعكس أن تسوية الأزمة السورية ما زالت في دائرة التعقيدات المتعلّقة خصوصاً بموقع رأس النظام في معادلة الحلّ، سألت «الراي» رئيس الائتلاف الوطني السوري الأسبق هادي البحرة والكاتب والمحلل السياسي محيي الدين اللاذقاني عن مستقبل الأسد وسط هذه الصورة.

يقول البحرة تعليقاً على ما جرى تَداوله إثر اجتماعات فيينا وغيرها عن اقتراب رحيل الرئيس السوري ان «لا معطيات تشير الى حسم هذا الموضوع بعد، وما زالت المواقف متباعدة حوله، والتقدم الذي حدث أن وضع الأسد بات موضوعاً يُناقش، وعلينا الانتظار لنرى نتائج مباحثات الجولات المقبلة».

وعن التداول بمشروع انتقال للحكم عبر حكومة يترأسها فاروق الشرع وعما اذا كان ذلك يرضي المعارضة، يوضح البحرة أن «مطالب المعارضة هي تطبيق بيان جنيف كاملاً وهو يشير إلى تشكيل هيئة حاكمة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة، أي إن صلاحياتها تشمل صلاحيات رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء»، موضحاً «ان البحث في أسماء معينة وشخصيات ما زال مبكراً، والأهمّ التوصل أولاً لاتفاق حول آليات تنفيذ بيان جنيف وهيكلية المؤسسات المشار اليها فيه».

أما عن تصوُّره لمصير الأسد وعائلته وما إذا كان الحلّ الروسي يعتمد على ترحيل الرئيس السوري وانتقال السلطة الى أحد أفراد العائلة، فيشير البحرة إلى أن «الروس لم يقدّموا أي حل مفصّل حتى هذه اللحظة، ومواقفهم المعلنة شيء وتصرُّفاتهم الفعلية شيء آخر. فهم يصرحون دائماً أنهم مع تطبيق بيان جنيف كاملاً وأن مصير الأسد يحدده الشعب السوري. ولكنهم في الوقت نفسه يساندون النظام بكل إمكاناتهم العسكرية والاقتصادية والسياسية. لا يمكن لأي مرحلة انتقالية أن تنجح بوجود الأسد أو أي أحد من دائرته، وها هو المثال اليمني أمامنا. نحن نطلب تحقيق العدالة ومحاكمة كل مَن أجرم بحق الشعب السوري، كائناً مَن كان».

وعما إذا كانت المعارضة تقبل بمعادلة عدم محاكمة الأسد على ما تعتبره «جرائم» مقابل رحيله، يجيب البحرة: «بيان جنيف واضح وتوجد فيه تفاصيل حول تطبيق العدالة الانتقالية التي تشمل محاسبة ومحاكمة كل مجرمي الحرب. الأسد لن يتزحزح عن كرسيه حتى تأتيه الأوامر من رعاته وحلفائه بأن الدعم رُفع عنه، او ان مصيره سيكون في يد الثوار ممن سيخوضون المعركة الأخيرة في دمشق».

أما اللاذقاني، فيشير إلى أن «الحديث عن اقتراب رحيل الأسد بدأ قبل اجتماع فيينا، وعلت نبرته منذ تولى عادل الجبير منصب وزير الخارجية في السعودية وأصبح الحديث عن رحيله لازمة ضرورية في كل اجتماع دولي»، لافتاً الى انه «كلما تردد طلب رحيل الأسد أجاب الروس بعبارتهم الكلاسيكية «الأمر متروك للشعب السوري»، وهي عبارة حق يراد بها باطل لكنها صاغت المعادلة من حيث لم يقصد الروس ليصير الصراع مشروطاً بنهاية لا بدّ منها: إما أن يسقط بشار الكيماوي أو ينتهي الشعب السوري، والثانية أصعب وغير قابلة للتطبيق وعليه لا يبقى غير رحيل الاسد».

وعن مرحلة انتقال الحكم عبر حكومة يترأسها فاروق الشرع، أجاب: «تَردّد أيضاً أن الحكومة قد يترأسها وليد المعلم وأنه فوتح بذلك أثناء زيارة موسكو ومن خوفه على نفسه نقلها فور عودته إلى دمشق ليبرئ ذمّته أمام سيّده، وتبع ذلك فوراً استدعاء الأسد لموسكو في طائرة شحن حيث عومل بطريقة مذلّة بلا وفد ولا علَم ولا مترجم، وكان القصد أن يقول بوتين للعالم (الحل السوري بيدي). وقد يرضى السوريون بالشرع أكثر من المعلم لأن الأول تحدّث عن ضرورة الإصلاح بصوت واضح في العام الثاني للثورة، أما المعلّم فالتزم الصمت ووافق العصابة الأسدية - الأمنية على كل إجرامها. لكن الجديد عند الروس أنهم يبحثون عن رئيس حكومة من المعارضة وليس من صفوف رجال النظام».

وكرر اللاذقاني ان «السوريين لا يريدون أسداً حتى في حديقة الحيوان»، موضحاً «أن هذا القول صار شعاراً يُحمل في تظاهرات عدة تُقمع دموياً. ولم يختلف الوضع بعد أربع سنوات ونيف من عمر الثورة، فالسوريون لا يريدون الأسد ولا شقيقه ولا عمه ولا أبناء عمه، فقد انتهت هذه العائلة من مستقبل سورية، وسيكون مَن تبقى من أفرادها محظوظاً اذا وجد مَن يقبل به لاجئاً أو يأويه،

والأمر ينطبق على الأقارب بمن فيهم آل شاليش ومخلوف وابن الخالة عاطف نجيب الذي لو عاقبه الأسد على ما فعل بأطفال درعا لاتخذت الأحداث مساراً آخر».

ويرى اللاذقاني أنه «من غير المقبول عند المعارضة الحقيقية القبول بعدم محاكمة الأسد»، مضيفاً: «أما ما يسمونه عبثاً (المعارضة الموالية)، فكل شيء مقبول عندهم لأنهم بلا رأي أصلاً وتسيّرهم الأحداث دون أن يؤثروا بها. ولنكن واضحين، فالقوانين الدولية لا تسمح بسياسة الإفلات من العقاب، والملف الدموي للأسد أصبح الأضخم في العالم بعد ملفيْ هتلر وموسوليني، ولذا لن يقبل السوريون برحيله دون محاكمة. وحتى وإن تم تهريبه سيجد مَن يلاحقه قانونياً وبطرق أخرى. وعلينا ألا ننسى أن للسورييين سوابق، فقد استقال أديب الشيشكلي وترك دمشق لكن بعضهم لحق به واغتاله في أميركا اللاتينية».

وعما اذا كانت الاتصالات الدولية ستؤدي إلى حلّ ولا سيما بعد زيارة رئيس الائتلاف الوطني السوري خالد خوجة لبريطانيا، أوضح اللاذقاني أن «بريطانيا لا تملك أن تتحرك وحيدة أو تفرض شيئاً على الروس من دون قرار أوروبي موحّد تقف خلفه أميركا»، لافتاً «إلى أن سرّ خوجة ربما يكون في سلطنة عُمان وليس

في بريطانيا فبعد زيارته لعُمان توجّه وزير الخارجية العماني لدمشق في زيارة فهمتُ أنها وساطة لحلّ سلمي بين السوريين توافق عليه إيران، لكن هذا كله أضغاث أحلام، فالاتصالات الدولية الأخيرة بعد اجتماع فيينا يكسوها الإحباط وتدور في دائرة مغلقة لكنها يمكن أن تنتعش فجأة لأن الروس هم مَن يبحث عن مخرج للورطة، وسيتركون الأسد لمصيره إن لم يتخلصوا هم منه. فحساباتهم للتدخل العسكري كانت خاطئة من أساسها، وقد امتص الجيش الحر الصدمة وانتقل من الدفاع للهجوم

وحقق مكاسب ميدانية على الرغم من القصف الروسي اليومي. واذا لم يحدد اجتماع فيينا المقبل مصير الأسد بوضوح فسيضطر الروس لزيادة التورط، وسيكونون هم مَن يدفع الثمن الأعلى، وسيعاملهم السوريون كما فعلوا منذ اللحظة الأولى، أي كقوة احتلال وعدوان، مشروعٌ وضروري قتالها وطرْدها لتستقرّ وتتحرر البلاد. ومن هذا المنظور يصبح إعلان الحرب عليهم في كل مكان هدفاً وطنياً تماماً كهدف إسقاط الأسد».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي