No Script

«المجتمع الوهمي» أصبح بديلاً عن الأهل والأقارب والأصدقاء... وأغرى بالخيانة!

وسائل التواصل تضرب العلاقات الاجتماعية والأسرية

No Image
تصغير
تكبير

غيّرت وسائل الاتصال الحديثة معالم كثيرة في حياتنا، سواء الاجتماعية او العملية والدراسية، ورغم إيجابياتها التي لاتعد، فقد حملت معها الكثير من المشكلات خاصة في الجانب الاجتماعي، حيث باتت تلعب دورا أساسيا في تكوين مدارك الانسان وثقافته، وتسهم في تشكيل القيم والأخلاق التي يتمسك بها ويتخذها كمقومات للسلوك الاجتماعي بما فيها علاقات الآباء بالأبناء. وافرزت التطورات التكنولوجية تفاعلات جديدة للعلاقات الاسرية، وادت الى تعزيز العزلة والتنافر بين افرادها وتلاشي قيم التواصل الاسري.
ويرجع السبب في انتشار هذه الظاهرة الى فقدان التفاعل والانسجام مع المجتمع الفعلي الذي يحيط بالفرد، واصبح هذا المجتمع الوهمي في وسائل التواصل عبر «تويتر» و«انستغرام» بديلا عن الأهل والأقارب والأصدقاء. وأدى قضاء الساعات الطويلة على برامج التواصل الاجتماعي لتغيرات واسعة في القيم الاجتماعية وتعزيز متزايد للقيم الفردية بدلا من القيم الاجتماعية، وأيضا الميل للوحدة وتقليل فرص التفاعل والنمو الاجتماعي الصحيح.
فقد طوقت وسائل التواصل الاجتماعي الأسرة بسور العزلة، كما أنها باتت من عوامل انتشار الطلاق وانهيار أسر كثيرة، وتزايدت أضرار الخيانة في المجتمع الكويتي تحديداً، حيث أغرت متزوجين ومتزوجات للبحث عن علاقات جديدة خارج الإطار الزوجي. وأصبحنا نسمع استغاثات وشكاوى مرة خصوصاً من جانب النساء، بسبب مكوث أزواجهن ساعات طويلة أمام شاشات الهواتف الذكية، بما يشبه الإدمان، فالمواطنة مريم (25 عاماً) المتزوجة منذ سنوات تقول «كنت اكتشف دائما حسابات جديدة لزوجي يسجلها ويضيف اليها خصوصاً فتيات لا أعرفهن، إلى أن وصل بي الأمر إلى الانفصال عنه، إذ إنني وجدت ما يصعب على أي زوجة أن تقبله».


وتذكر مريم أن تواصل زوجها مع طرف ثالث والحديث معه بشكل متكرر ومواعدته أمر ساهم في فتور العلاقة بينهما، لافتة إلى أنها رفضت الانفصال عن زوجها نظرا لوجود أربعة من الأولاد. وأضافت أن العلاقة بينهما أصبحت كابوسا، وأن زوجها مثل الضيف في البيت وعاد إلى سن المراهقة، رغم أنه الآن في الأربعين من عمره، كما أنه لم يعد يهتم ببيته وجل اهتمامه في البحث عن المتعة خارج البيت التي لم تقصر قط في إيجادها داخل المنزل.
ويروي الوافد (محمد)، احد المقيمين أن انشغال زوجته الدائم، زاد من شكوكه حولها. ويقول عن تجربته التي انتهت بالطلاق: «صارت غير مبالية بالتزامات البيت وحاجات الأبناء (...) أفسد العلاقة جلوسها ساعات طويلة على الإنترنت تتابع حسابها ولائحة الأصدقاء وردودهم على أحد مواقع التواصل».
والأمر لا يقتصر على الزوجين فقط بل إن برامج التواصل الاجتماعي أصبحت محور اهتمام الشباب وحتى الاطفال فتعلقوا بتويتر وفيس بوك وسناب شات أكثر من اهتمامهم بالعلاقات الانسانية الواقعية. واستبدل الأبناء تلك الوسائل بآبائهم، كمصدر للمعلومات وفقدوا الترابط الأسري والتصقوا بالحوار مع الغرباء لدرجة الشعور بالغربة على مستوى الاسرة الواحدة، واستخدام بعض التطبيقات التي تتيح للشخص تقمص شخصية وهمية تتيح له التفاعل مع مجتمع وهمي واصدقاء وهميين. في هذا الصدد، يقول (محمد ) البالغ من العمر (53 عاماً) وهو أب لأربعة أبناء، إنه غالباً ما يكون هناك فجوة بين الآباء والأبناء، وهذه الفجوة تُقدر بجيل، وأحياناً أكثر وفق فارق الاعمار وتحديداً جيل ما فوق سن الخمسين، يشعر بفجوة أكبر مع الأبناء، بسبب القفزة التكنولوجية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي لم يتسن لجيلي اللحاق بها بالوتيرة نفسها».
ومع مرور الوقت يكتسب الأطفال والشباب معلومات بعيدة كل البعد عن عاداتنا وتقاليدنا وافكارنا بما يؤثر على الروابط الاسرية، ويحدث صراع بين الاسرة وبين الفكر الذي يتبعه الاطفال والشباب حتى الازواج وتتسع الفجوة بينهم وتتباعد الافكار وتتصارع الاجيال. ولذلك يجب على كل ام واب أن يكون هناك نوع من الرقابة للأبناء حتى لا يقوموا بسلوكيات سيئة، كذلك يجب الا نغفل دور المدرسة في التوجيه والتوعية والإرشاد، فضلا عن الدور الرسمي في حملات توعية شاملة حول وسائل التواصل الاجتماعي وكيفية استخدامها بالشكل الصحيح.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي