No Script

الاكتئاب اليوم...يدفع الناس الى فكرة الموت

الفراغ القاتل... 5 آلاف فجّروا أنفسهم!

تصغير
تكبير
• تناول أدوية الاكتئاب والمرض النفسي باستمرار يزيد من دوافع الانتحار

• 5 آلاف انتحاري فجعوا العالم خلال 3 عقود في 40 بلداً

• ضرورة ممارسة تمارين فكرية وعضلية لمقاومة الوقوع في مطب الفراغ القاتل

• تغيّر نمط السلوك الفردي بعد تحول مجتمعات كثيرة ناشطة ومنتجة إلى استهلاكية بامتياز

• مليون أميركي فكروا في الانتحار... ونحو 10 في المئة منهم نفذوا فكرة الموت
البقاء في المستشفيات النفسية أو تناول الأدوية المتعلقة بالاكتئاب أو الأمراض النفسية سلوكيات قد تترتب عنها نتائج عكسية على الأشخاص الذين يعانون من اكتئاب مزمن، ومن بين هذه النتائج الدرامية التفكير في الموت انتحاراً.

حيث بين موقع علمي أميركي متخصص لرصد ومتابعة الأمراض النفسية «مايد إن أميركا» أن «التفكير في الموت انتحاراً يتضاعف بشكل كبير عند الأشخاص الذين يتناولون أدوية لعلاج مرض نفسي وحالات الاكتئاب الشديد، ويزيد احتمال الانتحار عند الأفراد الذين يستقرون في المستشفيات النفسية».

ومثل الاكتئاب أهم دوافع الانتحار علاوة عن أسباب أخرى، أما عدد المنتحرين في العالم على امتداد العقود الثلاثة الماضية فناهز نحو أكثر من 30 مليون منتحر(بواقع مليون كل عام حسب منظمة الصحة العالمية) بينهم 5 ألاف فجروا أنفسهم. واهتمت دراسات كثيرة بتنامي عدد المنتحرين ودوافعهم لذلك مع تسليط الضوء على مرض الاكتئاب المسبب الرئيسي لاقبال الأشخاص على فكرة الموت.

وذكر موقع (سيكاند أوبينيون) أن «الاكتئاب بات سبباً مباشراً أيضاً لتضاعف احتمال الإصابة بأزمات قلبية». وأضاف المصدر نفسه اعتماداً على تشخيص بعض أطباء أمراض القلب أن «المختصين قد يفسرون زيادة مرضى القلب بتنامي شعور المريض بالحزن، وفقدان الفرح والاهتمام، مع الشعور بالتشاؤم أو اليأس. وبتدهور معنويات الفرد يزيد إحساسه بضعف التركيز والنسيان وهي نتيجة طبيعية لاحتمال إصابته بمرض خطير».

وقد بات الاكتئاب في قائمة الأمراض الخطيرة التي تصيب عدداً كبيراً من البشر اليوم، وهذا المرض يشجع استفحاله إلى تراجع وظائف جسم الإنسان خصوصاً الوظائف الدماغية والعضلية حيث يؤثر نشاطها من عدمه على الحالة النفسية للفرد، وقد تراجع الجهد العضلي والفكري للفرد في العمل خصوصاً بعد أن أصبح الكومبيوتر يحل محل وظائف بشرية كثيرة لا تجعل الإنسان يبذل جهداً ذهنياً مثل السابق أو يمارس نشاطاً عضلياً أو يشعر بالتعب.

وأسهم تقلص وظائف كان يقوم بها البشر وتكفل بها الكمبيوتر في نمو أخطر الأمراض النفسية المقلقة وهي مرض المزاجية الحادة الذي ثبت علمياً أنه قد يؤدي في حالات زيادة أوقات الفراغ عن نحو 8 ساعات يومياً من دون نشاط يذكر الى ظواهر سلوكية سلبية وبعضها مرعبة قد تصل بالشخص الذي لا يقوم بجهد عضلي أو فكري كل يوم إلى الاحساس باضطرابات نفسية قد تزيد من الأحساس بالميل إلى العزلة أو بالعجز والضعف وقد تدفع البعض إلى الأفكار الانتحارية، وهو ما يحصل اليوم من خلال رصد ظاهرة زيادة حالات الانتحار الفردية العادية وحالات الانتحار في ظل العمليات الإرهابية.

وحسب تحديث إحصائيات جامعة شيكاغو الأميركية للعمليات الانتحارية الإرهابية منذ العام 1982 إلى اليوم على موقعها «إي شياكغو» فإن «العمليات الانتحارية بلغت نحو 5 آلاف عملية في 40 دولة مع زيادة وتيرتها في السنوات الأخيرة». ونما عدد الانتحاريين العرب خصوصا في السنوات الأخيرة بسبب تسارع وتيرة الصراعات الدموية والطائفية في المنطقة العربية. حيث استغلت بعض التنظيمات الارهابية التي تحمل شعارات دينية هذه الصراعات من أجل اقحام مئات العرب في ميادين القتال لتنفيذ عمليات انتحارية.

كما تزايدت حالات الانتحار في العالم في العقود الأربعة الأخيرة بنسبة 60 في المئة حسب أرقام موقع رصد الانتحار العالمي suicide.org حيث ينتحر أو يسعى للانتحار بمعدل فرد كل 40 ثانية وفق الموقع نفسه. وتبين أن حالات الانتحار تكمن أهم أسبابها الرئيسية في زيادة مرض الاكتئاب. حيث أقدم على سبيل المثال مليون أميركي في 2009 على محاولة الانتحار بسبب هذا المرض، وانتحر فعليا نحو 93 ألفاً من المكتئبين حسب موقع جمعية أميركية للمساعدة على تقليص دوافع الاكتئاب المؤدية للانتحار «إيجاد مساعدة للاكتئاب»(webmd).

ومن دوافع الاكتئاب الخطيرة حسب دراسة هذا الموقع العلمي التقلب الشديد للمزاج، حيث إن مرض حدة تقلب المزاج أصبحت دراسات علمية تتناوله بمحمل الجد كظاهرة مرضية انتشرت أكثر في السنوات الأخيرة، وأثبت رصد هذه الظاهرة زيادة رواد الأطباء النفسيين في العالم خلال السنوات الأخيرة.

فبعد أن كانت عيادة الطب النفسي تعتبر سابقاً المحطة النهائية لمرضى الانهيار العصبي أو حالات الجنون باتت اليوم تستقبل حالات أخرى تعاني من تعقيدات نفسية بسبب تغير نمط الحياة الجديد، ذلك النمط الذي يدفع إلى الانزواء أكثر من الانخراط في المجموعة.

وكان تقرير سابق كشف أن نحو 5 في المئة من الكويتيين مصابون بالاكتئاب، وذكر تقرير على موقع «بريق الدانة» أن «سبب وجود منطقة نزاعات تحيط بالكويت، علاوة عن عوامل أخرى وراثية، أو أسباب مفاجئة كفقدان شخص عزيز أو موت أحد الأقرباء، بالإضافة الى تناول بعض الادوية كلها عوامل قد تؤدي إلى حدوث أعراض الاكتئاب عند الشخص، لافتين إلى أن معدلات وجود الاكتئاب في أي دولة تتراوح ما بين 5 إلى 10 في المئة، مؤكدين زيادة الوعي الصحي لدى المراجعين والمرضى من خلال تكرار زيارتهم لمركز الكويت للصحة النفسية».

وقد كشف تقرير سابق لصحيفة «الراية» القطرية عن «تزايد نسبة المترددين على العيادات النفسية ومراكز الاستشارات الاجتماعية خلال السنوات القليلة الماضية، للعلاج من بعض المشاكل النفسية والاجتماعية وفي مقدمها الاكتئاب والوسواس والخوف المرضي والاضطراب النفسي».

وأكد التقرير أن «الشباب والنساء يتصدرون المترددين على العيادات النفسية بنسبة تتعدى أكثر من 30 في المئة، بسبب ضغوط الحياة».

وبين موقع «ناشيونال أم أس سوسايتي» أن «الاكتئاب» مرتبط بتقلب المزاج العاطفي. حيث فسره الموقع العلمي كمصطلح ينطبق «على مجموعة واسعة من الحالات العاطفية للناس، كالشعور لبضع ساعات في يوم معين بالاكتئاب الشديد الذي قد يستمر لأشهر عدة».

أما «الاكتئاب في أشكاله المختلفة فهو أحد الأعراض الأكثر شيوعاً من مرض التصلب العصبي المتعدد».

ووصف الموقع العلمي نفسه أن «العلاج الأكثر فعالية للاكتئاب هو مزيج من الرعاية النفسية والأدوية المضادة للاكتئاب. وقد تبين أيضا ان ممارسة التمارين تحسن المزاج».

لذلك فإذا أحسست أن «مزاجك متقلب جداً، وأنك تغضب وتفرح بسرعة ولا تستقر على حال نفسية أو قرار، فاختبر حالتك الدماغية بتذكر بعض الأشياء التي مضى عليها بعض الوقت، أو أن تتذكر ماذا كان عشاؤك قبل 5 أيام، فإن تذكرت فهذا يعني أن قدرتك الذهنية بحالة جيدة، وإن كان التذكر بلغ منك جهداً ووقتاً فعليك الانتباه إلى بداية بودار أمراض خطيرة قد تهدد حياتك قبل الوصول إلى الشيخوخة أصلاً».

لذلك ولضمان سلامة ذهنية وبدنية أحسن، فعليك أن تتغلب على الاكتئاب بأي صورة متاحة ما عدى الإدمان على الكحول أو المخدرات التي وإن نجحت موقتا في تغيير المزاج قليلاً فإنها تجعل الشخص يدمن على وسيلة واحدة لتحسين حالته النفسية ما يجعل الجسم متوقفاً على مخدر ما، وهو ما يقضي في مدة معينة على الحواس الطبيعية المؤثرة على الجهاز النفسي. أي أن الإنسان الطبيعي قد يقوم ببعض التمارين الرياضية فيتحسن مزاجه نتيجة التمرين، لكن المدمن وإن قام بالجهد نفسه فقد لا تتحسن حالته النفسية لارتباط جهازه العصبي بمفعول مؤثرات خارجية وهي الكحول أو المخدرات.

أما أهم الحلول المقترحة لعدم وقوعك في غفلة الإصابة بآفة تقلب المزاج ثم الاكتئاب المزمن فتتمثل في البداية بعدم تعويلك على أدوية الاكتئاب أو الأمراض النفسية علاوة على قيامك ببعض التمارين النوعية. فعلى سبيل المثال يمكن أن تعود نفسك صباح كل يوم على تمارين رياضية لكل الجسم أو تمارين عضلات الوجه عبر تقليد معروف يتمثل في الابتسامات العريضة المتكررة يقوم بها الإنسان أمام المرآة.

فتعويد الإنسان على تمارين صباحية لوجه مبتسم لمدة دقائق بصفة متكررة يبعث طاقة إيجابية في الجسد. كما أن نيل مدة نوم كافية كل يوم يزيد من مناعة الجهاز العصبي ويزيد من الراحة النفسية.

إلى ذلك فعلى الفرد الذي يواجه تعقيدات أو مشكلات أو أزمات أو ظروف لها مؤثرات سلبية، ألا يبقى وحيداً أو يعيش منعزلاً، بل يجب أن يقوم بأي فعل أو عمل أو تمرين يحبه كي يحقق التوازن النفسي كما تجب عليه مشاركة أفراد يحبهم بعض الأعمال كأعمال البيت أو الطبخ أو المشي أو التسوق أو غيرها.

فالمهم هو قيام الفرد بفعل أو بحركة يبذل فيها جهداً بدل العزلة أو الصمت الأمر الذي قد يزيد من تعميق الأزمة النفسية لديه، وعلى مثل هؤلاء الأفراد أن يبحثوا عن كل ما يمكن إدخال السعادة لديهم أو أن يتخيلوا أحداثاً سعيدة كانت في الماضي أو ينتظرون تحققها. المهم أن يبستموا حتى لو أن مشكلاتهم النفسية كانت في أوجها.

كما أن البحث عن عمل مفيد له أثر سحري على المعانين من أزمات نفسية. فالمهم أن يجد الفرد الذي يشكو من مرض نفسي من يستمع إليه بدل الصمت المميت الذي قد يقذف به إلى سلبية السلوك والعدوانية والاكتئاب المزمن، وقد يصل بالبعض إلى محاولات الانتحار أو البحث عن ملاذ للانتقام من أذى نفسي أو عاطفي أو إقصاء اجتماعي أو أسري أو وظيفي بترك المجموعة والانفراد والوحدة التي إن زادت مدتها فقد يغلب على سلوك المكتئب حينها النزوع إلى التطرف للتنفيس عن غضب دفين في نفسه يجعله يبحث عن الخلاص لكن بطريقة يختارها ملائمة.

فقد اثبت عدد من اللقاءات مع بعض الجهاديين العائدين إلى السعودية على سبيل المثال حسب رواية أحد التائبين لتلفزيون العربية أن عدداً كبيراً من المقبلين على عمليات انتحارية ضمن مجموعات إرهابية في سورية أو العراق يريدون تنفيذ عمليات في أسرع وقت ممكن من التحاقهم بهذه التنظيمات، وهذا يشير إلى أن هؤلاء الشباب يريدون الانتحار في وقت وجيز تحت صفة شهيد أو بالأحرى الانتحار بشكل شرعي حسب قناعاتهم.

تغيّر نمط المجتمع سبب في زيادة الاكتئاب

زاد الاهتمام بدراسة الأمراض النفسية وتغير نمط السلوك الفردي بعد تحول مجتمعات كثيرة من مجتمعات ناشطة ومنتجة إلى استهلاكية بامتياز. حيث تراجعت اليوم نسب الانتاج الفردي من الأعمال التي تحتاج جهداً عضلياً أو فكرياً. إذ إن زيادة تعويل الاقتصادات على الآلة والتكنولوجيا سحبت الكثير من الوظائف العضلية والفكرية للفرد وأصبح إلى حد ما مستهلكاً فقط، وبذلك بات لا ينتج جهداً كما في السابق.

وقد فسرت بعض الدراسات ان نقص ممارسة جهد عضلي في العمل قد يشعر الانسان بالاكتئاب حتى ان بعض الدراسات توصي بالقيام ببعض الأنشطة الرياضية أثناء العمل حتى لا يصاب الانسان ببعض الأمراض منها الاكتئاب النفسي بسبب روتين العمل.

حيث إنه بزيادة النشاط العضلي والفكري المرتبط ارتباطاً مباشراً بالحالة النفسية للفرد فضلاً عن ممارسة نشاط فيه انتاج مباشر تقل حالة السلبية للإنسان، والعكس بالعكس وبقدر قلة إنتاج الإنسان تزيد سلبيته وعصبيته.

كما يعتبر الجهد العاطفي مهماً ويتمثل في القيام بأعمال يحبها الفرد ويُبدع فيها، وأخرى مرتبطة بالهوايات وهي التي قد تؤثر أكثر من أي أعمال أخرى على المزاج، وتكون تداعياتها إيجابية على تعديل بوصلة العاطفة التي تميل دائماً إلى الشعور بالسلبية والخمول في أوقات الفراغ أو في الوحدة، لكن بعض الأعمال الأخرى مثل قراءة خمس صفحات يومياً من كتاب أو رواية تحتوي سرداً ووصفاً ينمي مفيدة جدا، حيث تنمي خيال الانسان، وتتركه يشعر بالرضا ويتلذذ معنى الصمت الثري وهدوء الحركة أثناء القراءة.

هذا النشاط الفكري يكاد يكون معدوماً في المجتمعات العربية إذ ثبت أن متوسط القراءة قد لا يتعدى بعض الدقائق للفرد، وقد يكون تمرين القراءة أفضل نشاط يعود الإنسان على الهدوء الداخلي ومعرفة الذات.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي