No Script

الجبري نعى أحد ذوي الأيادي البيضاء التي جعلت الإعلام والثقافة الكويتية أكثر تأثيراً

سعدون الجاسم... غادر الدنيا ببصمات نهضة إعلامية كويتية

تصغير
تكبير
  • الراحل ارتبط بالعصر الذهبي للإعلام الكويتي وحقق معه قفزات عديدة 
  • أحد المساهمين بدور فاعل في رحلة الإعلام في مرحلة بعد الاستقلال 
  • عمل على النهوض بالكوادر الإعلامية الوطنية وتأهيلها 
  • أسهم في إنشاء ورعاية البث التجريبي لتلفزيون الكويت وتأهيل كوادره وتوفير الأجهزة   
  • شغل عضوية مجالس «البترول» و«الهلال الاحمر» و«المعاقين»  وأنشأ جمعية البيئة 
  • حصل على وسام الملك عبدالعزيز  من الدرجة الأولى ووسام الجمهورية  اللبنانية بدرجة ضابط

عن عمر ناهز 87 عاماً، غيّب الموت وكيل وزارة الاعلام الأسبق سعدون محمد الجاسم، حيث ووري جثمانه الثرى أمس في مقبرة الصليبيخات، بحضور لافت لرجالات الكويت والأهل والأصدقاء، تاركاً وراءه بنات أفكار مبدعة، وإسهامات واضحة في نهضة الكويت الإعلامية.
ونعى وزير الاعلام وزير الدولة لشؤون الشباب محمد الجبري الراحل الجاسم، مشيراً إلى أنه كان أحد أعمدة الإعلام والثقافة خلال القرن الماضي.
وقال الجبري، في بيان، ان الاسرة الاعلامية والثقافية الكويتية فقدت أحد قاماتها وأعمدتها وروادها، خلال مسيرة النهضة الحضارية، بما كان يمثله المغفور له من فكر ثقافي ووطني وضع الكويت على خريطة الاعلام العربي المؤثر.


وأضاف ان فترة دراسة الفقيد في الكويت وبيروت والقاهرة، ساهمت بشكل مميز في صقل أفكاره الاعلامية والثقافية وتوجهاته الوطنية، مما انعكس إيجاباً على تطور مسيرة الاعلام الكويتي.
واعتبر أن الراحل من الايادي البيضاء التي جعلت الاعلام والثقافة الكويتية أكثر تأثيراً وتفاعلاً مع المحيط الخليجي والعربي، من خلال وضع الهيكل التنظيمي للوزارة، مروراً بتطوير البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي تخدم التنمية في البلاد.
وأوضح أن للراحل دور كبير في تطوير مجلة «العربي» التي مازالت تعد أحد أهم روافد الثقافية العربية، اضافة الى إسهاماته العديدة في مجالات إعلامية شتى.
وأعرب الجبري عن بالغ مواساته للأسرة الاعلامية والفنية والثقافية التي فقدت برحيله أحد فرسانها البررة، داعيا المولى عزل وجل أن يلهم أهله الصبر والسلوان.
وكان الراحل أول وكيل لوزارة الاعلام «وكيل وزارة الارشاد والانباء» بين العامين 1965 و1981، وبعد تركه العمل الحكومي لم يألُ جهداً في دعم الشباب، فكان ذاك القلب الحاني على الكويت والساعي لتقديم كل ما لديه من خبرات لدعم شبابها، فكانت له مشاركات وإسهامات كبيرة في تعزيز دور الشباب في المجال الاعلامي.
وارتبط اسم المغفور له، بإذن الله تعالى، سعدون الجاسم بالعصر الذهبي للاعلام الكويتي في فترة الستينيات والسبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي، وهي الفترة التي شهدت نهضة الكويت وتحقيقها للعديد من القفزات في كل المجالات، وتألق الأداء في وزارة الإعلام التي سبقت منطقة الخليج العربي، فقد قاد الجاسم فريق عمل متميز من قيادات ومهندسين ومبدعين في مجالات إعلامية عدة، وقد نجح في تحويل وزارة الاعلام إلى خلية نحل تعمل بشكل منسجم مع حماسة الشباب الكويتي للابداع، ومعه كفاءات من مختلف البلدان العربية ساهمت في تميز الاعلام الكويتي.
وكان الجاسم ركناً بارزاً من أركان الاعلام بالكويت على مدى 23 عاماً، وأحد الذين ساهموا بدور فاعل ومهم في وضع القواعد الأولى لرحلة الاعلام الكويتي في مرحلة ما بعد الاستقلال.
ولد الجاسم في العام 1933 في فريج القناعات، وبدأ مسيرته الدراسية في مدرسة زكريا ومدرسة حمادة، وانتقل بعدها إلى المدرسة المباركية العام 1942، وأتم دراسته الابتدائية ثم الثانوية العام 1951، وأرسل بعد تخرجه في بعثة دراسية الى الجامعة الأميركية في بيروت، أمضى فيها سنتين، ثم انتقل الى الجامعة الأميركية في القاهرة، وتخرج فيها العام 1956 بشهادة بكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية.
وبدأ العمل في دائرة المطبوعات والنشر العام 1957 كرئيس للقسم الصحافي، وتدرج في العمل الاعلامي والاداري في وزارة الاعلام، متدرجاً من معاون مدير للشؤون الصحافية، ثم مديراً للشؤون الادارية والمالية، ثم وكيلا مساعدا للشؤون الادارية والمالية، ثم وكيلاً للوزارة في يناير 1965 وحتى يوليو 1981، وقضى فترة طويلة وكيلا للوزارة تجاوزت 16 عاما عمل خلالها على النهوض بالكوادر الاعلامية الكويتية وعمل على تدريبهم في دورات داخل وخارج الكويت.
ترأس الجاسم وفود الكويت في جميع مؤتمرات وزارة الاعلام لدول الخليج العربي، وساهم مساهمة فعالة في انشاء المشاريع التي نتجت عنها، ومنها وكالة انباء الخليج في البحرين ومؤسسة الانتاج البرامجي المشترك في الكويت، وجهاز تلفزيون الخليج في السعودية، ومركز التراث الشعبي لدول الخليج في قطر، كما ساهم في قيام اتحاد اذاعات الدول العربية في الجامعة العربية، حيث كانت الكويت من الدول المؤسسة لهذا الاتحاد. كما ساهم في دعم كبير لمجلة العربي، وفي انشاء معهد المسرح ومعهد الموسيقى والمعهد العالي للموسيقى وأسهم في انشاء ورعاية البث التجريبي لتلفزيون الكويت في عام 1961 وتأهيل الكوادر البشرية وتوفير الاجهزة الفنية والادارية له.
ومن أعمال الجاسم خارج نطاق الاعلام، كان عضواً في مجلس إدارة شركة البترول الوطنية لمدة 11 عاماً، وعضو في مجلس إدارة جمعية الهلال الاحمر الكويتي، إلى جانب عضويته في مجلس إدارة جمعية المعوقين الكويتية، وأنشأ مع عدد من الشخصيات جمعية البيئة الكويتية، وحصل على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الاولى من المملكة العربية السعودية، كما حصل كذلك على وسام الجمهورية اللبنانية بدرجة ضابط.
وفي أحد مقالاته المنشورة في «الراي»، ذكر الكاتب عادل فهد المشعل عدداً من مناقب الجاسم، وقال إن «من الامور المهمة التي يجب أن نذكرها في حق سعدون الجاسم انه، ورغم مشاغله الكثيرة عندما كان وكيلا للاعلام، فإنه يتبع سياسة الباب المفتوح، فمقابلته لأي أمر كان متاحاً وليس صعباً، كما انه يجيد فن الاستماع للآخر ويساهم في وضع الحلول للمشاكل في العمل، حيث كان مستمراً في العمل بمكتبه في النهار وفي المساء، وهذا ما اكده لي أكثر من موظف سابق في وزارة الاعلام عملوا في الفترة التي كان سعدون الجاسم وكيلا للاعلام».
وأضاف المشعل «وهناك أمر آخر يخفى على الكثير من الناس، ألا وهو انه كان يعمل على تشجيع الشباب الكويتي وبصورة كبيرة، ولقد كان وراء تفرغ الكثير من الفنانين التشكيليين الكويتيين الشباب الذين أصبحوا أشهر الرسامين والنحاتين في الكويت، وبات للكثير منهم حضور فني متميز خارج الكويت، وهذا فضل كبير من قبل مسؤول على أبنائه المبدعين، لأن عملية تفرغ الفنان تشكل نقلة نوعية في الاداء الاداري لأي دولة. وقد استفادت بعض دول الخليج من تجربة الكويت في عملية تفرغ الفنانين والادباء ما انعكس ايجابا على انتاجهم الابداعي».
ولفت المشعل في مقاله إلى ان «للجاسم مناقب عدة أثناء عمله فقد كان رئيس لجنة جائزة الدولة التقديرية والتشجيعية، كما انه ترأس وفد الكويت في مهام كثيرة خارجها وله دور فاعل في تفعيل مشاركات المعهد العالي للفنون المسرحية والمعهد العالي للفنون الموسيقية وظل يعمل في خدمة بلده الكويت الى ان تقدم للتقاعد في مطلع الثمانينات بعد رحلة عطاء لاكثر من ربع قرن من الزمن في مسيرة الاعلام الكويتي، الذي حقق في تلك الفترة سلسلة طويلة من النجاحات إدارياً وفنياً».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي