No Script

«متانة القطاع المصرفي ليست وليدة الصدفة»

الهاشل: سنظل في «المركزي» يقظين حتى أنامل أصابعنا

u0645u062du0645u062f u0627u0644u0647u0627u0634u0644        (u062au0635u0648u064au0631 u0628u0633u0651u0627u0645 u0632u064au062fu0627u0646)
محمد الهاشل (تصوير بسّام زيدان)
تصغير
تكبير
استمرار التحسن الملحوظ في جودة أصول البنوك

معدل القروض غير المنتظمة وصل إلى مستوى تاريخي
أشاد محافظ بنك الكويت المركزي، الدكتور محمد الهاشل، بالمتانة والمرونة التي يتمتع بها القطاع المصرفي في مقاومة الصدمات، مؤكداً أنها لم تكن وليدة الصدفة، بل نتاج عمل مضنٍ، وجهود مشتركة بين «المركزي» والقطاع المصرفي.

وفي تصريحات خلال مؤتمر «يورومني» شدّد الهاشل على أن تحقيق ذلك الأمر جاء من خلال بناء مصدّات استباقية، وانتهاج سياسات تتسم بالحصافة رغم الضغوط المطالبة بتخفيف تلك السياسات.


ولفت إلى استمرار التحسن الملحوظ في جودة الأصول لدى البنوك، موضحاً أن ما يعكس ذلك تراجع معدل القروض غير المنتظمة بشكل ثابت ليصل إلى مستوى تاريخي منخفض عند 2.2 في المئة، كما ترافق ذلك مع إجراءات لضمان تكوين البنوك مخصصات كافية، بناء على تحليل شمولي للبيانات، مشيراً إلى أنه ترتب على ذلك ارتفاع معدل التغطية (المخصصات المتوفرة إلى القروض غير المنتظمة) لمستوى قياسي بلغت نسبته 237 في المئة، مبيناً أنه «الوقت الذي كانت فيه البنوك في العديد من الاقتصادات المتقدمة تجاهد في سبيل تحقيق أرباح، استمر نمو صافي أرباح البنوك الكويتية بمستوى جيد».

وأوضح الهاشل أن الحفاظ على الاستقرار النقدي والاستقرار المالي ليس الهدف النهائي في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق غاية مهمة، وهي ترسيخ النمو وتحقيق الرخاء الاقتصادي، حيث يلعب القطاع المالي دوراً مهماً لبلوغ تلك الغاية.

وقال «من جانبنا سنظل في (المركزي) وكما قال تشرشل (يقظين حتى أنامل أصابعنا)»، معتبراً أنه من المناسب العودة بالذاكرة إلى الوراء لاسترجاع الآثار التي نجمت عن إخفاق الجهات الرقابية في القيام بمهامها على نحو فعّال منذ الأزمة الماية العالمية.

واستند الهاشل في حديثه على بعض التقديرات التي تشير إلى أن الخسائر التراكمية منذ اشتعال فتيل الأزمة المالية العالمية بلغت نحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، علماً بأن هذه التقديرات لا تشمل التكلفة الاجتماعية الناتجة عن ارتفاع معدل البطالة وخسارة الناتج، حيث تعرض قطاع الخدمات المالية العالمية لاهتزاز ثقة الجمهور، منوهاً بأن الانحراف في السلوك المهني واختلال الهياكل التحفيزية أديا إلى العديد من التجاوزات في العمل المالي، ما ترتب عليه زعزعة ثقة الجمهور، وتكبد خسائر جسيمة في السمعة المالية.

وتساءل الهاشل «كيف يمكننا الآن الاستفادة من كل تلك التجارب في تجنب تكرار مثل هذه الأزمات مستقبلاً؟»

مستذكراً مقولة للفيلسوف الدنماركي، سورين كيركيجارد «الحياة يجب فهمها بالرجوع للماضي، لكن يجب أن نعيشها بالتقدم للأمام».

وأوضح الهاشل أنه إذا كان النظام المصرفي المحلي قد ظل بمنأى عن عواقب الأزمة المالية العالمية، إلا أن ذلك لم يمنع «المركزي» من مواصلة جهوده في تنقيح وتحديث التعليمات والضوابط الحالية، وإصدار مجموعة من القرارات والإجراءات الرقابية الجديدة التي تتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، والمحافظة على نظام رقابي قوي.

وسلط الهاشل الضوء على بعض الخطوات التي اتخذها «المركزي» على الجانب الرقابي، واستجابة البنوك لتلك الإجراءات والخطوات الجديدة، مشيراً إلى أنه تم تعزيز معيار كفاية رأس المال من خلال رفع النسبة الرقابية مع تحسين جودة رأس المال المطلوب، حيث بلغ معدل كفاية رأس المال للقطاع المصرفي 18.6 في المئة، وهي أعلى من النسبة المقررة من قبل لجنة «بازل» للرقابة المصرفية.

كما شملت إجراءات «المركزي» وضع هوامش إضافية في صورة مصدات رأسمالية تحوطية ومصدات رأسمالية لمواجهة التقلبات الدورية ونسبة رأسمال إضافية تصل إلى 2 في المئة للبنوك المحلية ذات الأهمية النظامية. وتهدف هذه المصدات المالية إلى رفع قدرة البنوك على التصدي للمخاطر النظامية.

ثانياً - تطبيق معيار مبسط للرفع المالي لمساندة معيار كفاية رأس المال. ويبلغ معدل الرفع المالي للبنوك 10.1 في المئة، وهو ما يفوق النسبة العالمية المقترحة والبالغة 3 في المئة.

ثالثاً - عمدنا إلى تعزيز قدرة البنوك على مواجهة ضغوط السيولة، وإضفاء مزيد من الاستقرار في هياكلها التمويلية عن طريق تطبيق معيارين جديدين للسيولة هما، معيار تغطية السيولة، ومعيار صافي التمويل المستقر، وقياساً بأي من هذين المعيارين، فإن البنوك الكويتية تتجاوز الحد الأدنى للنسب الرقابية المقررة.

رابعاً - استمر التحسن الملحوظ في جودة الأصول لدى البنوك، والذي يعكسه تراجع معدل القروض غير المنتظمة بشكل ثابت ليصل إلى مستوى تاريخي منخفض بلغت نسبته 2.2 في المئة، كما ترافق ذلك مع إجراءات لضمان تكوين البنوك مخصصات كافية، بناء على تحليل شمولي للبيانات، ما ترتب عليه ارتفاع معدل التغطية (المخصصات المتوفرة إلى القروض غير المنتظمة) لمستوى قياسي بلغت نسبته 237 في المئة.

ولفت الهاشل إلى أن هذه المؤشرات تدل على قدرة البنوك المحلية على ممارسة دورها كوسيط ائتماني لتحقيق هدف نهائي وهو دعم النمو الاقتصادي، ما يعزز اعتقادنا بأن سلامة نظامنا المصرفي لم تساعد البنوك على مواجهة التحديات في البيئة الكلية فحسب، وإنما ساهمت كذلك في تعزيز قدرتها على مواصلة تحقيق أهدافها الأساسية.

قياس التكلفة

أشار الهاشل إلى أن «المركزي» لا يتبع دائماً قاعدة «الأعلى هو الأفضل» في التعليمات التي يصدرها، وقال: «نسعى لاتباع إجراءات تتسم بالحصافة والتوازن، حيث نقوم بحرص شديد بقياس تكلفة كل إجراء مقابل المنافع المتوخاة منه، وفي نهاية الأمر، إن ما نصبو إليه ليس فقط المرونة، وإنما المرونة بكفاءة، وفي الوقت ذاته، نسعى لتصميم وبناء نظام رقابي قادر في أحسن الأحوال، على تجنب أي اضطرابات مالية، ويحد على الأقل من احتمالية التسبب في وقوع الأزمات».

وذكر الهاشل أنه رغم الأدوات التنظيمية التي وضعها «المركزي» قيد التنفيذ خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن بيئة الأعمال المتغيرة بشكل دائم والنظام المصرفي الذي يتسم بالديناميكية يتطلبان منا الحيطة والحذر من المخاطر المحتملة، مشيراً إلى أن المحرك الرئيس لهذا التغيير يكمن في الأثر المتنامي للتكنولوجيا الحديثة في حياتنا، وإنه من الواضح أن القطاع المالي لم يكن بعيداً عن تلك التطورات، بل كان في صميمها وقد اعتمد عليها واستفاد منها بشكل كبير كما يبدو جلياً من الدور المتزايد لشركات التكنولوجيا المالية أو «Fintechs» في سلسلة الخدمات المالية.

وأوضح أنه تم التوسع في استخدام التكنولوجيا المالية متجاوزاً الحدود الدولية، وأضحى استعمال شركات تشغيل الهواتف النقالة والهويات الرقمية وسيلة لتنفيذ عمليات الدفع، وتجميع المدخرات، والحصول على الائتمان والتأمين، وهي منتجات لم تكن في المتناول بهذه السهولة قبل عقد مضى، كما أصبحت التكنولوجيا وسيلة لدعم إيصال الخدمات المالية الرسمية للملايين من العملاء الذين لا يمكنهم الوصول إلى الخدمات المصرفية.

وأضاف أن تقبُّل وتطبيق المزيد من الابتكارات الأخرى في مجال إدارة المحافظ المالية، والتمويل الجماعي، والمستشارين الآليين من شأنه العمل على إعادة تشكيل الطريقة التي يتم فيها تحويل الأموال أو دفع الفواتير أو الحصول على الائتمان أو الدخول في الاستثمارات، لافتاً إلى ان البنوك المركزية تواجه تحدي تحقيق توازن دقيق يتمثل في تحديد المدى الذي يمكن بلوغه في تبني التكنولوجيا المالية دون أن يكون ذلك على حساب أمن وسلامة واستقرار النظم المالية.

وتطرق الهاشل إلى اقتراح رئيس البنك الاتحادي الألماني على البنوك المركزية النظر في إصدار عملات رقمية خاصة بها، متوقفاً عند الحوادث الأخيرة مثل الهجمات الإلكترونية على شركة التقارير الائتمانية «إكويفاكس» والتي أدت إلى تسريب بيانات 143 مليون مستهلك أميركي، معتبراً أن ذلك خير دليل على تأكيد تلك المخاطر المرتبطة بالتطورات التكنولوجية.

وبين الهاشل أنه لمواجهة هذه المعضلة، قام «المركزي» بتطبيق منهج البيئة التجريبية (Regulatory Sandbox) لتوفير بيئة الاختبار اللازمة للمنتجات والخدمات المبتكرة، مستخدماً أسلوباً يتميز «بالتمكين والملاءمة» حيث تستخدم إجراءات ذات صفة متدرجة لإصدار القواعد وذلك وفقاً للمخاطر التي تنطوي عليها.

وأفاد بأنه لكي نضمن نجاح هذه الإجراءات، نرى ضرورة جمع كافة الأطراف المعنية بهذا الموضوع، ولا يقتصر ذلك على المؤسسات المالية، وإنما كذلك شركات التكنولوجيا المالية صاحبة المنتجات المبتكرة.

خطوات صعبة ولكن إيجابية

أوضح الهاشل أن الحكومة اتخذت مجموعة من الخطوات الإيجابية، وإن كانت صعبة، إلا أنها ضرورية لتحسين مرونة ومتانة الاقتصاد الكلي وتقوية استدامة المالية العامة، منوهاً بأن الحاجة لا تزال قائمة لتحقيق مزيد من التقدم على كثير من الأصعدة الهيكلية، وأن ترشيد الإنفاق العام وزيادة الإيرادات غير النفطية، واصلاح سوق العمل، وزيادة دور القطاع الخاص وتنويع الاقتصاد بوجه عام هي بعض من المجالات الأساسية التي لا تزال تتطلب عناية مستمرة، حيث تكمن الفائدة من المصدات المالية الكبيرة للدولة، والتي تسمح بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي بشكل تدريجي شريطة المحافظة على استمرارية هذه الإصلاحات.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي