No Script

حوار / الحملة تحتضن أكثر من 70 امرأة بينهن قاصرات وحوامل بعد غياب الحماية الرسمية لهن

«معنّفات» في الكويت من قسوة المجتمع إلى دفء «إيثار»

تصغير
تكبير

 الحملة اصطدمت باتهامات
 «تشجيع النساء
على التمرد والخروج
عن طاعة أولياء الأمر»

 عضوات الحملة تعرضن
 للخطر من ذوي
 المعنفات وحمايتهن
 مسؤولية الدولة

 «الشؤون» استجابت
 لمطلب الحملة بفتح
دار الإيواء لكن
دون مظلة قانونية
تحمي المعنفات

 قبول المعنفة يبدأ
بتشخيص حالتها
وفي حال ثبتت حاجتها
للحماية تحوّل
 إلى «إيثار»

 الحملة تقدمت 
للجنة المرأة البرلمانية
بمشروع قانون لوقف
 الإيذاء والعنف الأسري
وتنتظر التصويت عليه


بينما تتسابق الدول المتقدمة نحو مزيد من تمكين المرأة في كافة مجالات الحياة، ومنحها كامل حقوقها تحت مظلة قانونية رادعة، تحميها من غدر الزمن ومن سطوة بعض الذكور الذين يضيقون الخناق عليها بحجة حمايتها والحفاظ على شرفها، تبرز في الكويت ظاهرة خطيرة تمثل فصلاً مؤلماً من فصول قصة «العنف الأسري» التي تعيشها نساء عديدات، في مخالفة صارخة لعاداتنا وتقاليدنا وتعاليم ديننا.
 70 امرأة «معنَفة» في البلاد وربما أكثر، اختلفت جنسياتهن لكن وحدتهن المعاناة، هنَّ ضحية الجهل والتخلف داخل بيوتهن أحيانا، وفريسة يسهل اصطيادها إذا ما قررت الهرب من الظلم إلى الـ«لا مأوى»، كيف لا يكون هذا واقع الحال، وجهات حكومية عدة تتبنى قضاياهن بالقول فقط لا بالأفعال، في ظل تشريعات قاصرة لاتقوى على تأمين الحماية لهن وسط غياب العقوبات الراعة؟
قد لا نصدق، بأن أصغر فتاة «معنّفة» في الكويت تبلغ 14 عاما، حاولت الانتحار بسبب تعنيف والدها، في حين هربت أخرى عمرها 17 عاما، من منزلها ولجأت إلى حديقة عامة لتمضي هناك 3 أيام، وهي متوارية عن الأنظار!
ومن رحم هذه القسوة وتلك الظروف، ولدت حملة «إيثار»، لتطلق صرختها المدوية مطالبة بحماية المرأة من العنف الأسري، تحت سقف القانون، في مبادرة ذاتية لنساء كويتيات أخذن على عاتقهن الوقوف إلى جانب «المعنفات»، لتوفير الحماية والمأوى لهن، إلى أن تسن الدولة قانونا فعالا يردع المخالفين. «الراي» استضافت في ديوانيتها، أخيرا، اثنتين من مؤسسات حملة «إيثار» هما شيخة النفيسي ونور المخلد، للوقوف على واقع حال العنف الذي تتعرض له المرأة في الكويت، وفي ما يلي مضمون الحوار:

? من أين جاءت فكرة حملة «إيثار»؟
بعد انتشار ظاهرة العنف الأسري في الكويت، بدأنا الاهتمام بضحايا هذه الظاهرة، والاستماع لعدد كبير من اللاتي توافدن إلينا في الفترة الأخيرة، وعلى إثر ذلك بدأت فكرة تأسيس حملة خاصة بحماية هذه الفئة، لكن واجهتنا في البداية عقبات عدة منها، عدم جرأة عدد منهن على الإفصاح عن أوضاعهن والوثوق بقدرتنا على حمايتهن، إضافة إلى مواجهتنا اتهامات زعمت أننا نشجع النساء على التمرد والخروج عن طاعة أولياء أمورهن و أزواجهن، وهذا غير صحيح أبدا.
وبالتوازي مع ذلك، باشرنا بالإطلاع على القوانين ذات الصلة بوضع المرأة، وناقشنا هذا الموضوع مع قرابة 100 شخص، وكان تركيزنا تحديدا على المادة 153 من قانون الجزاء الكويتي التي تخص جرائم الشرف، حيث لاحظنا بأن هذه المادة ترسخ التمييز بين الجنسين من حيث تصنيف الجرائم، كونها تصنف الجريمة التي يرتكبها الرجل بحق المرأة بأنها جنحة تحت مسمى «جريمة شرف»، وتكون عقوبتها دفع غرامة مالية قدرها 3 آلاف روبية (14 دينارا كويتيا) والسجن لمدة 3 سنوات أو بإحدى هاتين العقوبتين، في المقابل، تصنف جريمة المرأة في الحالة ذاتها على أنها جريمة قتل (جنائية)، لكن ما فاجأنا أكثر هو عدم معرفة أحد بهذا القانون المجحف، الذي تم إلغاؤه أو تعديله في معظم الدول العربية والأجنبية.
على إثر ذلك، بدأنا بالعمل على المسار التشريعي، وتواصلنا مع النائب عمر الطبطبائي الذي اطلع على مضار هذا القانون وتوصلنا معه إلى تبنيه الملف في مجلس الأمة لإلغاء القانون بصفة طارئة، وتمكن آنذاك من جمع تواقيع 5 نواب لدعم هذا التوجه، وما زلنا ننتظر، ومنذ عام 2015 لاحظنا توافد النساء المعنفات إلينا لمساعدتهن، وفي عام 2016 اطلقنا حملة «إثار» رسميا لتوفير الحماية والمأوى لهن.
? ما الخطوات التي اتبعتها الحملة لمساعدة المعنفات؟
في البداية، قابلنا وزيرة الشؤون الاجتماعية هند الصبيح، وأطلعناها على حقيقة الوضع المأسوي للنساء المعنفات ممن لجأن إلينا، وأخبرناها عن حاجتنا لدار إيواء، ولاسيما أنهن لسن كويتيات فقط بل من المقيمات في البلاد أيضا، ووعدتنا حينها بتشكيل لجنة لإعداد دار للاستماع وأخرى للإيواء نقوم نحن بتدريب العاملين فيها، وخاصة أننا تلقينا تدريباتنا على يد مديرة مشروع تمكين المرأة في اللجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية في السعودية نوال العتيبي، فالمملكة لديها ما يقارب 26 دارا للإيواء.
وفي نوفمبر عام 2017، تحقق مطلبنا وافتتحت وزارة الشؤون دار الاستماع والإيواء، لكن دون مظلة قانونية قادرة على حماية هذه الفئة، وهنا تكمن المشكلة، أي في غياب قانون يوقف الإيذاء والعنف الأسري، وعلى الرغم من وجود هذه الدار يبقى بإمكان معنف المرأة طلبها إلى بيت الطاعة وإعادتها للمنزل مرة أخرى، لذا قررنا تحمل عبء إيوائهن على عاتقنا نفسيا وماديا.
? كيف تقيّمن حالة المرأة المعنفة؟ وما إجراءات حمايتها؟
في البداية نقوم بتحويلها للمحامية المتطوعة في الحملة عذراء الرفاعي، التي تستمع إلى المعنفات لتشخيص حالتهن، وفي حال ثبت حاجة إحداهن للحماية، نقوم بتحوليها إلى فريق «إيثار» لتوفير الملجأ لها، إضافة إلى الرعاية النفسية إذا استدعى الأمر، كما نبحث لها أحيانا عن وظيفة تساعدها على إعالة نفسها، ومن هذا المنبر نطلب من الأخوات المحاميات ومن الأخصائيين النفسيين التطوع معنا لمساعدتنا في حل مشاكل المعنفات، لأن الحالات في تزايد مستمر، ولدينا 70 حالة الآن بين مواطنة ومقيمة.
? هل تتعرضن لأي مضايقات أو صدامات مع ذوي المعنفات؟
بالتأكيد، ولاسيما أن عقليات الناس وأطباعهم تختلف، ربما يسكت ذوو معنفة ما عن تمردها على عنفهم، وقد يصطدم البعض الآخر معنا لأننا مددنا يد العون لها، ما يعرضنا لخطر حقيقي، ويدفعنا أحيانا لمساعدة المعنفات بشكل خفي دون ذكر اسم الحملة، مع العلم أن هذا واجب الدولة وليست مهمتنا، وعدم وجود دار للإيواء بقانون يحمي من في داخلها يخالف المعاهدات والاتفاقيات التي وقعت عليها الكويت.
? كيف تصلون للمعنفات؟ وما وسائل إعادة تأهيلهن مرة أخرى؟
ننظم نشاطات عديدة ونعلن عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما نستخدم الفعاليات الفنية والموسيقية للتوعية بالعنف ضد المرأة، إضافة إلى تنظيم المعارض الفنية التي يذهب ريعها لمصلحة إيواء المعنفات، ناهيك عن الدورات وورش العمل لتثقيف المرأة بهذا المجال، فالعنف لايكون جسديا فقط، بل ماديا ونفسيا ولفظيا أيضا، ومن خلال نشر هذه النشاطات على حسابنا في انستغرام، تمكنا من التواصل مع نساء حصلن على أرقام هواتفنا.
? هل تقدمتن بأي مشروع قانون لوقف تعنيف المرأة في الكويت؟
نعم، قدمنا مشروع قانون لوقف الإيذاء والعنف الأسري للجنة المرأة في مجلس الأمة التي تترأسها النائب صفاء الهاشم، وناقشنا معها البنود والمواد، ومازال أمامنا جلسة ثالثة للتصويت على تمرير القانون.
? ما أعمار المعنفات اللاتي لجأن إلى الحملة بقصد حمايتهن؟
أصغر فتاة تبلغ من العمر 14 عاما، عنفها والدها وحاولت الانتحار، إلا أننا لم نستطع إيواءها خارج المنزل، لأنها تحت السن القانونية ما يعرضنا لتهمة الخطف، وهذا أحد أسباب مطالبنا بدار إيواء تحت مظلة القانون، إضافة إلى فتاة تبلغ من العمر 17 عاما نامت في حديقة عامة 3 أيام لعدم توافر دار إيواء، ناهيك بالمعنفات الحوامل التي تعتبر مساعدتنا لهن تهمة خطف جنين.
? كم تبلغ كلفة إيواء المعنفة شهريا؟
تبلغ التكلفة نحو 200 دينار شهريا، موزعة بين مسكن ومأكل وملبس، ناهيك عن مصاريف الأخصائي النفسي إذا لم يكن متطوعا، لذلك نحاول البحث عن وظائف لهن لإعالة أنفسهن.

قضية تشريعية

 جناية المرأة وجنحة الرجل


تقول عضوتا حملة «إيثار» إن التحرك بدأ بالاطلاع على القوانين ذات الصلة بالمرأة، ومناقشة الموضوع مع قرابة 100 شخص، حيث كان التركيز تحديدا على المادة 153 من قانون الجزاء الكويتي التي تخص جرائم الشرف، حيث لاحظنا بأن هذه المادة ترسخ التمييز بين الجنسين من حيث تصنيف الجرائم.
وبشرح التمييز قالتا إن المادة تصنف الجريمة التي يرتكبها الرجل بحق المرأة بأنها جنحة تحت مسمى «جريمة شرف»، وتكون عقوبتها دفع غرامة مالية قدرها 3 آلاف روبية «14 دينارا كويتيا» والسجن لمدة 3 سنوات أو بإحدى هاتين العقوبتين، في المقابل، تصنف جريمة المرأة في الحالة ذاتها على أنها جريمة قتل «جنائية»، لكن المفاجأة كانت في عدم معرفة أحد بهذا القانون المجحف، الذي تم إلغاؤه أو تعديله في معظم الدول العربية والأجنبية.


عمر الطبطبائي والمادة 153


عضوات الحملة بدأن بالعمل على المسار التشريعي لتعديل المادة 153، وتواصلن مع النائب عمر الطبطبائي الذي اطلع على مضار هذا القانون، وتوصلن معه إلى تبنيه الملف في مجلس الأمة لإلغاء القانون بصفة طارئة، وتمكن آنذاك من جمع تواقيع 5 نواب لدعم هذا التوجه، ومازالت الحملة ننتظر، ومنذ عام 2015 لوحظ توافد النساء المعنفات إلى الحملة لمساعدتهن، وفي عام 2016 اطلقت حملة «إثار» رسميا لتوفير الحماية والمأوى لهن.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي