No Script

كلمة بعد النقطة

باعها... باكياً!

تصغير
تكبير

هل رأيتم رجلاً فقيراً ذا عوز يعلن عن بضاعته وهو باكٍ؟
منذ فترة قرأت إعلاناً عن رجل في العراق يعرض مكتبته، التي تحوي نوادر الكتب للبيع، وأذكر أنه كتب مبرراً سبب إقدامه على بيع أعز ما يملك في إعلانه، وهي حاجته لإطعام أهله!
وأعرف أن الكثير - ممكن قرأ الديباجة التي بدأت بها مقالتي - يرى أن هذا الأمر تافه وسخيف، وراودته أسئلة عدة منها: وماذا يعني أن يبيع مكتبته؟... وماذا يهم لو باع كتباً مهترئة ما عادت تصلح للقراءة أو الحاجة في زمن تطورت به التكنولوجيا؟


وهل هذا الأمر يستدعي فعلا للبكاء؟
وأنا أرد على مَنْ يطرح تلك الأسئلة بينه وبين نفسه... ما أصعب الأمر؟ وما أشد الحاجة؟ إن أردت أيها القارئ أن تعرف ما يعني أن يبيع الانسان كتبه، التي احتفظ بها لسنوات عدة، وكيف سيكون حاله وهو يضع كتابه بيد المشتري وقلبه يتقطع كمدا؟ تلك الكتب التي أخذت من عمره سنوات طويلة لكي يجمعها ويحافظ عليها، فتنمو أمامه كما ينمو طفله بين أحضانه.
 فإن كان الطعام غذاء للمعدة، فإن الكتاب غذاء للعقل والروح، وإن كان الأكل يبقيك على قيد الحياة، فإن القراءة تبقيك حياً منتبهاً واعياً، الطعام الجيد الذي تأكله يطحن في المعدة ويأخذ الجسد حاجته منه ثم يتخلص من البقية، أما العلم النافع الذي تقرأه يغذي عقلك ويطور وعيك ويرفع مقامك، وإن استخدمته وأفدت الآخرين منه، فإن عملية التطوير التي شملتك... من حولك وتطور مجتمعك.
فلماذا لا يبكي من وجد عقله بين الكتب، فغياب تلك المكتبة تعني غياب أعز ما يملك من ثقافة وتاريخ وعلوم، إنه الجوع الذي لا يعرفه إلا أهل الفكر والحكمة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي