No Script

رواق

«الفاشنيستات يستاهلون ... وانتو تستاهلون»

تصغير
تكبير

قرأت أمس مقولة مفادها: ‏«إن الإنسان ممكن  يصير مليونير في الكويت عبر وظيفتين: سياسي أو فاشنيستا وحتى لو يكن معهم شهادات»!
ما فهمته أن المغرّد كان يربط تضخم حسابات مشاهير السوشيال ميديا وتضخم أرصدة السياسيين.
وبعيداً عن القضيتين وقريباً من السؤال: الدراسة متاحة للجميع، وبالمجان، والغالبية العظمى تستطيع الحصول على شهادات، ولكن ماذا عن الأقلية الفاشلة التي لم يكتب لها النجاح الدراسي؟ جميع الدراسات تقول: إن النجاح حليف الفاشلين، «إي والله»، وهذه ليست دعوة للفشل، ولكن التاريخ يعج بالناجحين، الذين عاشوا على هامش النجاح، والفاشلين الذين اعتلوا قمته من أينشتاين إلى ستيف جوبز.


هذا من جهة، ومن جهة أخرى، أيهما أصعب: أن تحصل على شهادة جامعية في بلد يكفل لك التعليم بالمجان، أم أن تصبح سياسياً أو ناشطاً في وسائل التواصل الاجتماعي؟ وقبل أن نجتهد في الجواب... لنتأمل فقط أن عدد الكويتيين أوشك على الوصول إلى المليوني نسمة، ولكن الذين يحصدون الملايين فيه، إذا افترضنا صحة التغريدة، لم يتجاوزوا 50 سياسياً و50 فاشنيستاً، أي ما يشكّل نسبة قد لا تصل إلى واحد في المئة من عموم الشعب.
وقبل أن يأخذك الحماس لتلعن الظلم والظلام، تأمل معي السؤال: هل تستطيع أنت - أيها المواطن المثالي - أن تتفرغ للسياسة؟ وتعلّمنا الفكر والمنطق وتنشر المثاليات التي تدعيها؟ هل تستطيعين أختي الفاضلة أن تتفرغي لتصبحي فاشنيستا؟ أم أن نيل درجة الماجستير أسهل بكثير لك، ومهما بلغ جمالك، حتى من إزاحة مكانة مشاهير هن في مجتمع المراهقين، سواء كانت مراهقتهم مبكرة أم متأخرة أم مستمرة؟
حاولوا أن تصبحوا «فاشنيستات» أو سياسيين... لتكتشفوا صعوبة العملية التي تستخفونها وتقلّلون منها، وحجم الجهد المبذول والموهبة والقبول المطلوبين، وإمكانات أكثر من أن يحصرها مقال ثم تحدّثوا عن المردود المادي!
وبالحديث عن المردود المادي فذلك أيضاً لا عدالة ولا مساواة فيه، تماماً مثل حال لاعبي كرة القدم، هل كل لاعب تدفع له الأندية الملايين أم أن الغالبية تعتزل مديونة وبيتها مرهون؟
الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح تساءلت: وطني أصبحت لا أعرفه هل هو الخمسون هاموراً يجوبون البحار؟
ومعها نتساءل: لماذا يحتكر الخمسون هاموراً البلد؟ سواء في ميدان السياسة أو ساحات السوشيال ميديا؟ ليس لأنهم الأفضل ولا الأكفأ ولا الأعلم ولا الأشطر ولا حتى الأجمل، بل باختصار لأنهم اختيار الشعب، واختيار المرء قطعة من عقله يعكس ذوقه وذائقته ومن خلاله يحدد مصيره.
نتناسى كل ذلك ونتساءل: من أين جاءت الملايين؟ من الملايين التي تأثرت بهم وساندتهم وساعدتهم ليحتلوا هذه المكانة، ودانت لهم بالولاء وجعلت كسبهم وانتفاعهم مقابل جهدهم وكسر قيود مجتمع استحقاق منطقي، ولكن ماذا يعرف هذا المجتمع عن المنطق؟ وذوقه في الأساس غير منطقي من خلال خياراته التي يتذمر عليها ناسياً أن حاله كحال الفنان الراحل أبو بكر سالم حين قال: «أنا سبب نفسي بنفسي»!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي