No Script

أصبوحة

دروس الانتفاضات الشعبية

تصغير
تكبير

هناك العديد من السياسيين السذج، الذين لا يستطيعون قراءة التاريخ بشكل علمي صحيح، خصوصاً للأحداث الكبيرة التي تمر فيها الشعوب، ويتأثرون بالدعايات الغربية القوية، التي تقودها استخباراتها ذات الخبرة العريقة في تضليل الرأي العام.
من تلك الأحداث المهمة في حياة شعوبنا، هي الثورات العربية في العام 2011، التي تم الترويج لها بكثافة على اعتبار أنها مؤامرة من صنع الدوائر الغربية، وليست من صنع الشعوب، وهي صفة تلازم السياسي ضيق الرؤية، الذي ينطلق من ذاته وقدراته الشخصية، وليس من استيعاب للتحليل العلمي، ولا قراءة سليمة لحركة الجماهير ومزاجها.
وفي الشهر الماضي أقيم احتفال في مركز آفاق اشتراكية بالقاهرة، اشتركت فيه مجموعة من القوى الديموقراطية والتقدمية واليسارية، بمناسبة الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير، أكدت فيه هذه القوى أن ثورة يناير بموجتيها الأولى، ضد الحكم الفاسد والثانية ضد حكم جماعة الاخوان المسلمين، قام بها الشعب المصري، ولم تكن مؤامرة إمبريالية أو انقلاب عسكري، كما يروج البعض للتقليل من قيمة النهوض الجماهيري.


بيد أن القوى الرجعية بالتعاون مع الإمبريالية، حاكت الدسائس من أجل إجهاض ثورة يناير، لحرفها عن أهدافها وتشويهها، وبشكل عام لا توجد ثورة في العالم أو في التاريخ تنتصر من أول جولة، فالثورة الفرنسية استغرقت نحو مئة عام، والثورة الصينية استمرت 28 عاماً، وكذا الثورة البلشفية، وهذا ما حدث في مصر عبر عدد من الانتفاضات والثورات المتتالية.
وقيم المشاركون ما حدث في ثورة يناير، حيث لم يكن لها قيادة واضحة، ولم يكن مخطط لها، بل بدأت كاحتجاج على ممارسات مهينة للمواطنين، ولذا كان الحراك في الشارع عفوياً، وإن الدرس الأساسي لثورتي 25 يناير و30 يونيو، هو ضرورة البناء التنظيمي للقواعد الشعبية في كل المحافظات، خصوصاً أن هناك أحزابا كانت تراهن على دعم أميركا.
فثورة يناير - التي ما زالت لم تحقق أغراضها - كانت نتاج تراكمات عدة لحالة مخاض بدأت منذ 2002 و 2003، من خلال الفساد الإداري والصعوبات المعيشية، والخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي، وخصصة القطاع العام الوطني، وإلغاء الدعوم وإطلاق أسعار السلع والخدمات، وغيرها من أسباب تردي الأوضاع الاجتماعية والسياسية.
وهذه الأسباب ومثيلتها هي سبب الثورة في السودان، والاحتجاجات في فرنسا، كما كان لهذه الموجات الثورية فوائد، من أهمها اكتساب الجماهير الخبرة في التحرك وارتفاع يقظتها، وتعلم القوى السياسية من أخطائها ونواقصها.
osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي