يقول أحدهم: ما الدليل والبرهان على أن تربيتنا الحديثة لم تكن صحيحة؟ فأجابه آخر: الدليل هو الواقع الذي أفرزته تلك التربية! فالتخلف القيمي الذي تعاني منه المجتمعات على الصعيد المعنوي والمادي، هو المؤشر والمعيار الدقيق إلى أن هناك خللاً تربوياً كبيراً نعاني منه.
ولا يخفى على أحد منّا ان العلاقة بين الخلل التربوي والتخلف القيمي جدلية، حيث يؤدي التخلف ذاته إلى مزيد من إرباك التربية وسحب الثقة منها. ومن الواضح أن التربية العربية الإسلامية وقعت تحت ضغط تأثير الثقافة الغربية، ونظراً للتناقض التام بين النظرة الإسلامية والنظرة الغربية للتربية وأصولها، فإن كثيراً من الناس يحتار بين مطلب التربية العربية الإسلامية ومطلب استعارة واستيراد ما يتوافق من التربية الغربية مع قيمنا الأخلاقية، والمسلك الوسط دائما وأبداً يحتاج إلى نوع من الاجتهاد والأهلية التربوية، وهذا ما يفتقده كثيرون.
من خلال واقع المجتمعات المحزن انصرف كثير من الوالدين والمربين إلى التزود والتشبع بالتربية الغربية مع جهلهم بالتربية الإسلامية العربية، وجعلوا يعالجون كل القضايا التربوية من منظور غربي خالص، مما أوجد لدينا نوعا من الصراع التربوي على مستوى الوالدين والمربين، وأصبحوا عاجزين عن القيام بواجبهم في إذكاء القيم التربوية الإسلامية في كل شاردة وواردة في حياتهم، فكانت النتائج والمخرجات أجيال تتحلل من القيم الأخلاقية بشتى الأساليب والوسائل، تبدأ من عقوق الوالدين وتنتهي بنزع الحجاب ووصفه بأنه تراث تاريخي وليس واجبا شرعيا، إلى أن تمادوا وطعنوا في القرآن بادعائهم لا يوجد دليل قطعي أنه منزل من السماء!، ولماذا كل كتب التفاسير فسرها رجال؟! ألا توجد امرأة تفسر القرآن أو تشرح الحديث؟، وأغرقوا أنفسهم بطوفان من الشبهات التي تحلل الحرام، وتحرم الحلال، وترى المباح مكروها، والمكروه مباحا، انقلبت الموازين، وفقدنا القدرة على الحفاظ على خصوصيتنا التربوية كعرب ومسلمين، ودخلنا في أزمة تربوية قيدتنا بقيم تربوية غربية لا نعلم كيف السبيل للخروج منها.