No Script

رواق

كل يوم سناب

تصغير
تكبير

يقول روبرت فروست يتألف العالم من شقين: «أناس لديهم ما يقولونه لكنهم لا يستطيعون، وأناس ليس لديهم ما يقولونه ولكنهم لا يسكتون»!
وفي سياق مماثل يقول برتراند راسل: «‏مشكلة العالم أن الأغبياء والمتشددين واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائماً، ‏أما الحكماء فتملؤهم الشكوك...»!
الشك نصف المعرفة والصمت نصف الحكمة، أما الثقة فنعمة ونقمة في الوقت نفسه، نعمة حين تكون الرافد لأشياء جديدة وأفكار جديدة، ونقمة عندما تزيد الجاهل جهلاً وتزعج الجميع بثرثرته حتى يصدقوا الجاهل ويكذبوا الحكيم... وهكذا كان منذ سلمنا دفة قيادة المجتمع لمجموعة من الثرثارين الواثقين من جهلهم الذي تحول يقيناً بفضل سذاجة المجتمع وتسامحه وبساطته التي جعلته يصدق كل ما يسمع ويقول كل ما يسمع، لأنه يصدقه مهما كان سطحياً ومحدوداً، حتى بات نجاح شخص تافه دليلاً على تفاهة المجتمع وانشغاله في التفاهات، معتقداً أنها أمور جوهرية لشدة تكرارها في مقابل صمت الحكماء وتخليهم عن دورهم في قيادة الرأي، لأن أحداً لم يأخذ رأيهم حتى ظن الرأي العام أن لا رأي لهم.


 ليس كل صامت جاهلاً، ولا كل متحدث عالما وإن بدا ذلك ظاهرياً ممكناً. يتحمل المثقف مسؤولية تثقيف نفسه ولا يتحمل مسؤولية تثقيف المجتمع، فالثقافة عملية اختيارية لا إجبارية، والثقافة ليست للجميع مثلها مثل القراءة والكتابة. فالقراءة ليست للجميع، ولكن لمن يفهم فقط ويعي المعاني ومثلها الكتابة، فليس كل من يقرأ كاتباً ولكن يجب أن يكون كل كاتب قارئاً، فإن توقف عن القراءة فليتوقف عن الكتابة ويلوذ بالصمت إن لم يكن لديه ما يقوله أو عجز عن قوله. فليس المهم أن تحكي من دون أن تقول أي شيء، لكن الأهم أن تقول شيئاً، فالعالم يتألف من شقين: ناس تقرأ كل يوم كتاباً وناس تصوّر كل يوم «سناب».

 reemalmee@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي