No Script

ماذا لو...؟

متعة العطاء

No Image
تصغير
تكبير

في مدينة بعيدة عاشت عائلة فقيرة من أم وأب، وولد وبنت صغيرين، ذات يوم مرضَ الصبيُّ مرضاً شديداً، وبعد الفحوص والتحاليل الطّبيّة تبيّن أنّه يُعاني ورماً في رأسه لن ينجو منه من دون معجزة.
 كانت الصغيرة تسترق السمع إلى حديث والديها حول هذا الأمر، فأسرعتْ إلى غرفتها، وفتحتْ حصّالتها لتجدَ فيها دولاراً واحداً فأخذت الدّولار وتوجّهت إلى أقرب صيدليّة، ووقفتْ تنتظرُ أن يفرغ الصيدليّ من الحديث مع رجل كان يقف مستمتعا بالحديث معه، ولما طال الحديث بينهما، وضعت الطفلة الدولار على الطاولة بغضب، وقالت للصيدلي ّ: أعطني معجزة.
فرد الصيدليّ: ألا ترين أنّي مشغول، ومن قال لكِ أنّي أبيع المعجزات؟
عندها قال لها الرجل الذي يقف مع الصيدلي باهتمام: حدّثيني عن المعجزة التي تريدينها.
فقالت له ببراءة: لا أعرف، قال أبي لأمي إن أخي يحتاج إلى معجزة كي لا يموت، فهل يكفي هذا الدّولار لشراء المعجزة؟
قال لها هامسا وهو يبتسم: دولار واحد فقط هو ثمن المعجزة، ولكن عليّ أن أرى أخاكِ أولاً.
 ذهب الرجل مع البنت إلى بيتها وقابل أبويها، وراجع الفحوص والتحاليل ثمّ قال: أنا سأُجري له العمليّة في مشفاي، كان هذا الرّجل هو كارلتن آرميسترونغ جرّاح الأعصاب الشّهير.
وبالفعل قام الطبيب بإجراء عمليّة ناجحة للصبيّ، ولم يتقاضَ أكثر من الدولار الذي أعطته إياه البنت، ولاعتزازه به علّقه في إطار على أحد جدران عيادته وكتب تحته: هذا الدولار ثمن المعجزة.
هل تحب أن تولد صغيرا وتعيش عمرك صغيرا، وإذا أدركك الموت مت صغيرا؟ إن العطاء يمنحك عمرا ممتدا بقدر أعمار من اجتهدت لتزرع البهجة في أيامهم، والسخي قريب من الناس حبيب إلى رب الناس، والحقيقة انك إن جربت لذة العطاء فلن تبادلها بغيرها أبدا، فالإحساس بالآخرين هو ما يميزنا كبشر، يعلمنا كيف نهدي النور لمن حولنا وإن كانت قلوبنا مفعمة بظلمة الحزن، والتلذذ بالعطاء لا يعرفه سوى العظماء وأصحاب الأخلاق السامية.
 يقول جورج برنارد شو: «المتعة الحقيقية في الحياة تأتي بأن تصهر قوتك الذاتية في خدمة الآخرين بدلاً من أن تتحول إلى كيان أناني يجأر بالشكوى من أن العالم لا يكرس نفسه لإسعادك».
فاعلم أن أصحاب العطاء هم نسائم البهجة وملائكة الإنسانية، واليد العليا أحب إلى الله من اليد السفلى، فإلى أي الجانبين تحب أن تميل؟

Hanaank64@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي