No Script

أبعاد السطور

أديب الغربة والوطن!

تصغير
تكبير

غيّب الموت الأديب الكويتي وطناً وروحاً وقلباً وأدباً... ناصر الظفيري، الأربعاء الماضي، في مقر إقامته في كندا، بعد معاناة مع مرض السرطان، رحمه الله تعالى.
سأل أحدهم ناصر الظفيري في أحد المحافل الأدبية: نفسياً ما هو وقع الكلام عنك حينما يتم تعريفك بـ«روائي كويتي»؟ هل يكون عندك تأزم وتوتر؟ فرد قائلاً: «أنا ما عندي جنسية، بس أنا عندي وطن». وكان يقصد الكويت رحمه الله تعالى.
ولد الروائي والقاص ناصر الظفيري في مدينة الجهراء عام 1960، والتحق في دراسة المرحلة الإبتدائية في منطقة الصيهد في عام 1966/‏‏ 1967، ومن ثم واصل تعليمه المتوسط والثانوي في مدينة الجهراء. بعد تخرجه في الثانوية سنة 1978/‏‏ 1979، حاول دخول الجامعة ولأنه بلا جنسية لم يستطع ذلك، فاتجه نحو الحقل العسكري حيث انضم لسلاح الطيران الكويتي، وبعد ذلك بسنتين صدر قرار بالسماح للبدون بدخول الجامعة، فاتجه على الفور إلى كلية الهندسة عام 1982، وتخصص في الهندسة المدنية. في الجامعة أنشأ مع زملائه المهتمين «المجموعة الأدبية»، حيث اهتموا بالأنشطة والمواسم والمهرجانات الأدبية، وكذلك أثناء دراسته الجامعية تم تكليفه بتحرير صفحتين ثقافيتين في مجلة آفاق الجامعية تحت إشراف الدكتور عبدالله الغزالي.


وفي ذات العام 1982 بدأ الأديب ناصر الظفيري بنشر أول قصة قصيرة، وذلك في جريدة «الوطن»، ثم انطلق ينشر كتاباته في داخل الكويت وخارجها. في عام 1987 تخرج في كلية الهندسة، وعمل بعد ذلك في الأشغال العسكرية صباحاً، وفي المساء كان يعمل في جريدة «الوطن». في عام 1990 أصدر مجموعته القصصية الأولى «وليمة القمر»، في عام 1992، وأصدر روايته الأولى «عاشقة الثلج»، وفي عام 1993 أصدر على نطاق ضيّق باختياره مجموعته القصصية الثانية «أول الدم»، وفي عام 1995 أصدر روايته «سماء مقلوبة»، في عام 2001 شارك مع مجموعة من زملائه في إنشاء «ملتقى الثلاثاء» في مكتب الأديب الراحل إسماعيل فهد إسماعيل، وفي  العام  ذاته قرر الهجرة إلى كندا. في عام 2008 أصدر روايته (أغرار)، في عام 2013 أصدر روايته الصهد، في عام 2015 نشر روايته (كاليسكا) وفي عام 2018 أصدر روايته المسطر.
كان الراحل ناصر الظفيري مولعاً بحب الكويت، وانعكس حبها على فكره ونتاجه الأدبي، كيف لا وهو ابن الكويت البار، الذي ولد وترعرع وشب وكبر على أرضها حيث موطنه الأصلي وأهله وأحبابه وأصدقاؤه وأحلامه وأمنياته. ولقد كانت معاناته كـ«بدون» هي قضيته ومحور إبداعه.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 17 أبريل عام 2018 كنت على مقعدي في مسرح الدكتورة سعاد الصباح في رابطة الأدباء، في ليلة قرر أصدقاؤه وأحبابه وزملاؤه تكريمه والاحتفاء به، قام من أمامي الراحل متجهاً نحو المنصة ثم قال كلاماً لا يُنسى: «لقد أضعتم الكثير من العقول الجميلة ومن رجالكم المخلصين. عقول أنتم رعيتموها وأنفقتم عليها وتذكر لكم جميلكم ولا تجد طريقاً كي ترد هذا الجميل، أناس لم يعد لهم من طموح سوى العمل الكريم والمعاملة الطيبة. أعرف وتعرفون أنكم خلال نصف القرن الذي قاسموكم به ملحكم وخبزكم لم تجدوا منهم إلا الإخلاص في العمل والتفاني في الخدمة والحرص على مقومات الدولة. الآن أقول لكم: لا تفرطوا بطبيب ومهندس ومدرس وجندي وعامل ومزارع من نسيجكم، اختلطت دماؤه بدمائكم وعاش سرّاءكم وضرّاءكم، صاهركم وصاهرتموه. كم طفل من البدون يحمل علم الكويت في الغربة حين يحمل الأطفال أعلام بلدانهم في حفل الجاليات السنوي، كم رجل يعلّم أولاده أن وطنهم هو الكويت كي لا يخون تاريخه. وما كتبته خلال هذه الرحلة هو تاريخ هؤلاء البسطاء الذين أخلصوا لبلاد لم تخلص لهم. والآن لم يعد لي مطمع شخصي ولا لأولادي، ولكنني سأقاتل حتى آخر يوم في حياتي ليبقى هذا الأدب كويتيا».
ليت الذي قاله الأديب ناصر الظفيري، يُنقش على ضمير كل مسؤول كويتي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي