No Script

من الخميس إلى الخميس

كارثة الأمطار وتغيير المعادلة

تصغير
تكبير

لا أدري إذا كان هذا المقال سيُنشر أم لا؟ وفي حال نشره، كما أتمنى، هل سيقتطع جزء منه، جزءٌ يُفقده مضمونه؟ لا أدري... ولكني كتبته وأنا واثق أن هناك ضمائرَ حية لن يَخيبَ ظنُنا بها.
إن ما حدث للكويت أخيرا بسبب الأمطارالغزيرة وما سببته من مآسٍ طالت أفراداً وتجمعات ومناطق، هذه الفاجعة لم تحدُث بسبب وزير، ولا بسبب وكيل، لا... حدثت بسبب علاقة خاطئة تعيشها الكويت منذ نشأتها وتفاقمت تلك العلاقة الخاطئة بعد نعمة البترول.
الكويت تُدار بسلطة حاكمة وسلطة تجارية، وهاتان السلطتان غير قابلتين لا للتبديل ولا للتغيير، هذا التحالف السياسي الاقتصادي له أسباب يعرفها القِّلة، ومهما كانت الأسباب فإن معظم قضايا الكويت الكبيرة، من نجاحات أو من فشل، تكون بسبب مباشر أوغيرَ مباشر لهذا التحالف، ويمكن ملاحظة غلبة الفشل على النجاحات منذ عقود طويلة.


لقد ظهرت علامات الفشل على مشاريع كبيرة أصبحت قصصاً وطرائف، بعضُها تم نسيانُه وبعضها محفور في ضمير الشعب، فعلى سبيل المثال، تقوم السلطة السياسية التي تملك مداخيل البترول بدعم حلفائها في السلطة الاقتصادية وتضمن للأقوياء منهم أخذ معظم المناقصات، ومنها مناقصات البنية التحتية للكويت، فإذا تلفت الشوارع التي صُرف عليها مئات ملايين الدنانير، تلفت وتطاير حصاها، تم استجواب الوزير وتهديده بطرح الثقة فيه، رغم أن هذا الموظف الطيب لا يستطيع تغيير قواعد العلاقة واختيار شركات خارج التحالف، وإذا غَرِقَت الكويت أيضاً يدفع ثمن ذلك مسؤول ليس له القرار ولا القوة في تقديم المناقصات الكبيرة، إلا عبر النظام المتعارف عليه والذي لا يخرُجُ عن التحالف إياه.
أهل الكويت شعب طيب، وكعادة الشعوب الطيبة تغضبُ أحياناً، لكن الكويتيين لا يُحسِنون الرمايةَ رغم أن شبابنا يحصدون جوائز كثيرة في الرماية، الشعب الكويتي يوجّهُ سهامَهُ إلى الاتجاه الخاطئ، وحتى ممثلي الشعب، مجلس الأمة، الذي يحمل بعضهم الرغبة في الاصلاح لم يجدوا حتى الآن وسيلةً لتغيير قواعد العلاقة المزمنة حتى تنطلق الكويت لمستقبلها المأمون.
إذا استمرت العلاقة بين السياسيين والاقتصاديين كما هي الآن فسندور نحن، الشعب الكويتي، في حلقة مفرغة حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا، والأمر المفعول هو انتهاء حقبة النفط دون النجاح بتحقيق بدائل تحافظ على استمرار الدولة، استمرارها كدولة تحمى أبناءها من مصير دول نراها حولنا وقد دفع أبناؤها ثمن جمودهم وعدم تطوير أنظمتهم وعلاقاتهم.
إن الأمل معقود في انتهاج سياسة تغيير جذرية، بعد أزمة المطر، عبر البدء بتغييرات كبرى تجعل الدور الأكبر في إدارة اقتصاد البلد للتكنوقراط بدل جيل التجار الشباب الذين ورثوا السلطة الاقتصادية من دون أن يكون لهم حكمة السابقين.
إن السلطة الاقتصادية الحالية لم تنجح في وضع اقتصاد الكويت على الطريق الصحيح، ونقله من اقتصاد رعوي استهلاكي إلى اقتصاد إنتاجي صناعي يحقق الأمن لكل الشعب الكويتي، كل الشعب وليس لجزء قليل، قليل جدا منه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي