No Script

خواطر صعلوك

السوق نايم يا جماعة!

تصغير
تكبير
لا أدري عزيزي القارئ إذا لاحظت أو إذا لم تلاحظ، بحكم تراتبك الاجتماعي، أن «السوق نايم» و«الكاش» مفقود في التداول على مستوى الرجال الذين يرتدون «الكرفتات» وعلى مستوى العمال الذين يرتدون «البلاسوت»، وعلى مستوى قطاع الخدمات وعلى مستوى الأفراد. ولا أدري هل هذه ذروة هبوط اقتصادي أم هبوط برميل أم تبعات تنفيذ رؤية 2035 م، أم الثلاثة معاً. كما أنني حقيقة لا أدري كيف يختفي «الكاش» من السوق وعلاقة ذلك بالترشيد الحكومي وقلة الإنفاق والأوضاع الإقليمية والبنية التحتية للخصخصة وأشياء أخرى كثيرة لا أدري عنها أي شيء. وربما كمية اللاإداريات السابقة دليل على أنني لا أفهم في علم الاقتصاد، بما هو علم كئيب كما وصفه توماس كارلايل، أو علم التحيزات واللامنطق كما كتب عنه دكتور الاقتصاد جلال أمين... ولكن هذا لا يعني أنني لا أفهم في الإنفاق بما هو يمس جيبي وجيوب الكثيرين من أمثالي.

لا شك أن الفترة الأخيرة كانت صعبة على كثير من أرباب الأسرة المتوسطة الدخل أو أصحاب الدخل «المهدود»، وعلى أصحاب المهن والحرف والخدمات البسيطة والمتوسطة.


فبالإضافة إلى ما سبق ذكره أعلاه، كان في ضيافاتهم شهر رمضان ثم عيد صغير ثم عطلة صيفية ووعود بالسفر ثم قدوم عيد أضحى على الأبواب، تزامناً مع دخول المدارس ومستلزماتها والضريبة المضافة وتبعاتها ورفع الدعوم وويلاتها، وأجندة وعدت الحكومة بتنفيذها لصالح صندوق النقد الدولي الخارجي لإصلاح الاقتصاد الداخلي، وعناوين صحف تبشر بعجز الميزانية وعناوين تحمل تهديدات مبطنة مثل «لا مساس بالرواتب في الثلاث سنوات المقبلة!». ولكن لحسن الحظ، أننا ما زلنا متماسكين إلى الآن، رغم أننا نقف على قدم واحدة بفضل الشهادة التعليمية وما ينزل من راتب بسبب درجتها في البنك أو بفضل التجارة وما تسمح به من رزق السوق. ولكننا بين طرفي المقص، حيث الأول يهدر راتب الشهادة في الاستهلاك وغلاء الأسعار والإخلال بالأمن المعيشي وقضية الإسكان، والثاني يمسك أرزاق السوق بسبب حالة الانكماش وقلة «الكاش»... فيا رب رحماك.

وفي ظل كل هذا، تبلغ معدلات البطالة نسباً كبيرة مقارنة بالثمانينات والتسعينات، ما يهدد القادمين الجدد للسوق بانخفاض متوسط نصيبهم من الدخل الحقيقي وزيادة معدل الإعالة على الأسرة الكويتية التي أصبحت في أعلى معدلات القلق من المستقبل.

حسناً، دعك من كمية السواد والتشاؤم واللطم على الخدود وشق الجيوب التي مارستها معك في الأعلى، ودعنا نبدأ من جديد.

حسب الدراسة البرلمانية لقسم البحوث والدراسات، فإننا فشلنا في 11 إجراء لمواجهة غلاء الأسعار في غضون السبع سنوات الماضية، وهذا يعني أننا على المستوى التشريعي نسمع ضجيجاً وتصاريح وضرب أياد على المنصات غالباً لا تقع إلا على «قفا» الطبقة الوسطى.

ولكي لا أوغل في التشاؤم كما قلت لك وأستهلك مفاهيم ومصطلحات مثل الطبقة الوسطى، تماماً كما يستهلك المسؤولون مفاهيم الوطنية والإصلاح، فسأعطيك جرعة من الأمل حتى لا تشعر بأن قراءة المقال كانت عليك بخسارة وزادت من الثقل على كاهلك، فأنا أعلم أن ما فيك يكفيك... فأحب أن أشير لك أن الحكومة تتجه لاقتصاد المعرفة الذي يساهم في تحسين جودة حياة المواطن الكويتي وتنميته وتطويره، وجعله منتجاً اجتماعياً واقتصادياً، وكل ذلك من خلال مشاريع واستثمارات في التنمية البشرية والمجتمعية يحصل قطاع التدريب والتنمية العمرانية منها على النصيب الأعلى، فقط المشكلة الحالية بالنسبة إليّ ولك تكمن في أن التدريب لا يحرك السوق مباشرة وأن التنمية العمرانية لا تعدك بالحصول على السكن والبنية التحتية في الغد... بل كما تلاحظ أن جسراً ما قد يحتاج إلى سبع سنوات عمل وقبلها سبع سنوات في الحديث حول كيفية إرساء مناقصته.

لذلك، فمن موقع مسؤوليتي ككاتب طائش وعائش على الهامش، أدعوك إلى الصبر... لأنه مفتاح الفرج على المدى البعيد، وليس مفتاح الشاليه على المدى القريب. فقط خمس أو ست سنوات أخرى، وستظهر معنا بعض معالم اقتصاد المعرفة الذي لا يعرف شكله ومخرجاته إلا الله ثم الراسخون في الدولة ثم مجلس الوزراء.

وفي حالة وجدت أن مقاربتي حول الأمل زادت الأمور تعقيداً وبأساً بالنسبة إليك عزيزي القارئ الهمام، يا من تشكو الزحام وسرقة اللئام، فأرجو منك أن تعتبرها رسالة موجهة للحكومة وليست لك... تلك الحكومة التي نعلم جيداً أنها ليست شريرة أو أنانية، ولكنها أحياناً تحتاج أن تقرأ ما يحدث على الأرض بعيداً عن تقارير و«وبور بوينتات» السادة الخبراء الاقتصاديين والمستشارين المقربين لأصحاب المعالي.

وللجميع كل الاحترام والتقدير... وشوي شوي علينا!

كاتب كويتي

moh1alatwan@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي