No Script

انطلقت فعالياته في مكتبة الكويت الوطنية

مخيم «براحة»... مُبدعون يكتبون «تحت الضوء»

تصغير
تكبير

انتقل مخيم «براحة» من مجرد فكرة اعتملت في ذهن الزميل الكاتب محمد العطوان، إلى رؤية حقيقية على أرض الواقع، كي تنطلق فعالياته، صباح أول من أمس، بهمة ونشاط شديدين، من مكتبة الكويت الوطنية، برعاية وتنظيم الهيئة العامة للشباب والرياضة، وبالتعاون مع شركاء يحملون الهم الثقافي والمعرفي نفسه... وزارة الدولة لشؤون الشباب، مكتبة آفاق، مكتبة صوفية، مكتبة دار نوفا، جريدة «الراي».
ففي إحدى قاعات مكتبة الكويت الوطنية، عمد الشباب المشارك في المخيم - بناء على اتفاق مسبق مع المنظمين - إلى التخلص من منظومة ورش العمل التقليدية، والدورات التدريبية المعتادة، والتحرر من قيود الإنصات إلى الشرح، وتحضير الدفاتر التي تدون عليها الملاحظات، وطرح الأسئلة انتظاراً للإجابة عنها من المعلم أو المدرب أو الأستاذ، وتجميع المعلومات من مصادرها وغيرها... والحضور فقط بالذهن والمشاعر من أجل أن تكون الرؤية واحدة موحدة في مسألة تتوزع بين الإبداع الفطري الذي يخرج من الوجدان من دون تنظيم أو ترتيب، والرغبة الملحة للكتابة بأي شكل كان... قصة، رواية، مقال، نص مسرحي، خاطرة.
إنه المخيم الذي يطمح إلى تأسيس نخبة من الكتاب الشباب يستطيعون أن يكونوا حلماً، في زمن عز فيه الحلم... أن يكتبوا «تحت الضوء»، وفي مناطق تتشابك فيها الرؤى، وتتعانق الآمال، وتتسع المسافات في تقارب وابتعاد.
خلية نحل... شكلها الشباب الطامح إلى أن تكون رؤيته للعالم منفتحة من دون قيود أو شروط، وهو انفتاح يتجه بشدة إلى الحلم في تقديم المزيد من الإبداع الحقيقي، الذي يخدم الحياة في مسيرتها نحو الجمال، البعيد - أشد البعد - عن الابتذال والفوضى، وكتابة أي شيء... في أي شيء، إنهم يريدون من خلال انضمامهم إلى المخيم، أن يكون إدراكهم بالمسؤولية أكثر دقة وقيمة، إنهم يطمحون إلى مستقبل لهم ولبلدهم الكويت... تكون ملامحه أكثر توهجاً وجاذبية، من خلال إبداع ينتصر للحقيقة، ويكشف عن النور الذي يختبئ خلف ضباب التسطيح واستسهال الكتابة من دون التمكن من أدواتها، ومن ثم التصدي لأولئك الذين يريدون النيل من الجمال بقبيح ما يكتبون.
الكل هنا في المخيم يعمل، يقرأ، يتابع، يفكر، ينتظر دوره في التعبير عن نفسه، يمثل أدواراً في قصة مقترحة، يتناغم مع واقعه بكثير من الخيال، يضع وقته الراهن جانباً ويجري إلى المستقبل، أو ربما ينسرب إلى الماضي... هنا في المخيم، مسألة التعلم والتعليم والتلقين والشرح والتبسيط والتدوين، غير موجودة البتة، فقط أنت بذهنك المتقد تتابع وترصد وتفكر وتبدع.
الوعي بالذات وما فيه من مبادئ كثيرة، هو الأساس الذي وضع عليه المخيم أهدافه، التي تعد منطلقاً لعملية الكتابة، بإشاراتها ودلالاتها المختلفة، وتعزيز المهارات الفردية، والانطلاق من وعي جماعي عبر كتابة سرديةٍ إلى رحابة الذات الجماعية، ومن ثم التداعي الحر... والإحاطة بالبيئات الكتابية، التي مصدرها الذات والوعي، وتنظيمها من خلال الانصات واللغة الرشيقة المنحوتة من فضاء الجمال، واتخاذ القرار عند الكاتب على اعتبار أن الكلمات ميسرة للفعل الاجتماعي.
والمخيم تأسس في رؤيته الشاملة على مبادئ عمل، أساسها أن المشاركين هم من يصنعون الحكاية، على أساس أن قيمة كل امرئ في ما يحسن صنعه، وحُسن البدايات - الاستعداد - والانفتاح على كل الآراء والمعارف المتراكمة، والاختلاف.
إن الأفكار تتشكل عبر فعاليات المخيم المغايرة... من نحن، وعينا عن ذاتنا، سيرة تنموية حياتية، التعارف والائتلاف، الشخصيات والمكان والزمان والسياق والحوار وفلسفة الرؤية، فرضية الرواية والتي تبدأ بماذا لو؟... كي ينتج التداعي الحر، وأصبح هم الكتاب بعد كتابة الجملة الأولى... لماذا أكتب ولمن وما هي الرسالة، وكيف سأعبر عنها وهل عبرت بالطريقة المناسبة؟
ويطمح المخيم إلى الخروج بعشرات الأقلام الواعدة، تلك التي تتمكن من دخول عالم الكتابة، بأدوات فنية وأدبية وإنسانية وحياتية مغايرة، تساهم في تحريك الماء الراكد، والالتقاء مع الحلم في منطقة مضيئة.
فالمنهج الذي يتبعه مخيم «براحة»، يعتمد أساساً على كسر حدة التقليد، من خلال الولوج إلى عوالم أكثر رحابة وفسحة للنفس المبدعة، فلا وجود لمعلم أو متعلم، فهناك فقط إشارات، مغامرات إبداعية لاستكشاف الغموض وفك طلاسم الأسرار، والوقوف على أرض صلبة، والتيسير، وبناء تصور للمفاهيم حول الكتابة كعمل تنموي، باستخدام مجموعة من المحاور النقاشية وإسقاطها على الكتابة والمهارات، ولعب أدوار والبناء على ما سيتم تنفيذه بشكل تراكمي، ومن ثم العمل من المجهول إلى المعلوم والعكس، ومن العام إلى الخاص والعكس.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي