No Script

ما يفسّر اكتفاء ترامب بالتصعيد الكلامي... بلا أفعال

واشنطن تعتبر إيران «مُشاغبة» لكنها لا تشكل «خطراً وجودياً»

تصغير
تكبير
• مُراجعة معقدة خلصت إلى أن لا مصلحة للأميركيين بزعزعة الترتيب القائم مع الإيرانيين
على الرغم من امتناع الرئيس دونالد ترامب عن تقديم «إفادة» للكونغرس تؤكد التزام إيران بالاتفاق النووي الذي أبرمته مع القوى الكبرى في العام 2015، وعلى الرغم من الخطاب الناري الذي أدلى به يوم امتناعه عن المصادقة على التزام إيران واستعاد فيه «الجراح» الأميركية من هجمات أدت الى مقتل مئات «المارينز» والديبلوماسيين الأميركيين في بيروت، في الثمانينات، على أيدي مَنْ تعتقد أميركا أنهم من «حزب الله» اللبناني الموالي لايران، وعلى الرغم من إعلان ترامب ان «الحرس الثوري» بأكمله منظمة إرهابية، إلا أن التصعيد الأميركي ضد إيران لم يتعدَّ الحرب الكلامية التي يشنّها ترامب.

وفي هذا السياق، دأب مسؤولون في إدارة ترامب على تكرار عبارة، يبدو أنها من العبارات الجديدة التي تم تبنيها في سياسة أميركا تجاه إيران، وهي عبارة «الخطر الوجودي»، إذ يعتبر هؤلاء المسؤولون أن «إيران لا تشكل خطراً وجودياً»، وأن سياساتها «المزعزعة للاستقرار» في الشرق الاوسط هي مشكلة، لكن «الولايات المتحدة قادرة على التعايش مع هذه المشكلة وإدارتها».

و«إدارة المشكلة» يعني أن واشنطن لا تنوي الانخراط في حلول جذرية للمشكلة الإيرانية، على عكس ما يتمناه أقرب حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الاوسط.

وما يؤكد سياسة إدارة ترامب تجاه إيران، وهي عنيفة كلامياً ومتساهلة واقعياً، هو أن هذه السياسة، على عكس غالبية السياسات الخارجية الأميركية منذ تولي ترامب السلطة مطلع العام الحالي، تأتي بعد عملية «مراجعة» معقدة قامت بها الوكالات الحكومية الفيديرالية المعنية، وتوصلت إلى خلاصة مفادها أن «لا مصلحة للولايات المتحدة في زعزعة الترتيب الدولي والأميركي القائم مع الإيرانيين».

وكان ترامب دأب، أثناء حملته الانتخابية، على مهاجمة ايران واعتبر أن الاتفاق النووي المبرم معها هو أحد أسوأ الاتفاقات في العالم، ووعد بتمزيقه فور وصوله البيت الابيض. والشهر الماضي، وعد أيضاً بالتصعيد في مجلس الأمن، وبمطالبة طهران بفتح بعض المواقع التي قد تشتبه وكالات الاستخبارات الأميركية بإجراء اختبارات تسليح نووية فيها.

وتوقع فريق ترامب، يومها، أن تطالب واشنطن طهران، عن طريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بفتح أبواب بعض المواقع التي تشتبه بها أميركا أمام المفتشين الدوليين، وإذا رفضت ايران، يتم اللجوء إلى تحكيم دولي، وإذا لم يحز الأخير على الاجماع في مجلس الأمن، ينهار الاتفاق النووي وتعود العقوبات الدولية تلقائياً على إيران.

مرّت الأسابيع، والتقارير المتواترة من الأمم المتحدة تشير إلى هدوء البعثة الأميركية ، وعدم مطالبتها المؤسسات الأممية بالقيام بأي عمليات تفتيش في إيران، وهو ما يؤدي إلى تفادي التصعيد وإبقاء الأمور على ما هي عليها، أي أن ترامب صعّد كلامياً فقط، من دون ترجمة لتصعيده ديبلوماسياً.

وفيما يعتقد البعض أن تلكؤ ترامب في التصعيد فعلياً بوجه الايرانيين سببه الفوضى التي تعم إدارته، يرجح كثيرون أن خلف تلكؤ ترامب خطوات مدروسة، وهو لو أراد التصعيد لأمكن قيامه بذلك باتصال واحد بالموفدة الاميركية الدائمة في الأمم المتحدة نيكي هايلي.

أما سبب تلكؤ ترامب، حسب كثيرين، فمرده إلى الاستنتاج الذي توصلت إليه الوكالات الفيديرالية الحكومية الأميركية، لناحية أن الحفاظ على الاتفاق النووي، وإبقاء الأمور على ما هي عليه، هو أمر في مصلحة الولايات المتحدة. حتى الحلفاء الذين يبدون تخوفاً من استمرار الاتفاق، لا يبدو أن السياسة الأميركية المتجددة تشاركهم رأيهم القائل بأن إيران وبرنامجها النووي يشكلان خطراً وجودياً عليهم.

ووفقاً لإجماع المسؤولين والخبراء الأميركيين، فإن إيران «دولة مشاغبة ونشاطاتها تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط»، إلا أن نوع النشاطات الإيرانية لا يرقى إلى كونه «تهديداً وجودياً» للولايات المتحدة أو لحلفائها، وهو ما يدفع ترامب إلى الصراخ والتهديد خطابياً، من دون أن يقرن تهديداته بأفعال على أرض الواقع، حتى لو أدى ذلك إلى خيبة أمل في صفوف بعض حلفاء واشنطن، خصوصاً ممن يتمتعون بعلاقات شخصية وثيقة مع ترامب وعائلته وأفراد فريقه.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي