No Script

نفسياسي

عندما تقمع الأقليات بعضها البعض!

تصغير
تكبير

«أين ستذهب هذا المساء؟»
هذا ليس عنواناً لإعلان صحافي أو برنامج تلفزيوني، يخبر المشاهدين عن الأنشطة الترفيهية الموجودة في الدولة، للاختيار من بينها والاستمتاع بأجواء جميلة وودية، بل كان سؤالاً من صديقي قبل أيام في محادثة هاتفية عابرة...
أخبرته أنني أنوي الذهاب إلى النادي الصحي، حيث بدأت أهتم بشكل أكبر بوضعي الصحي والجسدي - باركولي!- ثم سأذهب لبعض الأصدقاء البهائيين لمشاهدة فيلم قصير عن حياة الشخصية الأهم في الديانة البهائية، السيد بهاء الله، وعن نشاط الديانة البهائية حول العالم مع شيء من التركيز على رسائل تلك الديانة وأهدافها...


ماذا... بهائيون؟؟!
قالها صديقي باستنكار واضح... أجبته... نعم... وما الضير في ذلك؟
قال صديقي هؤلاء... كفار... كيف ستذهب للالتقاء بهم وحضور نشاط كهذا؟!
لبرهة... توقفت كل خلايا التفكير في عقلي عن العمل من ذهولي من ردة فعل صديقي، فـ«أخونا الحبيب» حاله من حالي ينتمي لطائفة تعتبر أقلية في هذا الوطن كما في العالم الاسلامي كله، وعندما عادت مناطق الوعي في مخي للعمل أجبته... ألا تعلم أن هنالك من ينظر لك ولمذهبك الذي هو مذهبي أيضاً على أنه كفر وهرطقة... تماماً كما تنظر للبهائيين؟
أجاب صديقي... نعم.. ولكن من يكفرنا مخطئون.. فنحن نؤمن أننا على حق!
هكذا بكل بساطة اختزل صديقي وجهة نظره، وهو من علية القوم تعليماً - بالمناسبة - فبادرته بالسؤال... ألا تعتقد أن كل فئة وكل ديانة وكل مذهب يرى في نفسه ما ترى، فما أفضلية ومنطقية طرحك على غيرك؟
توقف صديقي لبرهة للتفكير في كلامي... ثم قال: لا... لا... اسمح لي... «شوي آراؤك too much»... وأصر على رأيه!
عموماً... لم تتغير خطتي لذلك المساء بسبب ردة فعل صديقي... والتقيت بأصدقائي فعلاً واستمتعنا بمشاهدة عمل فني جميل... ولكن رسالة هذا العمل كانت تتمحور في نظري حول تأكيد البهائيين على تقارب أفكارهم مع أفكار جميع البشر، ما يستلزم تقبلهم والتعايش معهم...
بعدها تم فتح باب النقاش... فنقلت لهم تجربتي مع صديقي، وقلت لهم: أعتقد أننا مللنا من محاولاتنا للتعايش بناء على تشابهنا المصطنع... فلماذا لا نكون أكثر جرأة على طرح الفكرة الصحيحة، وهي أصالة الاختلاف بيننا وضرورة قبول اختلافنا مصدراً لفخر واعتزاز وتعلم من بعضنا البعض... أما التعايش، فأساسه الاختلاف...
إن تشابه بصمات أيدينا هو أمر غير محتمل الوجود.. وكذلك أفكارنا وتوجهاتنا وشخصياتنا.. وأدياننا..
فلماذا لا نقبل حقيقة أن الله خلقنا هكذا... مختلفين!
وما زلت محتاراً في صديقي الذي يستخدم نفس منطق من يقمع أو يرفض مذهبه وتوجهاته الدينية مع الآخرين...
«لا... وأقليات حالهم حاله!»

alkhadhari@gmail.com
Twitter: @dralkhadhari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي