No Script

قاطيشا وحطيط أكدا لـ «الراي» أن لبنان ليس بيئة تنتج إرهابيين وأن الغرب لم يقرر بعد محاربة الإرهاب

«داعش» يشن حرباً عالمية ... وشعوب العالم تخوض ضده حرباً كونية

تصغير
تكبير
قاطيشا: عملية برج البراجنة أطلقت الإنذار وبإمكاننا المفاخرة بأن لا بيئة في لبنان تُنتِج إرهابيين

حطيط: قرارٌ من «داعش» للقيام بعمليات إجرامية لكن تفجير الوضع اللبناني يفوق قدراته
تَعدَّدت الساحات والإرهاب واحد، أزهق أرواح 43 شخصاً في بيروت وما يفوق 120 في باريس، وقبْلهما في «الجو» فوق سيناء مع تفجير الطائرة الروسية وسقوط أكثر من 220 شخصاً كانوا على متنها.

وبينما تنهمك كل من العاصمتين اللبنانية والفرنسية بلمْلمة الجراح، تتسع رقعة الخوف والرعب، مع توعّد تنظيم «داعش»، الذي تبنى عملية التفجير المزدوج في برج البراجنة والاعتداءات في باريس واستهداف الطائرة الروسية، الدول التي تشنّ ضربات جوية في سورية، بأنها ستلقى مصير فرنسا ذاته، وبضرب واشنطن تحديداً.

«الراي»، وفي ضوء الوضع المحلي ولا سيما مع تحذير وزير الداخلية نهاد المشنوق من وجود «قرار كبير بالتفجير»، والتطورات الإقليمية والدولية وسط تهديدات «داعش» المستمرة، تقرأ في هذه الأحداث مع الخبيريْن العسكرييْن العميد المتقاعد وهبي قاطيشا (مستشار رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع) والعميد المتقاعد أمين حطيط (قريب من حزب الله)،حيث أعلن العميد قاطيشا «أن الإرهاب يخوض اليوم حرباً عالمية، وكل شعوب العالم تخوض بدورها حرباً كونية ضده»، لافتاً إلى «أن هذه الحرب لا تتقيّد بجغرافيا، ولا بوحدات عسكرية، إنها فكر متفلّت وإرهابي».

ورأى قاطيشا في حديثه لـ«الراي» ان «بيروت وباريس والطائرة الروسية في شرم الشيخ كلها عمليات تصبّ في الخانة نفسها فمعمل الإرهاب هو فوق الأرض السورية ويتم التصدير إلى الخارج»، معتبراً في ضوء كشْف الشبكة المخطِّطة والمنفذة والمموّلة لتفجيريْ برج البراجنة «ان الأمن في لبنان بات متجذراً في ثقافتنا، ناهيك عن أن الساحة اللبنانية ضيّقة»، ومعلناً «بإمكاننا أن نفاخر بأن لا بيئة في لبنان تُنتِج إرهابيين».

ويرى قطيشا أن «القوى الأمنية حققت نجاحاً بالطبع، لأن ما حدث في برج البراجنة كان سبقه بالتأكيد كثير من المحاولات التي ضبطتها قوى الأمن من جيش ومخابرات جيش أو شعبة المعلومات، لكن لا يتم الإعلان عنها. ففي عالم المخابرات والمعلومات لا يتم إعلان هذه الأمور كي يتم استدراج (الإرهابيين) الآخرين وإلقاء القبض عليهم، مشيراً إلى أن الإرهاب يتسلل حتى في أكثر الدول صرامة في الأمن، وهو تسلّل هذه المرّة ونجح، ولكن أعتقد أن الأجهزة الأمنية جنّبتنا قبلها الكثير من الويلات، ونأمل أن تبقى على هذه الهِمة والنشاط كي تجنّبنا أي كوارث أخرى لا سمح الله».

وأضاف قطيشا أن «الإرهاب يخوض اليوم حرباً عالمية، وكل شعوب العالم تخوض بدورها حرباً كونية ضد هذا الإرهاب. وما يميّز هذه الحرب ـ التي أعتبرها شاملة ـ أنها لا تتقيّد بجغرافيا، ولا بوحدات عسكرية؛ إنها فكر متفلّت وإرهابي، وكل شعوب العالم تخوض هذه الحرب ضد أشباح قد يكونون إلى جانبك في مقهى أو مطعم ويُقْدِموا خلال دقائق على تنفيذ عملية انتحارية. لذلك فإن هذه الحرب تتطلب وقتاً لتنتهي وهي مفتوحة وشاملة لكل دول العالم وضد كل شعوب العالم. فالإرهابيون (لا يوفّرون أحداً) وهم يستهدفون الأبرياء».

وزاد قطيفا «بيروت وباريس والطائرة الروسية في شرم الشيخ، كل هذه العمليات تصبّ في الخانة نفسها. فمعمل الإرهاب هو فوق الأرض السورية ويتم التصدير إلى الخارج»، لافتاً إلى أن «المواطنين السوريين الأبرياء غير مسؤولين عن هذا الأمر بالتأكيد، إنما هذا النظام الذي لم يتمكن من السيطرة على سورية، وكان له الفضل الأكبر في إطلاق هؤلاء (الدواعش) من سجونه».

وعن قناعته بأن لبنان نجح في لجم عمليات التفجير بالسيارات المفخخة على مدى نحو عام ونصف العام، وأنه اتخذ تكتيكات معيّنة يفترض اتباعها لتفادي عمليات انتحارية مماثلة لما جرى في برج البراجنة، قال قطيفا إن «التكتيكات هي الأمن الاستباقي، فهو الأهمّ في مكافحة هذه العمليات الانتحارية، لذلك المطلوب أن يسهر الأمن جيداً. ومن الناحية السياسية، على اللبنانيين الاتفاق على موقف موحّد تجاه الأزمة السورية، إذ ما داموا غير متفقين على مثل هذا الموقف ستظل ساحتنا اللبنانية مهدَّدة. أما إذا اتفقوا على موقف موحد كالنأي بالنفس، فأعتقد أن مسألة تحصين الساحة اللبنانية ستصبح حينها أسهل».

وعن قرأته لكلام وزير الداخلية نهاد المشنوق عن وجود قرار كبير بالتفجير شدد قطيفا على أن «قرار الإرهابيين بالتفجير لم يتوقف. هم يحاولون التسلل من هنا وهناك بصورة دائمة، وقد دخلوا ربما عندما وجدوا ثغرة ما. ولكن قرار التفجير دائم عندهم، لأن هذه الحرب لا تتوقف وإن مررنا خلالها بمحطات هادئة ومستقرة، فذلك قد يكون مردّه إلى أن الإرهابيين محاصَرون في مكان ما وغير قادرين على المبادرة. في حين أن نيتهم بالتفجير لا تتوقف لا بالأمس ولا اليوم ولا غداً».

وعن رأيه فيما أبداه الوزير المشنوق من احتمال حصول عمليات أخرى في المستقبل لفت قطيفا إلى أن «الحد من هذا الاحتمال هو بوعي الأجهزة الأمنية في لبنان. وعملية برج البراجنة أطلقت الإنذار، وقد شاهدنا كيف تَكثّف عمل الأجهزة الأمنية على كثير من الغرباء العاملين في لبنان سواء في ورش البناء أم المحطات (الوقود) كي يتمكنوا من اكتشاف الإرهابيين قبل تنفيذ أي عمليات تفجير».

مضيفا أن «الأمن في لبنان بات متجذراً في ثقافتنا، ناهيك عن أن الساحة اللبنانية ضيّقة. وبإمكاننا أن نفاخر بأن لا بيئة في لبنان تُنتِج إرهابيين، فكل الذين نفذوا العمّليات الانتحارية في لبنان هم من (برّا) أي ليسوا لبنانيين ومن جنسيات أجنبية. في حين أن مَن نفذوا العمليات الإرهابية في فرنسا غالبيتهم من الفرنسيين وإن تعاون معهم أجانب، ما يعني أن تلك البيئة تهيّئ اتجاه الشباب نحو الإرهاب. لحسن الحظ، أن الشعب اللبناني يؤمن بالحرية والديموقراطية، ولا سيما إخواننا من الطائفة السنية الكريمة، الذين يحسب الإرهابيين أنفسهم عليهم. لذا من الصعب أن يجد الإرهاب بيئة حاضنة له في لبنان».

وختم قطيفا بالقول «علينا استخلاص العِبر بتحييد أنفسنا كلبنانيين، وهذا يكون بالدرجة الاولى سياسياً عبر ضبط حدودنا ومراقبة ساحتنا، فهذا الأمر يساعد كثيراً في تأمين الاستقرار في لبنان؛ الاستقرار الأمني، والسياسي والاقتصادي».

من جانبه حاذَر العميد المتقاعد أمين حطيط من إطلاق عبارة أن الحرب العالمية على الإرهاب بدأت، لأن الغرب لم يقرر فعلياً حتى الآن محاربة الإرهاب. فهو ما زال يستثمر بالإرهاب. وعندما يتخذ قراراً صريحاً وجدياً في محاربته عندها نقول إن الحرب العالمية على الإرهاب بدأت. لكن حتى الآن الغرب لم يقرر الحرب على الإرهاب، وهو ما زال يريد ضبطه واحتواءه، مشدداً على أن (داعش) لا يمكنه شنّ حرب عالمية؛ بإمكانه شن حرب شاملة على العالم. في حين أن عبارة الحرب العالمية لها صلة بالأطراف وبالساحات، وفريق واحد لا يمكنه شنّ حرب عالمية.

ولفت حطيط إلى «أن هناك قراراً من (داعش) بالقيام بعمليات إجرامية، لكن مثل هذا التنظيم لا يستطيع كائن ما كان حجمه تفجير الوضع الأمني في لبنان بشكل عام، لأن هذا بحاجة لأكثر من قدراته»، مشيراً إلى أن «عنصرا إيجابيا في أعقاب تفجيريْ برج البراجنة تَمثّل في ان اللبنانيين أظهروا مناعة في مواجهة الفتنة التي يريدها الإرهاب، ومعتبراً أن لبنان مستهدَف من المجموعات الإرهابية لأكثر من سبب، وهذا ما يستدعي الحذر والترقب لمواجهة الإرهاب وعدم الاكتفاء بالعمليات العلاجية، بل الذهاب أبعد للقيام بعمليات استباقية ووقائية».

وشدد حطيط على أن «العمل الأمني هو دائماً عمل متواصل ويستهدف الجريمة في كل مراحلها؛ أثناء التحضير وأثناء التنفيذ وبعد التنفيذ. ففي التحضير يكون العمل بحثياً استباقياً، وفي التنفيذ يكون عملاً للعرقلة ومنْع وقوع الجريمة. وبعد الجريمة يكون العمل علاجياً بالعقاب. والأجهزة الأمنية تعمل في المراحل الثلاثة وفق ظروف كل حالة وظروف البلد والمنطقة بشكل عام، وهي في هذه المرحلة أو تلك تعمل بحسب ما تتيحه الظروف. لذلك فإن نجاح فرع المعلومات في كشف الشبكة المنفذة بعد التنفيذ هو نجاح في المرحلة الثالثة أي أنه كشف علاجي للعقاب».

مضيفاً «هناك أجهزة أمنية أخرى كان نجاحها قبل التنفيذ، كما فعلت مديرية المخابرات والأمن العام، وبالتالي نحن ننظر إلى كل مرحلة على حدة ونحدّد مدى النجاح في كل مرحلة. اليوم نجح فرع المعلومات في الكشف عن الجريمة بعد التنفيذ، وهناك أجهزة كشفت الجرائم قبل التنفيذ، وهذا الأمر أهمّ. وبالتالي عمل الأجهزة التكاملي مهمّ، ويُنَوَّه بعمل الأجهزة الأمنية اللبنانية التي تتمكن من الكشف سواء في المرحلة الأولى أو الثانية أو الثالثة».

وعن نقاط الشَبه بين عمليتي بيروت وباريس، أفاد حطيط أن أوجه الشبه موجودة؛ الوجه الأول هو أن المنفذ (داعش) هنا وهناك، أما الوجه الثاني فهو وسيلة التنفيذ الأحزمة الناسفة في بيروت، والرشاشات والأحزمة الناسفة في باريس، الوجه الثالث تَعدُّد المنفذين: في بيروت من شخصين إلى خمسة وفي باريس من سبعة إلى عشرة، وعن حجم الشهداء والضحايا الذين سقطوا ففي باريس الحجم مضاعف عما سقط في بيروت، لأن حجم الشبكة التي نفذت في باريس أكبر من تلك التي ضربت في بيروت.

وعن رأيه في إمكانية وجود تكتيكات محدَّدة ينبغي اعتمادها لتفادي تكرار عملية برج البراجنة قال حطيط إن «العمل الأمني محكوم بالخبرة واكتشاف الثغر والوسائل. الدولة اللبنانية، بأجهزتها خلال الاعوام العشرة الماضية، راكمت على الخبرات التي حققتها خلال الأعوام الثلاثين الماضية، لأن مديرية المخابرات اللبنانية برعت في تفكيك الشبكات الإرهابية والتجسسية ولا سيما في الفترة ما بين 1990 و2000، وكانت مديرية المخابرات تعمل تقريباً وحدها في هذا المجال. وبعد 2005 انضم إلى مديرية المخابرات فرع المعلومات، الذي حقق بعض الإنجازات التي لا بأس بها. وفي أعقاب 2014 انضمّ إليهم (الأمن العام)، وهو يخطو الآن خطوات واسعة أكثر بكثير من المتوقّع. واليوم يُعتبر ما يحققه الأمن العام من إنجازات يوازي إنجازات الأجهزة الأخرى رغم ضعف الإمكانات. وبالتالي لدى الدولة اللبنانية ثلاثة أجهزة عاملة بشكل جدي في محاربة الإرهاب وتملك الخبرات ولديها القرار بالعمل».

وعن قراءته في كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق عن وجود «قرار كبير بالتفجير» أفاد حطيط إن «هذا الكلام لم أجده في مكانه، فهناك قرار من (داعش) للقيام بعمليات إجرامية، أما تفجير الوضع اللبناني، فإن تنظيم كـ(داعش) لا يستطيع كائن ما كان حجمه تفجير الوضع الأمني في لبنان بشكل عام، لأن هذا بحاجة لأكثر من قدرات تنظيم».

وفيما إذا كانت عملية برج البراجنة ستكون العملية الإرهابية الأخيرة، قال حطيط «في العمل الأمني لا نقول إن هناك إمكانية على الإطلاق لأي دولة، مهما بلغت قدراتها الأمنية، أن تصل إلى درجة الإحكام المطلق للمنظومة الأمنية وأن تتمكن من منع الجريمة بشكل مطلق. من الممكن أن تحدّ منها كما حصل في الضاحية خلال نحو 16 شهراً، ولكن الوصول إلى المنْع المطلق للعمليات الإرهابية، فلا لبنان ولا غير لبنان بإمكانه فعله. والدليل أن الولايات المتحدة لم تتمكن من منْع أحداث 11 سبتمبر وفرنسا لم تمنع 13 نوفمبر، لكن يجب التأكيد على أن الأجهزة الأمنية حققت إنجازاً يُسجل في أحرف مضيئة لمصلحتها، والأمن الفرنسي حقق بعد الجريمة إنجازاً وباتت غالبية خيوط الشبكة المخطِّطة والمنفذة في يده، فالأجهزة في البلدين سجّلت نجاحات بعد التنفيذ».

مشدداً على أنه يوجد أربعة عناصر لا بد من الإشارة إليها في هذا المجال، وهي أن لبنان مستهدَف من المجموعات الإرهابية لأكثر من سبب، وهذا ما يلقي على عاتق لبنان مسؤولية الحذر والترقب لمواجهة الإرهاب وعدم الاكتفاء بالعمليات العلاجية، بل الذهاب أبعد للقيام بعمليات استباقية ووقائية.

ثانياً أن المخطط الإرهابي الذي يستهدف لبنان هو مخطط إرهابي فتنوي، والدليل ما حصل في تفجير برج البراجنة من محاولة تسعير الفتنة بين اللبنانيين والفلسطينيين وبين اللبنانيين والسوريين وبين السنّة والشيعة.

ثالثاً، وهو عنصر إيجابي تمثّل في أن اللبنانيين لديهم مناعة في مواجهة الفتنة التي يريدها الإرهاب، وكانت مواقف اللبنانيين الأخيرة من مختلف المشارب والمذاهب والمواقع مشجّعة ومندفعة لتدين الإرهاب.

رابعاً الإرهاب يشنّ حرباً مفتوحة على لبنان، وهذه الحرب تلقي مسؤولية على الجميع لا يمكن أن يتنصل منها أحد، ولا يمكن أن يبتدع أحد تبريرات لهذه الحرب وتحميل هذا الطرف أو ذاك مسؤولية مثل هذه الحرب. فالإرهاب هو وحش ربّته المخابرات الغربية ثم أفلت من يدها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي