No Script

وجع الحروف

الجراثيم من حولنا...!

تصغير
تكبير

في مقال نشر قبل شهرين للدكتور صالح الفهدي عنوانه «خلصونا من الجراثيم»? تطرق فيه إلى التجربة الفنلندية في تطوير التعليم عبر الأب الروحي الدكتور باسي سالبرغ، حيث كانت أول خطوة اتخذتها فنلندا للنهوض بالتعليم هي التخلص من جراثيم التعليم وحددت بـ«تكثيف المواد? كثرة الاختبارات والواجبات? إطالة أوقات الدوام? الدراسة المنزلية? الدروس الخصوصية? والمواد المعقدة».
اعتمدت فنلندا على الكيف لا الكم وحرصت على فهم الطالب للمواد الدراسية داخل الصف، وتركت المنزل للطالب بين أفراد عائلته? وبعد أن تخلصت فنلندا من تلك الجراثيم الست، تصدرت العالم في قائمة أفضل الأنظمة التعليمية العالمية.
سنترك أهل الميدان من التربويين المخضرمين أمام هذه التجربة، إن كان المعنيون بتطوير التعليم يعملون بجد تجاه تطوير التعليم عبر التخلص من جراثيمه.


السؤال هنا... هل هناك جراثيم آخرى من حولنا ونعاني منها في الكويت؟
الإجابة بنعم مؤكدة... خذ عندك على سبيل المثال لا الحصر:
الجراثيم الاجتماعية: تقديم السفاهة والترويج لها بعيدا عن الأطر الأخلاقية التي خصنا الله بها عن سائر الأمم? وأصبح مبدأ «اللي تكسب به... إلعب به»، معمولاً به، وتشتت المجاميع بين مع وضد وهو ما أوصل فئات المجتمع ومكوناته إلى زاوية لـ«التحلطم» مع غياب تفعيل المسؤولية الاجتماعية الملقاة على وزارتي الإعلام والشباب وجمعيات النفع العام، وعزف العقلاء والحكماء عن الخوض في العملية الإصلاحية اجتماعياً... إلا ما ندر.
نريد رؤية جديدة تقرب الصالح وتقصي «الفاسد»، وتشجع كل صاحب فكر نير للتقدم بعرض رؤيته للنهوض بالمجتمع، كي تتحسن ثقافته ويقضي على مروجي السفاهة التي هدمت المفاهيم الاجتماعية الصالحة.
الجراثيم الإعلامية: تجدها متمثلة في الضرب من تحت الحزام? الطعن بالذمم? تكوين مجاميع لمحاربة المصلحين وتلميع صورة رموز الفساد، ومن يتحدث بحرقة عن الأوضاع المتردية ينعت بأقبح الأوصاف، ولو سألت البعض عن الآخر يأتيك الرد: «على المستوى الشخصي لا أعرفه»: طيب «ليش تطعن فيه»؟
الجراثيم التنموية: الابتعاد عن التنمية البشرية? تطوير التعليم، رفع مستوى الخدمات الصحية? الاهتمام بالنشء... والتركيز على المشاريع لمباني من حجر مردودها شبه منعدم، في ما يخص رفع مستوى الكويت والمواطنين صغاراً وكباراً.

الزبدة:
ذكرنا فقط ثلاثة جوانب مما شهد عنها التأثر بجراثيم - وأقصد بجراثيم فقط تأسياً بالتسمية الفنلندية - وهي معولات هدم وهي الحاجب بيننا وبين إصلاح الأحوال الاجتماعية? والرسالة الإعلامية? والتنمية المراد بلوغها.
والحلول عرضناها هنا في مقالات مختلفة منذ عقود مضت? وفي الغالب نستأنس بالتجارب وما جاء في القرآن والسنة النبوية، ومن أقوال لقادة حكماء كانت لهم بصمة واضحة في قيادة شؤون حياة المسؤولين عنهم، لا سيما واننا دولة لها دستور تنص مادته على أن «دين الدولة الإسلام»... ولو تمعنت في ما جاء تجد أن الإسلام قد غطى كل نواحي الحياة.
أصبح الإعلام يتبع ما يقولون، مع العلم أن المولى عز شأنه ذكر: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»... ولنا في مسألة اختيار القياديين أسوة حسنة، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم حين طالب أبا ذر - وهو عالم جليل - أن يوليه «منصب قيادي»: «يا أبا ذر? إني أراك ضعيفاً، وإنها أمانة? وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها».
خلاصة القول? لا يمكن - بأي حال من الأحوال - أن نحقق التنمية والنهوض بالتعليم والصحة وكل نواحي الحياة، ما لم نأت بقيادات قوية «كفاءة وجدارة»، لها رؤية إصلاحية تعلم أين مكامن الخلل ولديها استراتيجية إصلاحية متسلحة بالعلم والخبرة وحسن السيرة والسلوك، والأمانة في أداء المهمات الموكلة إليها.
فهل نحن مقبلون على مرحلة إصلاحية؟ أم سنظل متأثرين بمفاهيم، كان لها دور في تأخر التنمية لدينا وتراجعنا في معظم المؤشرات? إننا نتحدث عن عملية بناء وطن ليس إلا... الله المستعان.

terki.alazmi@gmail.com
Twitter: @Terki_ALazmi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي