No Script

رواق

وصية الصبوحة

تصغير
تكبير

تروي الفنانة الراحلة صباح كيف ارتفعت الأيادي عندما غنت على المسرح «كل اللي بدو يتجوز يوقف ويرفع ايدو»، وهي إذ تقول في مقطع ثانٍ من الأغنية نفسها «العزوبية ما بتنطاق»، إلا أنها استخلصت بعد تجارب في الزواج والطلاق أن أكبر خطأ ارتكبته في حياتها زواجها، وأنها لو قُدّر لها تكرار التجربة... لاختارت عدم الزواج!
هذه صباح ذائعة الصيت في كثرة الزيجات، التي حاربت العزوبية غناء، توصي بها بعد أن أقرت بفائدتها قبل أن ترحل وحيدة بلا زوج ولا أبناء، رغم كثرة الأزواج السابقين ووجود الأبناء، وحيدة رحلت لكنها سعيدة، أم تعاني كغيرها من الفنانات من اكتئاب وعزلة وانطواء في نهاية حياتها، بل رحلت في أوج حبها للحياة التي أبت أن تفارقها.
في المقابل نجد سعاد حسني - التي لم تعانِ الوحدة - رحلت مكتئبة مشبوهة بالانتحار، رغم ارتباطها بزوج، ورغم كونها عاشت طويلا فتاة أحلام الرجال، كل الرجال، الذين أطلقوا عليها لقب سندريلا.


انتهت أسطورة السندريلا مبكراً في حين دامت الأسطورة الصبوحة طويلاً، لأنها - رغم كثرة زيجاتها - اختارت نفسها أولاً، فكانت كثيرة الانفصال في سلوك أناني، يبقي على النفس بعد الاستغناء عن الآخر، مهما بلغت درجة الارتباط.
لا ارتباط دائم، فالحياة ليست دائمة في الأساس، كما أنه لا فراق دائم، فكل فراق مرتبط بلقاء آخر، ولو في الأحلام وذلك موضوع آخر.
موضوعنا هنا، العزوبية، كحالة أنانية، تحتكر الوقت والطاقة والجهد للشخص نفسه، من دون استهلاكه أو استنزافه في منظومة الزواج، لذلك نجد أن ثمة علاقة وثيقة بين العزوبية والانطلاق في الحياة، فالعزوبي متحرراً من ارتباطه يعيش حريته في شباب دائم لا يقلقه شيء سوى صحته، في حين كل أب أو أم يرعبه ارتفاع درجة حرارة رضيعهما!
أثبتت الأيام والتجارب المتلاحقة أن العزاب - رغم ما يطولهم من شكوك واتهامات - أطول عمراً وأكثر سعادة، لذلك تم تخصيص يوم العزاب لإنصافهم بعد تاريخ حافل من الاضطهاد الاجتماعي، المرهون بالإلحاح المستمر بضرورة تكوين أسرة للحفاظ على النسل، من دون التأكد من صلاحيته ومن دون أخذ الحكمة من أفواه المتزوجين، وأولهم الصبوحة التي غنت «العزوبية ما بتنطاق»، ثم اكتشفت لاحقاً أن الزواج ما بينطاق!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي