No Script

هكذا تكافئ الحكومة قيادييها!

تصغير
تكبير

عندما نراجع الحكومات التي تعاقبت خلال العقود الماضية، نرى سرعة تغيير وزرائها وتغيير نظرة تشكيل هذه الحكومات. فتارة يقال إنها حكومة تكنوقراط وتارة تكون محاصصة حسب نتائج مخرجات مجلس الأمة وأخرى يهيمن عليها التيارات الدينية... وغيرها.
وفي جميع هذه الأحوال لا تدوم هذه الحكومات أو الوزراء أكثر من سنة، ينتج عن هذا التغيير إرباك كبير في عمل الوزارات، حيث يقوم الوزير الجديد بوضع لمساته على الوزارة إما بتغيير خطط عملها وإما بتغيير وبتدوير قياداتها... أسوق هذه المقدمة للحديث عما يتعرض له قياديي الدولة.
 يطمح كل مواطن بالعمل في أي وزارة أو جهة أو هيئة حكومية. تبدأ رحلته بالعمل الجاد والمخلص، حتي يتسلق السلم الوظيفي وتحذوه آمال التقدم في عمله، للوصول إلى مركز قيادي مكافئة لجهده وخدمة لوطنه. وهنا الحديث لا ينطبق على من يأتي المراكز القيادية بطريقه البراشوتات.


بعد أن يجتهد هذا المواطن ويصل بشرف إلى مركز قيادي ويتحمل مسؤوليات جمة على عاتقه خصوصاً وزارات الخدمات، ولا نبخص قياديي الوزارات الأخرى. يتعرض هؤلاء القياديون لضغوط كبيرة من قبل بعض الوزراء الجدد، والذين هم بدورهم يتعرضون لضغوط من بعض أعضاء مجلس الأمة لتمرير معاملات ليس بالطرق القانونية. يبدأ الصراع النفسي بين العمل حسب القوانين أو العمل بكسر هذه القوانين نتيجة هذه الضغوط.
بعض هذه الضغوط تكون إما بتعيين موظفين غير أكفاء في مناصب لا يستحقونها وإما أعمال ليست حسب ما يتطلبه العمل عن طريق غض البصر عن أخطاء فادحة أو مخالفة القوانين، ينتج عن ذلك مشاكل كثيرة على مستوى الخدمات التي تقدمها هذه الوزارة في مجال اختصاصها.
تأتي بعد ذلك المحاسبة على أخطاء ومشاكل وتجاوزات تحصل نتيجة هذه الضغوط. ويبدأ الهجوم على قياديي هذه الوزارة. والتشكيك في قدراتهم وتصل أحيانا إلى التشكيك في ذممهم، وقد رأينا خلال هذه السنة كيف تمت مكافأة قياديي وزارة التربية ووزارة الأشغال وغيرهم. والهجوم على قياديي القطاع النفطي واتهامهم بالتقصير وعدم النزاهة. متناسية - الحكومة - أن قياداتها هم أبناء هذا الوطن المخلصين، والذين يحاولون بسواعدهم وجهدهم المستمر إصلاح كثير من تراكمات السنين من أخطاء وفساد. إلا أن الحكومة تأبي إلا أن تبحث عن كبش فداء.
رفعت الحكومة راية مكافحة الفساد منذ فترة قصيرة، متناسية كمّ الفساد الهائل المتراكم عبر السنوات الماضية، نتيجة تخبط الحكومة والمجلس في إدارة شؤون هذا البلد الصغير.
وحتى يرتاح ضميرها تبحث عن ضحية لإسكات الرأي العام، وتلقي أوزارها على أبنائها الخيرين، والقياديين الذين اختارتهم هي... نظرا لجهودهم الكبيرة.
ولتعلم الحكومة أن الشعب ليس بغافل عن هذا الفساد، والذي هو ثمرة تعاون السلطتين وتأصيل الفساد في كافة أوجه الدولة.
طوبى لقياديي الحكومة الذين اجتهدوا وضحوا بأوقاتهم الثمينة على حساب أهاليهم وصحتهم.
نأمل من حكومتنا الرشيدة أن ترأف بحال أبنائها المخلصين، وأن تحميهم من الفساد أولاً قبل أن تحاسبهم وألّا تتناسى ما يتعرض له هؤلاء القيادين - بعد أن تقيلهم أو تحيلهم إلى التقاعد - من صدمة نفسية وتشويه صورهم بين أبنائهم وأحبائهم وأصدقائهم.
كل الشكر لمن يعمل في منصب قيادي في الدولة.
وأجرهم عند الله يحتسب.

 Suhail8118@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي