No Script

إضاءات

الجامعات... ودورها المجتمعي

تصغير
تكبير
دور الجامعات في أي مجتمع كان... لا يقتصر فقط على تخريج دفعات متتالية من الطلبة ودفعهم إلى سوق العمل، فليست الجامعات عمادة وأساتذة ومحاضرات وقاعات ومعامل ومذكرات، وطلبة يحضرون الدروس العلمية أو النظرية.

الجامعات ليست فقط مؤسسات علمية ترصد لها الميزانيات، لتقوم بدور يكاد يكون واحدا... ولكنها في حقيقة الأمر هي منظومة اجتماعية متكاملة، يتحدد من خلالها التطور الذي يشهده المجتمع في كل أحواله.

ولا أتحدث عن جامعة الكويت فقط في هذه المسألة ولكنني أتحدث عن الجامعات العربية بشكل عام، تلك الجامعات التي بمرور الوقت يتأكد أنها مفرغة من مضمونها، وأنها أصبحت تقليدية إلى حد الإفراط، ولم تتمكن خلال السنوات القليلة الماضية من أن تجاري لغة العصر، بل إنها تأخرت كثيرا عما كانت عليه في التسعينيات من العام الماضي.

فبينما كنا نرى طلبة الجامعة في طليعة المجتمع يدافعون عن أشياء يؤمنون بها، ويبدعون وينشرون طموحاتهم، ويتفاعلون مع قضايا أوطانهم، وهم على مقاعد الدرس، ليتخرجوا وقد تشكلت تجاربهم، وأصبحوا أكثر فعالية في أي موقع أو منصب يحصلون عليه.

فالآن ربما لا نحس بأي دور يقوم به طلاب وطالبات الجامعة، فهم يحضرون إلى كلياتهم، وفي أذهانهم أن ينتهوا من محاضراتهم ثم يذهبون إلى بيوتهم، وإنهم يستذكرون دروسهم ويجتهدون كل حسب إمكاناته ورغباته، من أجل هدف واحد... وهو الحصول على الشهادة الجامعية.

ولا أعرف بالضبط السبب الذي أدى إلى تراجع طلاب وطالبات الجامعات العربية في التفاعل مع المجتمع... هل هو نظام التعليم في هذه الجامعات؟، الذي لا يكرس الكثير من المسائل المتعلقة بالأنشطة الثقافية البعيدة بعض الشيء عن النظام الأكاديمي، مثل تنظيم الندوات والمحاضرات وتشجيع الطلاب والطالبات على إبراز الجوانب الإبداعية فيهم مثل إقامة المعارض التشكيلية والأمسيات الشعرية والقصصية وخلافه، إلى جانب التشجيع على الابتكار في المجالات العلمية، وغير ذلك من الأمور التي تنمي المواهب وتصقلها.

فلو اتخذنا جامعة الكويت- بصفتي أحد أعضاء هيئة تدريسها- سنجد أن هذه الأنشطة مفتقدة أو أنها تقام بشكل خجول يكاد لا يظهر للعيان ولا يمكن أن نعول عليه في بناء الشخصية الفاعلة في المجتمع، في ما نرى التباري على أوجّه في موضوع الانتخابات الطلابية، والاستقطاب وخلافه، من دون أن نحاول استثمار هذه الطاقات في ما يفيد طلابنا وطالباتنا وتوجيهها الوجهة الصحيحة.

وربما يكون الطلاب والطالبات أنفسهم السبب في ذلك، بسبب انشغالهم بأمورهم الشخصية وابتعادهم عن هموم مجتمعهم... ولكنني أعتقد أن ذلك لا يمكن أن يكون سببا مقنعا، لأن طلابنا وطالباتنا لديهم الوعي الكافي بوطنهم ومجتمعهم، ولكنهم بحاجة لمن يوجههم، ويرسم لهم خارطة الطريق التي من خلالها يصلون إلى الطموح الذي نريده منهم، وأن يكون تفاعلهم مع محيطهم الخارجي كبيرا.

نعم الجامعة لها دور مؤثر وضروري في حياة المجتمع، ولكن لن يظهر هذا الدور إلا من خلال التحفيز والتشجيع، والتخطيط السليم، ومن ثم دفع الطلاب والطالبات للمضي قدما نحو أهدافهم، ليكونوا أكثر نفعا لوطنهم.

* كاتب وأكاديمي في جامعة الكويت

alsowaifan@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي