No Script

ألوان

الحسناء...

No Image
تصغير
تكبير

شاهدت أخيراً فيلماً سينمائياً بريطانياً يحمل اسم «بيلي» أو«الحسناء» باللغة العربية، وقد تم الإنتاج بالولايات المتحدة الأميركية، والفيلم من إخراج اما اسانتي، وهي سمراء بريطانية، حاصلة على جائزة الاكاديمية البريطانية، ولها أفلام عدة منها «اوي اوف لايف» في عام 2004م، وفيلم «الحسناء» في عام 2013م، و«مملكة متحدة» في عام 2016م، و«وير هاند تاش» في عام 2018م، وقام بكتابة السيناريو ميسن ساجاي.
وبذلت المخرجة جهداً كبيراً في عملية اختيار فريق العمل لهذا الفيلم المميز، كونه يناقش فكرة الحرب الإنسانية من أجل منح العبيد المعاملة التي يستحقونها، وقد تم اختيار ممثلين موهوبين، وإن كانوا أقل شهرة، وبالتالي فإنهم يحصلون على أجور معقولة، إلا أنها فرصة كبيرة كي يثبتوا ويستعرضوا مواهبهم في صناعة فيلم سينمائي مميز، يناقش قضية الرق وعملية نقل العبيد من أفريقيا إلى أوروبا في القرن الثامن عشر، حيث تعود أحداث الفيلم المستوحى من لوحة تشكيلية رسمت في عام 1770م.
والفيلم من بطولة الممثلة البريطانية جوجو مباثا، التي درست التمثيل في الأكاديمية الملكية للفنون المسرحية، ولها أفلام سينمائية عدة... منها «ارتجاج في المخ» و«الجميلة والوحش» و«ولاية جونز الحرة»، إضافة إلى بعض المسلسلات، أبرزها مسلسل «المرأة السوداء»، وقد استطاعت أن تؤدي دورها بحرفية عالية، وكل من شاهد الفيلم يستشف الجهد المبذول من قبل المخرجة والممثلة، في عكس المشاعر التي كان يشعر بها العبيد في تلك الحقبة المهمة، والتي كانت تهان فيها إنسانيتهم، إلا أنهم لم يستسلموا لهذا الواقع، ومعهم مجموعة من البيض الذين لم يتخلوا عن إنسانيتهم.


وشارك في الفيلم ممثلون كثر، منهم الممثل الأسترالي سام ريد والممثلة الكندية سارة جادون، إضافة إلى مجموعة من الممثلين البريطانيين، أمثال توم فيلتون وماثيو جوود والممثل اندرو وودال واليكس جينينغز وجيمس نورتون وجيمس نورثكوت واميلي واتسون وميراندا ريتشاردسون وبينيلوبي ويلتون وناتاشا وليامز و سوزان براون، إضافة إلى النجم البريطاني توم ويلكينسون، الحاصل على جائزة البافتا في عام 1997م.
والفيلم - كما أسلفت - مستوحى من لوحة تعود الى عام 1770، حيث هناك صورة للشابة السمراء «ديدو» مع ابنة عمها البيضاء، وديدو مات والدها وتولى عمها رعايتها ثم اللورد كبير القضاة في إنكلترا، وهي لا تعرف إلا القليل عن والدها، إلا أنها تناضل ضد العنصرية ويساندها في ذلك النضال محام هو ابن قسيس، وقد تم تعيينه في وقت مهم من حديث الناس عن تعويض التجار، وعن محاكمة من ألقى بالعبيد في عرض البحر، وهم مقيدون، فقام مالك الباخرة بتقديم طلب التعويض عن خسارته، والتي تعرف بمذبحة «زونغ»، وهي معروفة في تاريخ بريطانيا، فكانت مادة مناسبة للفيلم.
ومن أهم ميزات الفيلم السيناريو، الذي كتب بحرفية عالية، خصوصاً عندما دار الحديث بين ديدو والمحامي، الذي تزوجها في ما بعد، حيث تشاركا في النضال من أجل إدانة مالك الباخرة. ولعل من الميزات الجميلة في الفيلم هو الطبيعة الخلابة للريف الانكليزي، والديكور الذي كان مناسباً لحقبة أحداث الفيلم، إضافة إلى الملابس والإضاءة والصوت، فقد كانت رائعة في إضافة بعد جمالي للفيلم.
وفي النهاية... وبعد تسارع الأحداث يحكم اللورد مانسفيلد في هذه القضية في محكمة انكلترا في عام 1786، بتوجيه اللوم إلى قبطان السفينة، كونه مر بأكثر من ميناء، ولم يتوقف للحصول على مياه وغذاء ودواء للعبيد، وأنه مسؤول عن موتهم، فكان هذا القرار التاريخي الخطوة الأولى التي تم ترسيخها في تاريخ بريطانيا القانوني والانساني لتحرير العبيد، والذي أدى إلى إلغاء قانون تجارة الرقيق لعام 1807. إن السينما البريطانية تثبت أنها - ورغم تفوق السينما الأميركية - قادرة على تقديم أفلام سينمائية راقية تنافس الإنتاج السينمائي في العالم.

* كاتب وفنان تشكيلي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي