No Script

مهندس لبناني يضع مشروعاً استغرقت دراسته 5 سنوات جمعت بين الجغرافيا والاقتصاد والتجارة والوضع السياسي

قناة «سعودية» تربط البحر الأحمر والخليج العربي

تصغير
تكبير
عامر القادري لـ «الراي»:

• المشروع حاصل على براءة اختراع ويعتبر مسجّلاً في 180 دولة بموجب اتفاقية برن

• تكلفة تنفيذ القناة بين 45 و50 مليار دولار وتشمل البنى التحتية بما فيها الأنفاق والجسور والطرق السريعة

• الثروات المستخرجة من باطن الأرض ستغطي تكلفة المشروع وتزيد فضلاً عما ستحققه القناة من اكتفاء ذاتي وما ستحصّله من مرور السفن

• القناة المائية هي الأكبر في العالم وتمرّ في السعودية وحدها وبذلك تكون صاحبة السلطة الوحيدة على القناة لكن منافعها ستطول كل العالم

• تمتدّ «قناة طه» من البحر الأحمر غرباً إلى الخليج العربي شرقاً بطول حوالي 1300 كلم بحسب الانحناءات

• القناة ستسهّل الاستيراد والتصدير من أوروبا والغرب بشكل عام وستوفر وقتاً بنسبة بين 30 و75 في المئة

• القناة تؤمن مدخولاً بنحو 84 مليار دولار سنوياً للسعودية من السفن العابرة وسترفعها من الدرجة 44 الى العشر الأوائل لجهة دخل الفرد

• المشروع يسهم بخفض الحرارة بين 10 و12 درجة ويؤدي إلى تساقط الأمطار ما سيجعل من 50 في المئة شمالاً وجنوباً أرضاً زراعية
يختصر المهندس الصناعي اللبناني عامر القادري «قناة طه»، الفكرة الرائدة التي حصل بموجبها على براءة اختراع من وزارة الاقتصاد اللبنانية، باعتبارها «مشروع القرن»، ذاك الذي سيربط البحر الأحمر بالخليج العربي عبر قناة مائية تزيد من أهمية المملكة العربية السعودية الإستراتيجية وتضاعف نفوذها في المنطقة والعالم.

هو «مشروع سلام» للمنطقة، لم يأخذ القادري في الاعتبار عند وضْعه إلا ما سيحققه من انفتاح وفوائد على المملكة والمنطقة وكل العالم، بفضل تسهيله للتجارة العالمية، ناهيك عن منافع بيئية واجتماعية واقتصادية جمّة ستكون معالمها واضحة للعيان.

والقادري لم يهمل في دراسته أي تفصيل حول شَقّ هذه القناة، متناولاً دورها ونتائجها، ومتوقفاً عند موقعها، ومغدقاً الكثير من العمليات الحسابية حول ما ستحققه من مردود سيغطي دون شك تكاليف القناة وبناها التحتية. فماذا يقول القادري عن هذه القناة لـ «الراي»؟

• بداية مَن هو عامر القادري؟

ـ أنا متخصص في الهندسة الصناعية والدراسات والتخطيط الإستراتيجي، وحصّلت دراسات أخرى تتعلق بالثقافة كعلم الفلك والبحار، فضلاً عن لغات أفريقية سواحلية.

أقمتُ في أميركا لمدة 20 عاماً وعملتُ مع عدة مؤسسات بما فيها شركات بترول هناك، وعملتُ في لبنان لنحو 12 عاماً، وكنت أدير مؤسسات غذائية كبيرة، كما أسستُ عدة شركات. وفي الأعوام الأخيرة التي عملتُ خلالها في المملكة العربية السعودية، عملتُ في مجال لا علاقة له بمشروع «طه»، حيث كنتُ أعمل في شركة تمور وشوكولا. فأنا أجهز المعامل، وأعطي استشارات للشركات.

في العام 2010، راودتني فكرة «القناة»، فيما كنت أعمل في مجال مختلف كلياً، غير أن الفكرة جاءت من تفكيري في تطور الأوضاع في المنطقة وفي السعودية على وجه الخصوص.

• ما هو مشروع طه؟

ـ مشروع طه يقوم على حفر قناة مائية بحرية من صنع الإنسان، يتم إنشاؤها عبر ربط شريانيْن مائييْن هما البحر الأحمر والخليج العربي، وذلك بهدف استعمالها للنقل، ولا سيما نقل النفط والسلع والمنتجات. وهذا ما يفسّر أهمية القناة في التجارة العالمية، حيث انها ستختصر الوقت وتخفض الكلفة على المصدّرين والمستوردين.

• في أي إطار وُلدت فكرة المشروع؟

ـ راودتني الفكرة من دون أن أعرف السبب، فهي لا تمتّ إلى مجال عملي لا من قريب ولا من بعيد. طرحتُ الفكرة حينها على أناس مقرّبين سعوديين وطلبتُ منهم أن يقدّموا لي ما يتوافر من معلومات عن المملكة، ككتب الجغرافيا لأدرس جغرافية السعودية بتفاصيلها.

بدايةً كنتُ مهتماً بالمشروع على أساس أنه وسيلة نقل تختصر المسافات والوقت، إذ إنه يقوم على وصل البحر الأحمر بالخليج العربي. فالباخرة التي تجتاز المسافة الحالية بسبعة عشر يوما، ستجتازها عبر القناة بأربعة أيام. فعبر قناة السويس يمرّ حالياً نحو 20 ألف سفينة سنوياً، ما يمثل 50 - 60 في المئة من التجارة العالمية. هذه السفن تمرّ عبر قناة السويس وتجتاز البحر الأحمر، فمضيق باب المندب، بحر العرب، ثم مضيق هرمز.. وأذكّر هنا بما شهده العالم من مشكلة القراصنة في أرض الصومال، الذين أُنفق على محاربتهم نحو 15 مليار دولار سنوياً، فضلاً عن مخاطر أمنية أخرى.

• هل كانت إقامتك في المملكة عاملاً مساعداً لبلورة هذا المشروع؟

ـ من دون شك.

• أي مناطق سعودية ستخترقها القناة؟

ـ القناة المائية هي الأكبر في العالم وتمرّ في المملكة وحدها وبذلك تكون صاحبة السلطة الوحيدة على القناة، لكن منافعها ستطال كل العالم، وهي ستقع على البحر الأحمر بعد 200 كيلومتر من دخول المياه الإقليمية السعودية من قناة السويس، وعلى الخليج العربي على نحو 200 كيلومتر من الحدود الكويتية داخل المياه الإقليمية السعودية. وتمتدّ «قناة طه» من البحر الأحمر غرباً إلى الخليج العربي شرقاً بطول يقارب حوالي 1300 كيلومتر بحسب الإنحناءات وبعرض بحسب الطبيعة الجغرافية للمملكة، والتي تسمح بالتوسع ليتراوح العرض بين 300 و400 متر.

أما تحديد مكان إنشائها على أراضي المملكة، فهذا أمر يتطلب دراسة ميدانية. غير أنه بالنظر إلى الطبيعة الجغرافية للمملكة، تجدين أن حدودها لجهة البحر الأحمر تتخللها ثلاث سلاسل جبلية، وبالتالي فإن 200 كيلومتر بعد دخول البحر الأحمر هو المكان الأنسب لبدء هذه القناة. داخلياً، يمكن دراسة امتداد هذه القناة، وجعلها إما قرب المدن أو بعيداً عنها، وأنا أجد أن من الأفضل حفرها إلى جانب المدن.

• هل راودتك فكرة المشروع بناء على رؤية أو موقف سياسي من التطورات الإقليمية، ليكون هذا النفوذ الذي سيمنحه المشروع للمملكة دعماً في مواجهة إيران على وجه التحديد؟

ـ أعتبر مشروع القناة مشروع سلام. فأنا لا أفهم سبب الصراع العربي ـ الإيراني. ولا أرى مبرراً له. وهذه القناة التي وضعتُ مشروعها، ستسهل الاستيراد والتصدير من أوروبا والغرب بشكل عام، وستوفر وقتاً بين 30 و75 في المئة في المنطقة. من هنا فإن هذا المشروع سيكون مشروع سلام، ويشجع على السلام في المنطقة التي ستستفيد كلها من هذه القناة بما فيها إيران.

• هذا المشروع سيكسب المملكة نفوذاً وأهمية استراتيجية واقتصادية. هل من فوائد أخرى؟

ـ فوائد اجتماعية وبيئية. فهذا مشروع تنموي بالدرجة الأولى يرسخ السلم الأهلي، إذ إن المملكة ستكون أول دولة لا تعاني من البطالة، وذات دخل عالٍ. فمن 12 في المئة بطالة، ستصبح المملكة العربية ذات معدل بطالة يساوي صفراً ومع مداخيل عالية. إذاً هذا مشروع بيئي، ملاحي، تجاري وسياحي، في حين ينفق السعوديون حالياً نحو 44 مليار ريال سنوياً على السياحة خارجياً.

حريّ القول ان قناة السويس يبلغ عرضها حوالي 200 متر وطولها 200 كيلومتر. وإنتاجها السنوي من عبور السفن يبلغ نحو 6 مليارات دولار. واليوم يزمع الرئيس السيسي توسيع عرض القناة، تماماً كمشروع «قناة طه»، الأمر الذي سيزيد دخل قناة السويس 3 مليارات دولار ويوجِد مليون وظيفة. وفي حين تفوق «قناة طه» قناة السويس بسبع مرات طولاً، وفي العرض تفوقها مرتين، فإن هذا الأمر يؤمن مدخولاً بنحو 84 مليار دولار سنوياً للمملكة من السفن العابرة، وسيرفع السعودية من الدرجة 44 الى العشر الاوائل لجهة دخل الفرد.

• ما هو تصورك لهذه القناة داخل المملكة؟

ـ داخل المملكة وعلى جانبيْ القناة، بالإمكان إنشاء مدن سياحية، ديزني لاند، تجمعات سكانية... فالأراضي المأهولة في المملكة تشكل نحو 30 في المئة من مجمل أراضيها. لذا فإن هذه القناة تسمح باستصلاح مناطق جديدة ما يسمح بإعادة توزيع السكان على مختلف أنحاء المملكة، بعدما تم بناء البنية التحتية الأساسية لهذا التوزيع.

• هل سيسمح هذا المشروع بالاستمطار؟

ـ القناة التي لن تكون بعيدة عن الرياض، سيكون لها تأثيرات عدة، أحدها باعتقادي سيكون على المناخ، بحيث أن درجة الحرارة ستنخفض من 10 درجات إلى 12 درجة، وتؤدي إلى تساقط الأمطار، الأمر الذي سيجعل من 50 في المئة شمالاً وجنوباً أرضاً زراعية.

وفي حال تم هذا الأمر، فإن 130 ألف كيلومتر من الأراضي ستتحول من صحراء إلى أرض زراعية، ما يحقق الاكتفاء الذاتي للمملكة، ويسمح لها بأن تصبح دولة مصدّرة للمنتوجات الزراعية من خضار وفاكهة، وأضعف الإيمان القمح والبطاطا. وذلك بحسب المرجعيات العلمية المرموقة، التي تمت مراجعتها في لبنان.

• هل من فوائد أخرى للقناة؟

ـ ستحلّ مشكلة المياه ولا سيما في الرياض عبر إقامة محطات التكرير وتحلية المياه. كما ستسمح بإقامة مدن صناعية وسياحية، وإنشاء شبكة مواصلات ومحطات لتوليد الكهرباء تستفيد منها المملكة والمنطقة بأسعار منخفضة، اضافة الى تأمين مئات آلاف الوظائف بمداخيل عالية.

هذا المشروع هو «رسالة» من لبنان إلى السعودية فكل العالم. وهو سيؤمن عائدات مالية ضخمة مباشرة من الملاحة، ويساهم في الحدّ من مخاطر البحر الأحمر. وتجدر الإشارة إلى أن القناة ستسهل نقل الحجاج لتأدية الشعائر الدينية، بطريقة أسرع وأوفر.

• ما فوائد هذه القناة على الدول العربية المحيطة بالمملكة؟

ـ خدمة هذا المشروع ستعمّ كل العالم. وهي ستؤمّن الوظائف للشباب وستُستخدم للنقل البحري، وتستفيد منها الدول شرقاً وغرباً بما فيها إيران.

• أجريتَ بحثاً لمدة خمسة أعوام لوضع هذا المشروع؟

ـ نعم، إذ كان لا بد من إجراء دراسة لطبيعة المملكة ولجغرافيتها، لعلوّها عن سطح البحر وكيفية حفر القناة بما يتناسب مع الجاذبية. كما درستُ قناتيْ باناما والسويس، التجارة، الدخل الفردي.. يمكن القول انني أجريتُ دراسة شاملة تجمع بين الجغرافيا والاقتصاد والتجارة والوضع السياسي ذي التأثير الكبير.

• هل وضعتَ هذا المشروع بالتعاون مع فريق عمل أم كان عملاً فردياً؟

ـ أجريتُ الدراسة بمفردي من دون فريق عمل. وقد نفذتُ جزءاً منها في المملكة العربية السعودية والقسم الآخر في لبنان.

• هل ما يزال هذا المشروع في الإطار النظري، أم أنك قمتَ ببعض الإجراءات الميدانية؟

ـ ناقشتُ هذا المشروع مع عدة شخصيات بيئية واقتصادية ومعاهد وجامعات تعليمية ذات صيت عالمي، وعرضتْ عليّ إحدى الجامعات المساهمة في تشكيل فريق هندسي يضم جميع الاختصاصات للقيام بالتواصل مع معاهد تعليمية في المملكة وصولاً لأصحاب القرار وانتهاءً بتنفيذ المشروع. وقد سجلتُ هذا المشروع في الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد اللبنانية. وبموجب اتفاقية برن يمكن اعتبار هذا المشروع مسجلاً في 180 دولة، وتم تأكيد الأمر من قبل طلال أبو غزالة. كما سجلتُ هذا المشروع احتياطاً في الولايات المتحدة الأميركية.

• ما حظوظ هذا المشروع بالتنفيذ وهل تواصلتَ مع قيمين على هذا الشأن في المملكة العربية السعودية كخطوة أولى للتنفيذ؟

ـ يتمّ التواصل مع مكاتب علاقات عامة ومحاماة وشركات عالمية بهدف إيصال الفكرة للسلطات السعودية، صاحبة السيادة الوحيدة لاتخاذ القرار الخاص بإنشاء القناة.

• إلى أي مدى أنت متفائل بنجاح هذا المشروع وبتحوُّله من حلم إلى حقيقة؟

ـ لا مجال إلا أن يُنفذ هذا المشروع، ولا شك عندي في ذلك.

قد يلقى حالياً معارضة سياسية، غير أنه في أسوأ الحالات سيلقى تأييد 50 في المئة من أصحاب القرار مقابل 50 في المئة من الأصوات التي سترى ضرورة التركيز الآن على أمور أخرى. لكن في أحسن الحالات سيبادر القيمون إلى تنفيذه بدءاً من الغد.

ولا بد من الإشارة إلى أن هناك إعادة حشد غير مسبوق للجيش السعودي في المنطقة الشمالية من المملكة، درءاً لأي مخاطر ولا سيما نتجية الوضع العراقي ـ الحرب في الأنبار ـ وتالياً فإن المشروع سيشكل عائقاً مائياً كبيراً أمام أي خطر، أسوة بما يتم حالياً في مصر في صحراء سيناء، حيث يتم إقامة عائق مائي 500 متر عن الحدود الفلسطينية.

• ما هي كلفة تنفيذ هذه القناة؟

ـ نحو 45 إلى 50 مليار دولار أميركي وتشمل البنى التحتية بما فيها الأنفاق والجسور والطرق السريعة، لكنني أعتقد أن الثروات المستخرجة من باطن الأرض ستغطي تكلفة المشروع وتزيد. فضلاً عما ستحققه القناة من اكتفاء ذاتي وما ستحصّله من مرور السفن. كما يمكن تمويل هذا الإنشاء بالإمكانات المتوافرة للمملكة، وعن طريق الشركات بنظام BOT. ومدة التنفيذ لا تزيد على ثلاث سنوات.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي